أرامكو

هل سيؤثر هجوم "أرامكو" على تغيير تعامل السعودية مع ملفات الحرب في اليمن؟

عرضت المملكة العربية السعودية في الرابع عشر من الشهر الجاري، لهجوم بالطائرات المسيرة استهدف شركة أرامكو النفطية، أدى إلى حدوث حريق هائل في معاملها، وسارعت مليشيات الحوثي عقب ذلك الهجوم بتبني العملية، عبر سلسلة من التصريحات الرسمية رغم تأكيدات دولية تنفي ذلك.
 
الرياض بدورها أكدت في مؤتمر صحفي "أن لديهم أدلة على أن هجوم أرامكو لم ينطلق من اليمن، وأن الهجوم جاء من الشمال وبالتأكيد كان مدعوما من إيران واستخدم فيه، 18 طائرة مسيرة وسبعة صواريخ كروز"، ومازالت التحقيقات مستمرة لتحديد مكان انطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ بدقة. في حين أكدت واشنطن ان الهجمات انطلقت من إيران.

 وفي ظل هذا الأحداث التي تبدو أن اليمن مرتبطة بها بدرجة رئيسية من خلال ميلشيات الحوثي التي تبنت الهجمات خدمة لأجندات إيران، في الوقت التي تشهد المنطقة تصعيد بين واشنطن وطهران، من خلال تهديدات متبادلة وحالة صراع ساحتها المنطقة العربية، ولدى السعودية كثير من الملفات في اليمن لم يتم حلها بشكل جذري ومازالت مثيرة للتساؤلات.
 
الحوثيون يعلنون وقف الهجمات
 
وفجأة خلافاً لكلّ التوقّعات، أطلقت ميلشيات الحوثي مبادرة أحادية عبر إعلان وقف الهجمات على السعوديّة" بعد نحو أسبوع على الهجمات التي استهدفت "أرامكو" السعودية، جاء ذلك في خطاب ألقاه القيادي الحوثي "مهدي المشاط" بمناسبة الذكرى الخامسة لانقلابهم على الدولة وسيطرتهم على صنعاء.
 
ويتناقض إعلان ميلشيات الحوثي تمامًا مع الموقف الذي كانوا يتّخذونه حتّى الآن، إذ إنّهم كانوا في موقع التحدّي وهدّدوا في الأيّام الأخيرة بشنّ هجمات جديدة على السعوديّة والإمارات، في المقابل أعلن وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير "أنّ الرياض ستراقب مدى جدية المتمردين اليمنيين في تطبيق مبادرة السلام التي طرحوها".
 
وقال الجبير في مؤتمر صحافي في الرياض "نحكم على الأطراف الأخرى بناء على أفعالها وأعمالها، وليس أقوالها، ولذا فإننا سنرى إن كانوا سيطبقون فعلا (المبادرة) أم لا". وتابع "بالنسبة للسبب الذي دفعهم لذلك، علينا أن نتفحص المسألة بتعمق".
 
وعقب إعلان الحوثيين وقف الهجمات على السعودية، غرد نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، والذي بدا غير حاد على ميلشيات الحوثي وخاطبهم بأسلوب مختلف، وقال: "على أبناء اليمن والشعوب العربية، بكافة مكوناتها دون استثناء، ان تعي ان نظام طهران لا ينظر لمؤيديه سوى كأدوات لتحقيق أطماعه وحمايته لا لحماية دولهم وشعوبهم".
 
هل يتغير تعامل الرياض في اليمن؟

تواجه السعودية سلسلة من الأزمات فيما يخص الحرب في اليمن، ولم تتوقف هنا فقط بل أضيفت لها الهجمات الكبيرة على منشأة "أرامكو"، حيث تحاول إيران إيصال رسائل عسكرية متهورة، لكن ما الذي يمكن أن يتغير فيما يخص اليمن، وخاصة الانقلاب على الحكومة الشرعية مؤخراً من قبل الإمارات، وحالة التعثر في مواجهة الحوثيين.
 
في هذا السياق قال المحلل السياسي محمد الغابري "تبدو المملكة حاليا في حالة شلل ولم تستطع امتصاص الصدمة" مشيرا "أن الإمارات في هذه الحالة تنشط لممارسة مزيد من الضغوط، لمصلحة الحوثيين وما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي".
 
بينما يرى الصحفي فؤاد مسعد "أن الهجوم على أرامكو بالنظر لآثاره وما أحدثه، يؤثر في القرار السعودي سواء تجاه اليمن أو غيره من الملفات، ولابد من تعزيز دور التحالف العربي والحكومة الشرعية والجيش الوطني في كبح جماح مليشيات الانقلاب الحوثي".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" للسعودية حسابات أخرى في مواجهة المخاطر التي تهددها بشكل مستمر. من بين تلك الحسابات "توسع قدرات المملكة العسكرية الدفاعية، مع الأخذ بعين الاعتبار للحرب اليمنية ضد الحوثيين".
 
الحوار مع الانتقالي في جدة
 
يتواجد قيادات من الانتقالي الاماراتي في جدة السعودية من أجل الحوار مع الحكومة الشرعية استجابة لدعوة السعودية، في المقابل يتواجد وفد حكومي للتشاور مع الجانب السعودي بشأن الانقلاب المدعوم من الامارات، حيث ترفض الحكومة الحوار من الانتقالي قبل الانسحاب من مؤسسات الدولة التي سيطروا عليها في عدن.
 
عن تأثير تلك الهجمات على الحوار تلك، قال للمحلل السياسي الغابري في حديث لـ "يمن شباب نت" أن مقاومة الحكومة ورفضها للحوار قبل إنهاء التمرد الانتقالي، قد خلط الأوراق بما في ذلك على السعودية التي التزمت بإنهاء الانقلاب.
 
وأشار "أن الأصل اتخاذ تدابير نحو إنهاء الأزمة والحرب، وحسمها لاستعادة الدولة اليمنية التي تستطيع وحدها تجفيف منابع الفوضى والخطر الإيراني على المملكة". لافتا إلى "حالة الارتباك التي تعيشها الرياض".
 
وقال الغابري "إن احتمالات وجود انعكاسات إيجابية عقب تلك الهجمات على أرامكو، ضئيلة مقابل توظيف الإمارات للأحداث للمزيد من الضغوط على الحكومة اليمنية"، فيما لا يتوقع الصحفي فؤاد مسعد "أن يؤثر ذلك على حوار جدة الذي لم يبدأ بعد؛ لأن الحكومة ترفضه قبل تنفيذ مضامين بيان التحالف العربي". الذي أكد على استعادة مؤسسات الدولة في عدن.
 
وبين كل تلك الأحداث تبقى محاولة اضعاف جبهة مواجهة الحوثيين من قبل الانتقالي الاماراتي هو التحدي الأكبر الذي يستنزف السعودية في اليمن، ويؤثر على مسار الحرب وحسم المعركة مع الميلشيات التي تثبت بشكل يومي تبعيتها الكلية لتنفيذ اجندات طهران في خاصرة السعودية.