بيني غانتز

حققت القائمة العربية نجاحاً وأصبحت القوة الثالثة بالكنيست الإسرائيلي.. هل مشاركتها في تشكيل الحكومة أمر سهل؟

عدنان أبو عامر- عربي بوست

كان الصعود اللافت للقائمة العربية المشتركة من أبرز النتائج المفاجئة بالانتخابات الإسرائيلية في دورتها الثانية والتي جرت يوم الثلاثاء 17 سبتمبر/أيلول 2019، بعد حصولها على 13 مقعداً، وفق آخر فرز للأصوات صباح الخميس 19 سبتمبر/أيلول.

وكانت القائمة العربية حصلت في انتخابات أبريل/نيسان 2019، على 10 مقاعد فقط، وهو ما يعني أن ارتفاع أعداد مقاعدها في الانتخابات الأخيرة يعطيها هامشاً كبيراً للمناورة أمام بقية الكتل البرلمانية الإسرائيلية، سواء بحجب الثقة أمام أي حكومة يمينية، أو منحها لحكومة تجمع الوسط واليسار، من باب أقل الشرور.

وبحسب النتائج الجديدة فقد أصبحت القائمة الغربية ثالث قوى فاعلة داخل الكنيست الإسرائيلي الجديد.

توحُّد وإقبال عربي كبير

وأظهرت معطيات لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية أن نسبة التصويت العربي في إسرائيل، بلغت 59%، بارتفاع 10% عن انتخابات أبريل/نيسان، وأن 81% منهم دعموا القائمة المشتركة، بحصولها على 433 ألف صوتً، بنسبة 11% من عدد الناخبين، في حين صوّت 18% منهم لأحزاب أخرى، مثل: أزرق-أبيض، ميرتس، العمل، إسرائيل بيتنا، الليكود، شاس.

وتضم القائمة العربية المشتركة في داخلها الأحزاب الرئيسة: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع الوطني الديمقراطي، الحركة الإسلامية والعربية للتغيير، القائمة العربية الموحدة. وقد خاضت هذه الأحزاب العربية انتخابات أبريل/نيسان بقائمتين تحالفيتين: «الجبهة والتغيير» و «الموحدة والتجمع» وحصلت على 10 مقاعد، بعد أن كانت ممثلة بـ13 مقعداً ضمن القائمة المشتركة في انتخابات 2015.

تشكل هذه النتائج المتقدمة فرصة للتعرف على الأسباب التي دفعت إلى تقدم القائمة المشتركة، وما يعنيه، وهل ينعكس على أدائها بالكنيست، والقرارات المتعلقة بالعرب داخل إسرائيل، ومدى تأثيره على تشكيل الحكومة القادمة، وإمكانية أن يكون بينهم وزير، او على الأقل أن يصبح عربي أول زعيم للمعارضة في إسرائيل.

إمكانية الدخول في ائتلاف حكومي

وهاتف زعيم حزب أبيض-أزرق، بيني غانتس، رئيس القائمة المشتركة في الكنيست أيمن عودة، عقب إعلان نتائج الانتخابات، وتم الحديث بينهما مجدداً مساء الأربعاء.

وأكد عودة أنه قد يمنح دعمه لغانتس لتشكيل ائتلاف حكومي، وتولي منصب رئيس الوزراء، لأنه يريد استبدال حكومة نتنياهو، مع وجود مطالب أساسية تشمل استئناف العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين، وتحسين ظروف المجتمع العربي في إسرائيل، ومحاربة الجريمة فيه، وتخصيص ميزانيات أكبر للسلطات المحلية العربية، وزيادة عدد تصاريح البناء في البلدات العربية.

وكان أيمن عودة قد أعلن أواخر أغسطس/آب، أنه قد يوصي بتكليف غانتس لتشكيل الحكومة المقبلة شرط أن يسعى للسلام مع الفلسطينيين وفق حلّ الدولتين.

بل إنه أشار إلى إمكانية الانضمام إلى الائتلاف الحكومي شرط تحقيق مطالب خدماتيّة بحتة، وتشمل وقف هدم المنازل والاعتراف بالبناء على أراضٍ خاصّة، وبناء مدينة عربيّة؛ وجمع السلاح، وإنفاذ القانون ضد منظمات الجريمة؛ وبناء مشفى بمدينة عربيّة، وزيادة مخصّصات الشيخوخة، وخطّة شاملة لمواجهة العنف ضدّ النساء.

في حينه لاقت تصريحات عودة، معارضة واسعة من أحزاب القائمة المشتركة، وحتى من حزبه، باعتبار أن ما ذكره رأي شخصي، لأنها لا ترى غانتس الذي قصف غزة يفكر في السلام، ووصفها آخرون بأنها تصريحات بائسة، وتتعارض مع موقف القائمة، وهذه مناورة خطيرة، وتمنح شرعية لحزب الجنرالات الذين ارتكبوا جرائم حرب ضد الفلسطينيين، ويتباهون بها.

نتنياهو يدعو إلى حكومة وحدة مع جانتس: «عرضي لا يحمل شروطاً مسبقة»
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين، وزعيم حزب أزرق بيني جانتس/رويترز

تحذير من انشقاقات عند المشاركة في الحكومة

عوض عبدالفتاح، الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحد مركبات القائمة، قال لـ «عربي بوست» إن ما يجري في الأيام الأخيرة من خطاب يسعى لترويجه ساسة وأكاديميون إسرائيليون يدعو إلى انخراط العرب في حكومة ائتلاف قادمة، «كلام مضلل وبائس».

وأوضح أن هؤلاء يهدفون إلى إنقاذ أنفسهم من خيار تشكيل حكومة جديدة لنتنياهو تجعل العرب عدواً لها، ويسعون لخداع وتضليل ممثلي الجمهور العربي، وهذا خطاب عواقبه تفتيتية، على حد تعبيره.

وأضاف أن أي تجاوب للدعوات الإسرائيلية بين العرب أمر خطير، «يضرب الهوية الوطنية الفلسطينية»، مع وجود خطر من ذهاب قوى داخل القائمة خلف العروض الإسرائيلية، وهو ما قد يتسبب في حدوث انشقاق فيها، ويسفر عن ممارسة ضغوط على حزب التجمع لإقصائه من القائمة، لكونه يعارض أي استجابة لإغراءات إسرائيلية مضللة.

وأضاف: «نحن نرى أن الترويج للأحزاب الصهيونية في الوسط العربي سقوط أخلاقي وانحلال وطني».

اختبارات صعبة

تجد القائمة المشتركة بعد النتائج المتقدمة نفسها أمام امتحانات صعبة في الأيام المقبلة، تتطلب منها المحافظة على هذا الالتفاف الشعبي الإجماعي حولها.

وفي نظر المحللين، فإن الحفاظ على القائمة العربية موحدة يعد هدفاً استراتيجياً أعلى، ويجب عدم قيام أي طرف أو أي عضو وضمنهم رئيس القائمة، أيمن عودة، بأي خطوة غير إجماعية قد تمس بوحدتها، وألا يقوم أي طرف بخطوات منفردة ومتسرعة، والتخلص دائماً من أي موقف محرج بالتزام أن «المشتركة» قائمة تحالفية، وأن أياً كان لا يستطيع إعطاء جواب دون التشاور مع مركباتها، واتخاذ القرار بالإجماع.

وديع عواودة، المحلل السياسي من كفر كنا في إسرائيل، قال لـ «عربي بوست» إن ما حققته القائمة المشتركة من إنجازات خلال هذه الجولة الانتخابية قد يتحول لمكاسب سياسية عملية، وهذه النتائج تقرب العرب من حقوقهم المدنية أكثر بازدياد عدد ممثليهم في الكنيست.

وأضاف: «إننا بعدما سمعنا خطاب غانتس حول إمكانية العمل مع القائمة المشتركة لتشكيل الحكومة، فإنه يفضل أن تحرص القائمة على رصانتها، وعدم الهرولة لعرض بضاعتها على حزب أزرق-أبيض، والتصرف بحكمة وهدوء، وبعد الاتفاق داخلياً على شروط أي نوع من التعاون السياسي معه، من أجل زيادة تمثيلها مستقبلاً، وتوسيع دائرة وهوامش التأثير لدى المجتمع العربي، علاوة على استغلال الكنيست».

محمد محسن وتد، الصحفي الفلسطيني داخل إسرائيل، قال لموقع «عربي بوست»، إن «هناك مواقف مبدئية داخل القائمة المشتركة، أهمها عدم تشكيل كتلة مانعة أو شبكة أمان لحزب أزرق-أبيض».

وأضاف أن «الأمر يزداد تعقيداً في حال اتجه غانتس إلى تشكيل حكومة وحدة مع الليكود، وهو ما يجعل المشهد السياسي الإسرائيلي مربكاً وغامضاً، لأن هذه الحكومة لا يحمل برنامجها السياسي إنهاء الصراع مع الفلسطينيين وتبني حل الدولتين، بل قد تنخرط في صفقة القرن التي ترفضها القائمة المشتركة والجماهير العربية داخل إسرائيل».

وأوضح أن «هناك توجهاً موحداً داخل القائمة لرفض تشكيل شبكة أمان أو كتلة مانعة لحكومة الجنرالات، وأي مكون منها أو قيادي فيها قد يتجاوب مع الدعوات الإسرائيلية، سيتحمل تاريخياً إمكانية حدوث انشقاق داخل القائمة، وهذه المراهنة ستجعله يدفع الثمن غالياً من الجماهير العربية داخل إسرائيل».

ليس سراً أن الأحزاب ومركبات معسكر المركز-يسار في إسرائيل يعولون على انشقاق القائمة المشتركة، وإخراج أو عزل بعض مركباتها، للتسهيل على بقية المركبات، للتوصية بتكليف غانتس تشكيل الحكومة، وهو ما يعني أننا سنكون أمام ضغوط كبيرة ستمارس عليها خلال الأيام والأسابيع المقبلة.