أعد التقرير من تعز: عبير الأموي)
مع حلول عام دراسي جديد، تكون الفرصة مواتية للآلاف من النساء للعمل كمعلمات في المدارس الأهلية، لكن مالا يدركه كثيرون أن هذه الفرص تتحول عبئا "مذلاً" مع تكثيف المهام والالتزامات وتدني المرتبات والأجور إلى مستويات توصف بأنها "مهينة" تجعل الوظيفة ضرباً من "الاستعباد" البعيد عن الرقابة الحكومية والحقوقية والنقابية.
امتهان بالقانون وبدونه
يصف معنيون بالشأن التعليمي التعليم الأهلي بأنه تجارة ربحية واستثمارية غالباً، تتجلى في انصع صورها في hمتهان الكادر النسائي برواتب متدنية تبدأ من 15 ألف ريال للمواد المطلوبة وأدنى من ذلك في المواد التي تتوفر تخصصاتها أو التي يمكن لأي خريجة أن تدرسها.
وتعمل أغلب المدرسات في المدارس اليمنية الخاصة براتب دون مستوى الحد الأدنى المحدد كشرط في الترخيص الذي تمنحه وزارة التربية والتعليم والمحدد بمبلغ 30 ألف ريال (50 دولاراً تقريبا-حاليا) باعتباره الحد الأدنى للأجور في القانون اليمني.
المحررة في دور معلمة
وتقمصت المحررة دور معلمة تبحث عن فرصة للعمل كمدرسة للغة العربية – وهي مادة مطلوبة خلافاً لمواد أخرى- في عدد من المدارس بمدينة تعز كنموذج تشترك مع غيرها من المحافظات في هذا الأمر.
زارت المحررة خمس مدارس أهلية، وتلقت عروضاً للعمل كمدرسة برواتب بدأت من 16 ألف كحد أدنى للمدراس التي زارتها و30 ألف كحد أعلى في أفضل عرض تلقته، وبينهما تلقت عروضاً للعمل مقابل الحصول علي راتب شهري قدره 23 ألف و25 ألف ريال. (1 دولار= 600 ريال حاليا)
ومن المهم الإشارة إلى أن تدريس بعض المواد كالتربية الاسلامية والقرآن والعلوم والاجتماعيات يكون بمبالغ أقل من ذلك لتوفرها بكثرة إذ تعمل بعض النساء بعشرة آلاف ريال، خلال أشهر الدراسة، ويحرمن منها بقية العام.
وفي أحسن الأحوال لا يصل ذلك الراتب إلى نصف ما يتقاضاه الموظف الحكومي بدرجة البكالوريوس..
وباستثناء الدفعة الأخيرة التي اعتمدت عام 2011 الذين يتقاضون بين 50-60 ألف ريال، تتراوح مرتبات المدرسين الأقدم بين 90-105 ألف ريال، فيما هناك من يتجاوز 120 ألف ريال يتقاضونها طوال العام، وبضغط أقل في الدوام والمهام.
مدراء المدارس: نلتزم بسقف الترخيص
وقد عادت المحررة إلى بعض المدارس بصفتها الصحفية للاستفسار مجدداً عن الأجور والمرتبات، ووجدت تجاوباً من بعض المدارس، فيما رفضت بعض المدارس التجاوب.
في مدرسة "الرشاد" الأهلية- فرع الحصب بتعز، أكدت عائدة القرشي التي تعمل في المدرسة مشرفة أن أدنى مرتب للمدرسين في المدرسة هو 30000الف ريال فيما تصل رواتب بعض المدرسين إلى 48000 الف ريال خلال أشهر الدراسة، كما يمنح المعلم مبلغ 20 ألف ريال نهاية العام "مكافأة نهاية الخدمة السنوية".
التقينا 3 مدرسات في المدرسة، سهام تدرس مادة القران الكريم منذ عام وتتقاضى راتب شهري بواقع 29500 ريال، ونجوى تدرس التربية الاسلامية منذ 7 سنوات وتتقاضى 35500 ريال.. أنيسة تدرس لغة عربية منذ 9 أعوام وتتقاضى 35 ألف ريال . ويؤخذ على كل معلمة مبلغ 500 ريال مقابل رسوم.
وقالت مديرة مدرسة النبراس الأهلية في منطقة المسبح إن أدنى مرتب للمعلمات هو30 الف ريال واعلى مرتب هو 45 الف ريال بالإضافة الى مكافآت تقدم للمعلمات المتميزات في نهاية العام.
والتقت المحررة ثلاث معلمات في المدرسة هن ابتسام وبشرى وسونيا اللائي أفدن أنهن يتقاضين راتباً شهرياً بواقع (36-37-40 ألف ريال على الترتيب)، وتعمل الأولى في المدرسة للعام الثاني والأخريان منذ ثلاثة أعوام.
يتقاضى سيف مهيوب وكيل مدرسة دار القران التي يعمل فيها منذ 33 عاما 69 ألف ريال.. ويؤكد على التزام المدرسة بالحد الأدنى للأجور وأنها المدرسة تدفع أحيانا ألف ريال للمدرس مقابل حصة واحدة، كما يستلم كل مدرس راتب شهر في نهاية العام خلافا للإداريين الذين يستلمون طوال السنة.
وفي هذه المدرسة أفادت ليزا القدسي التي تدرس اللغة الانجليزية منذ 9 سنوات أنها تتقاضي 31900، فيما تتقاضى رضية سعيد – تدرس لغة عربية منذ 5 سنوات راتب 29000 - وسارة عبدالملك- لغة انجليزية منذ عامين وتتقاضى 25500 ريال.
لكن كثيرا من المدارس الخاصة الصغيرة والمتوسطة، خصوصا ما تعرف بمدارس الحارات، تمنح معظم مدرسيها مرتبات تتراوح بين 15-30 ألف ريال وهذا هو المرتب الشائع والمتعارف عليه.
مكاشفة: 15 ألف ريال هو المرتب الشائع
كاشفنا مدير مدرسة أهلية، اشترط عدم ذكر اسمه أو اسم مدرسته، بأن رواتب المعلمات في مدرسته كحال معظم المدارس المتوسطة والصغيرة وحتى بعض الكبيرة تبدأ غالبا من مبلغ 15 ألف ريال.
وقال إن كثيرا من ملاك ومدراء المدارس يكذبون ويبتزون المدرسات للكذب أو الصمت عند سؤالهن عن الرواتب مع وعود برفعها لإيهام الناس أن التعليم لديهم أفضل..
وأضاف: التربية لا تحاسبهم لأن ما يهمها هو أخذ العمولات والنسبة السنوية ورسوم التجديد، فضلاً عن مبالغ أخرى تؤخذ بطريقة غير قانونية للتغاضي عن مخالفة الشروط الأساسية كمواصفات المدرسة والفصول ووجود حوش للمدرسة والطاقة الاستيعابية لكل فصل وللمدرسة وكذلك شرط أن تكون المدرسة جامعية.
وأكد أن هناك مدارس تدفع عشرة آلاف ريال أو أقل لبعض المدرسات، وقد عرضت بعضهن عليه العمل براتب عشرة آلاف ريال لأنهن يتقاضين أقل من ذلك في مدارس أخرى تعرفها وزارة التربية وترخص لها ولا تقوم بمسؤوليتها بمحاسبتها، موضحا أن الأمور تدار بالفوضى والمحسوبية.
نقيب المعلمين: استعباد وامتهان
أمين عام نقابة المعلمين اليمنيين في تعز عبدالرحمن المقطري قال إن المدرسين في المدارس الأهلية "مستعبدون وممتهنون" وبلا حقوق بدليل حرمانهم من المرتبات خلال الإجازة الصيفية، وكذلك خصم جزائي من مرتبهم أو الفصل مباشرة في حال الغياب.
وأوضح أن مرتبات المعلمات والمعلمين في المدارس الخاصة متدنية جدا وتتراوح بعضها بين 10الى 15 اي بمعدل 500 ريال لليوم الواحد وهو مبلغ لا يكفي لوجبة الإفطار حسب قوله.
وأشار إلى أن قبولهم التدريس تحت تلك الظروف والتشديد والتضييق عليهم يأتي نتيجة الحاجة الماسة للمال في ظل الأوضاع الصعبة الراهنة.
وأشار إلى أن معظم قيادات المدارس الأهلية ليست إدارات تربوية ولا تملك دورة تربوية واحدة بقدر ما هم تجار هدفهم الربح وتوفير المال ولا تهتم برضى المعلم قدر الاهتمام برضى الطالب ولو على حساب العملية التعليمية.
وعن دور النقابة في مواجهة هذا الأمر قال إن النقابة تحاول منذ 15 عاماً مواجهة هذا الوضع وتبلورت لديها فكرة إنشاء لجنة نقابية خاصة بالتعليم الأهلي لكن هناك كثير من العقبات كعدم وجود قوانين واضحة خاصة بالتعليم الأهلي كما أن القوانين واللوائح القائمة لا تهتم ولا تراعي المعلمين بقدر مراعاتها للملاك.
التربية: لا تصلنا شكاوى
وفي إدارة التعليم الاهلي والخاص بمكتب التربية والتعليم بتعز أطلعنا نائب مدير الإدارة عادل الصبري على بعض تراخيص المدارس الاهلية ووجدنا التي تشترط مبلغ 30 ألف ريال كحد أدنى للأجور وفقا للقانون اليمني.
وقال إن أي مدرسة تتجاوز هذا الشرط فيعتبر ترخيصها ملغياً بقوة القانون.
وأوضح الصبري أن مكتب التربية لم يتلق أي شكوى من أي معلمة في مدرسة خاصة حول تدني الراتب، معللاً الأمر بخوفهن من فقدان مصدر دخلهن والحاجة الملحة للمال في ظل هذه الأوضاع المتردية.
وبين أن التربية طالبت المدارس الخاصة بدفع راتب شهر لكل مدرس نهاية العام الدراسة كمكافأة خصوصاً أنهم لا يستلمون مرتبات خلال الإجازة الصيفية كالمعلمين الحكوميين.
*للمصدر أونلاين