قال تقرير فريق الخبراء الدوليين البارزين التابع لمجلس حقوق الإنسان، إن حصار الحوثيين المستمر على مدينة تعز، عقاب جماعي وانتهاك متعدد الأوجه لحقوق الإنسان والقوانين الدولية والإنسانية.
وأضاف تقرير الفريق المعروض على الدورة الـ42 لمجلس حقوق الإنسان –حاليا- في جنيف، أن جماعة الحوثي ومنذ طردها من قبل القوات المسلحة اليمنية والمقاومة المساندة لها، من مدينة تعز في يوليو/تموز 2015، والجماعة تحاول إضعاف المقاومة واستعادة السيطرة على المدينة، وفرضت عليها حصاراً وعقاباً جماعياً على سكانها، لكن المحاولات فشلت آنذاك بالدعم الشعبي الذي تحظى به المقاومة والجيش.
وأوضح التقرير أن الحصار الذي فرضته جماعة الحوثيين وقوات صالح (سابقا)، أثرت بشكل كبير على تعز بشكل عام وخاصة على ثلاث مديريات، بما في ذلك انعدام السلع الغذائية والمياه، وندرة الأدوية وانعدام الخدمات الصحية وتراجع التعليم وغيرها من اشكال الحياة.
استمرت المرحلة الأولى من "حصار" تعز حتى آذار/ مارس 2016، وفق التقرير، حيث "كانت نقاط التفتيش التي سيطر عليها الحوثيون تغلق بشكل اعتباطي(.).. تم إيقاف الناس لعدة ساعات ، وتم تفتيشهم ومصادرة البضائع التي كانوا يحملونها بما فيها الخضروات والمواد الغذائية الأخرى.
ولفت التقرير إلى معبر الدحي "كان سيئ السمعة بسبب المعاملة القاسية التي حصلت هناك. كانت نقطة العبور الرئيسية للمدنيين من وإلى مدينة تعز، وأجبر الناس على المشي لمسافات طويلة للوصول إليها، والتي تتراوح من 400 متر إلى أكثر من كيلومتر واحد في وقت ما وفقًا للبعض. وهذا جعلها مهمة شاقة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين".
نقل فريق الخبراء شهادات "عن النساء اللواتي يتعرضن للمضايقة وعن أكياس الطعام التي تمزق أو يتم الدوس عليها". كما فحص فريق الخبراء لقطات تظهر رجالاً مسلحين يطاردون المدنيين عند نقطة التفتيش وقاموا بضربهم عشوائيًا وإطلاق النار في الهواء. وشملت أساليب الحصار المبلغ عنها استخدام القناصة لإطلاق النار على المدنيين عند نقاط التفتيش".
وثق فريق الخبراء "حالات الاعتقالات التي حدثت بالقرب من نقاط التفتيش أو أثناء عبور المدنيين. استهدف الحوثيون الشباب على وجه التحديد ، في الحالات التي وثقتها فريق الخبراء ، اتُهم مدنيون بأنهم "دواعش" أو يدعمون المقاومة، واحتُجزوا وتعرضوا للتعذيب بصورة تعسفية أثناء محاولتهم العبور أو في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون".
وتحدث التقرير عن كسر الجيش والمقاومة للحصار بعد مارس/آذار 2016 "من خلال مهاجمة طرق الإمداد الرئيسية للحوثيين المؤدية إلى محافظتي الحديدة وإب. لقد تم كسر "الحصار" بافتتاح طريق يؤدي اليوم إلى عدن، وإن كان طريقًا طويلًا متعرجًا. في المرحلة الثانية من الحصار تم وصف الفتحة من قبل المصادر بأنها "مساحة تنفس" على الرغم من أن الطريق لا يزال لا يسمح بمرور الشاحنات الكبيرة المحملة، وظلت المسافات أطول بكثير مما كانت عليه قبل النزاع".
ونوه تقرير الخبراء، بأن الحصار ليس الأسلوب الوحيد الذي استخدمه الحوثيين لإخضاع تعز واستعادة السيطرة عليها، حيث فرضت المليشيات قيوداً على العمل الانساني والاغاثي، وتقول في هذا الاتجاه ذكرت منظمة أطباء بلا حدود "إ تسهيل نقل الإمدادات الإنسانية من صنعاء إلى وسط مدينة تعز محدود للغاية من قبل السلطات الحوثية ، مما تسبب في تأخير كبير للعمليات الإنسانية. في مناسبات عديدة ، تم رفض أو تأخير وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى كل من وسط المدينة والمناطق المحيطة بها. تفتقر المستشفيات إلى الأدوية الأساسية والإمدادات الأساسية مثل الأكسجين والوقود للمولدات. يتوفر الوقود والأكسجين عادة في السوق المحلية ، لكن نادراً ما تستطيع المستشفيات شراءه ">
وذكر التقرير أن المليشيات لم تكتفي بإعاقة دخول المساعدات إلى تعز بل حولت "المساعدات عن مقاصدها والاستيلاء عليها، مما فاقم عمل المنظمات الإنسانية التي تدير عمليات نائية في العديد من الحالات ولا تستطيع مراقبة ومتابعة التوزيعات بشكل صحيح أو رصد حالات تحويل أو سرقة إمدادات المساعدات".
وقال خبراء مجلس حقوق الأنسان، إن الحصار كان له تأثير أكبر على المرضى حيث قيدت عمليات وصولهم لتلقي العلاج المتخصص كغسيل الكلى، كما قيدت "تم تقييد الوصول إلى التعليم بالمثل ، حيث لم يتمكن الطلاب من الوصول إلى الجامعة داخل المدينة وفقًا لمصدر واحد لا يتمكن 200 طالب من حضور دوراتهم في الجامعة بسبب المسافة التي يجب أن يسافروا بها على الطريق المؤدي إلى المدينة من مختلف المناطق بما في ذلك الحوبان ، في حين انخفض عدد الطلاب الملتحقين بالمعاهد الفنية 35 في المائة منذ بدء الحرب. أُبلغ فريق الخبراء أن الطالبات هن الأكثر تضرراً، لأن أسرهن خائفة على سلامة تنقلهن، خاصة بعد تعرض عدة طلاب للإهانة أو الاعتداء أو الاحتجاز التعسفي في نقاط التفتيش".
وأكد التقرير أن الحصار وانتهاكات الحوثيين طالت المرأة والتي اصبحت في خطر، كما أنها فرضت عليهن مصاعب كثيرة بعد تحولهن إلى معيلات رئيسيات لعائلاتهن.
تابع التقرير: "شعر الكثير من الأشخاص الذين تحدث إليهم فريق الخبراء أن معاناة تعز قد أهملت. تحدثوا أيضًا عن صمود المدنيين في تعز ، وعن إرادتهم لاستعادة مدينتهم كما كانوا يعرفونها:تعز مدينة الغفران. اعتاد الناس بيع ممتلكاتهم لتعليم أطفالهم. لقد اعتادوا أن ينظروا إلى من حمل السلاح على أنه غريب على تعز ... التطرف لا يؤدي إلا إلى الدمار. إن ما يجري في تعز اليوم هو فعل هؤلاء غير المستنيرين. ولكنهم لن يتحدثوا باسمنا ".
وأضاف التقرير أن سلطات الأمر الواقع (الحوثيين) رفضت في ردها على الفريق "مزاعم الانتهاكات المتعلقة بالقصف ونيران القناصة في تعز".
وتحدث الحوثيون في ردهم عن "حالة انعدام الأمن السائدة داخل المدينة بسبب سيطرة "الميليشيات والمنظمات الإرهابية" ، والتي أدت إلى حدوث انتهاكات مختلفة" لكنهم نفوا فرضهم الحصار "وتحديداً بين مارس ويوليو 2015 ، نفت سلطات الأمر الواقع جميع الادعاءات المتعلقة بمنع المدنيين من مغادرة المدينة أو إجبارهم على المشي لمسافات طويلة أو تجريدهم من ممتلكاتهم عند نقاط التفتيش. واصلت سلطات الأمر الواقع بقولها، "وإن وجدت حالات، فهي فردية وتمت معالجتها". كما نفت سلطات الأمر الواقع فرض قيود على وصول المساعدات الإنسانية أو الإمدادات الأساسية وذكرت أن البضائع لم تُوقف إلا لفحص أمني منتظم لضمان عدم تهريب أي أسلحة أو أشياء محظورة".
وخلص فريق الخبراء إلى أن الأدلة التي جمعها تشير "إلى أن مقاتلي الحوثي قد استخدموا الحصار كشكل من أشكال العقاب الجماعي على السكان المدنيين المقيمين داخل تعز ، لدعمهم المتصوَّر للمقاومة الشعبية والمجموعات المنتسبة للحكومة".
ووفق التقرير فإن القانون الإنساني الدولي يحظر كل من التجويع كوسيلة من وسائل الحرب والعقوبات الجماعية بالإضافة، التجويع كأسلوب للحرب هو جريمة حرب في النزاعات غير الدولية التي قد تؤدي إلى مسؤولية جنائية فردية".