أحمد مصطفى- عربي21
لم ترد السعودية "التحية" الحوثية، بمثلها، ولا بأحسن منها، رغم مبادرة السلام التي أعلنها رئيس المجلس السياسي في حركة أنصار الله، مهدي المشاط، والتي أعلن خلالها وقف استهداف السعودية.
ودعا المشاط خلال مبادرته "جميع الفرقاء من مختلف أطراف الحرب إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف حقناً للدم اليمني".
وقال إنه ينتظر ردا سعوديا، وتحركا مماثلا لوقف "كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي" للأراضي اليمنية، محتفظا بالوقت نفسه بـ"حق الرد في حال عدم الاستجابة للمبادرة".
ولم تعلق السعودية رسميا على المبادرة، رغم الترحيب الأممي على لسان المبعوث إلى اليمن مارتن غريفيث إذ قال إنه "يرحب بالمبادرة التي أعلنتها جماعة الحوثيين أمس، بشأن وقف الأعمال العدائية العسكرية ضد المملكة العربية السعودية".
ورأى مراقبون أن القرار ليس بيد السعودية نفسها للذهاب إلى حوار مع الحوثيين، لكنها يمكن أن تذهب إليه بضغط أمريكي إن أرادت الإدارة الأمريكية تهدئة الأوضاع في منطقة الخليج، فيما رأى آخرون أن الحوار مع الحوثي لا يفيد لأنها أداة إيرانية تحركها كيف تشاء.
المتخصص في شؤون إيران والشرق الأوسط، حكم أمهز، أكد في حديث لـ"عربي21" أن القرار ليس سعوديا، لكنه بيد الأمريكيين، وإن الجانبين في وضع ضعيف لا يسمح لهم بحوار مع "أنصار الله" الذين يملكون أوراق القوة على الطاولة.
وأشار إلى أن أمريكا لا تريد للسعودية أن تخرج مهزومة من اليمن.
وعن الرد السعودي على المبادرة الحوثية، قال أمهر إن السعودية لم ترد رسميا، لكنها ردت عمليا في اليمن بأكثر من 90 غارة جوية على محافظات اليمن المختلفة، وتعنى أن المبادرة "مرفوضة".
وكشف عن معلومات أكيدة لديه بأن أمريكا حاولت عبر الوسيط العماني أن تبدأ مفاوضات بين الحوثيين والسعودية، لكن الحوثيين اشترطوا أن تكون المفاوضات مع الأمريكيين مباشرة وليس السعوديين، لأن القرار ليس بيدهم.
ولفت إلى أن مبادرة المشاط خرجت إلى العلن حتى يحرج السعودية والولايات المتحدة، ولخلق مخرج يحفظ ماء وجوههم بنفس الوقت.
وتابع: "للأسف حتى الآن لم تلتقط السعودية ولا أمريكا الكرة التي ألقاها الطرف اليمني في ملعبها".
وتوقع أمهز في الأيام المقبلة أن تشن الحركة مرحلة جديدة من "الردع" في حال عدم الحصول على إجابة واضحة، وستكون مرحلة أقسى وأقوى، ولن يقتصر الهجوم فيها على السعودية، بل سيطال الإمارات العربية المتحدة.
وعن الانعطافة الإماراتية الأخيرة نحو إيران، قال إنها لم تكن بقرار إماراتي ذاتي، بل بغطاء أمريكي لأنها لم تكن تقتصر على مصالح ثنائية بين البلدين، لكن لها أبعاد أخرى متعلقة بالمنطقة.
واستبعد الخبير في الشأن الإيراني أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية جادة في الرغبة بخروج السعودية من المأزق اليمني، لكي لا تخرج مهزومة، ولكي تبقى محتاجة للدعم الأمريكي، وحتى تبقى زبونا للسلاح الأمريكي.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نشرت تقريرا قالت فيه إن الولايات المتحدة تخطط للبدء في محادثات مباشرة مع الحوثيين.
وكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن واشنطن تتطلع لدفع السعودية للمشاركة في المحادثات السرية في عمان.
وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تحضر لمحادثات مباشرة مع الحوثيين، وترغب بدفع السعودية للمشاركة في المحادثات مع القادة الحوثيين.
الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عادل دشيله أشار في حديث لـ"عربي21" إلى أن السعودية تنتظر خطوات على الأرض، مستبعدا أن تقبل بعرض الحوثي، لأنها ترى فيه أداة بيد إيران تحركها كيف تشاء.
وأشار إلى أن الوقائع على الأرض تقول إنه لن يكون هنالك أي حوار سياسي في اليمن، لكون الأطراف الداخلية في الأصل مختلفة، في إشارة إلى الانقلاب الأخير للمجلس الجنوبي الانتقالي، ودعم الإمارات له.
وأكد على أن جميع الأطراف في اليمن اليوم متباعدة تماما، ولا يمكن أن يكون هنالك حل سياسي في الوقت الراهن.
ولفت إلى أنه من أجل أن يكون هنالك حوار في العادة، يجب أن يكون هنالك طرف متغلب على الأرض، أو طرف ثالث مبادر، وهذا كله غير موجود في الحالة اليمنية.
ولفت إلى أن الأمريكيين بوسعهم فقط الضغط على السعوديين، أو الحوثيين، لبدء حوار.
وعن الدور اليمني الحكومي، قال دشيله إن السعودية لا يمكنها الذهاب لحوار مع الحوثيين دون مشاورة الحكومة اليمنية المعترف بها، مقرا بنفس الوقت أن السعودية ربما تمارس عليها ضغوطا لكونها الدولة المستضيفة لها.
واستبعد الباحث اليمني أن يوجه الحوثيون أي ضربات مستقبلية للإمارات، رغم التهديد الأخير بذلك، من باب أن ضرب الإمارات يعني إلى حد ما ضرب المصالح الإيرانية، لكونها تربطها مع الإمارات علاقات ومصالح اقتصادية كبيرة لا يريد الطرفان التضحية بها.
يذكر أن رئيس المجلس السياسي في حركة إنصار الله قال إن "استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد بل قد يفضي إلى تطورات خطيرة لا نريدها أن تحدث مع كوننا على يقين من أن ضررها الأكبر لن يكون علينا وإنما على دول العدوان بالدرجة الأولى وبشكل أساسي ومباشر".