الانتقالي الجنوبي

صحيفة أمريكية تتحدث عن "حرب أهلية مدمرة تتسلل إلى جنوب اليمن"!

هدأ النزاع المسلح بين الحكومة اليمنية والانفصاليين الجنوبيين في اليمن، خلال الأيام الأخيرة، لكنه يمكن أن ينفجر مرة أخرى في أي وقت. 

ومن المحتمل أن تستمر المواجهات بين الحلفاء الإسميين، في ضوء فشل جهود الوساطة التي تقودها السعودية.

والشهر الماضي، شهدت محافظتي "أبين" و"عدن" موجة من العنف والدماء الناجمة عن الاشتباكات المسلحة بين الانفصاليين والوحدات العسكرية الموالية للحكومة. 

وقد اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي حكومة "هادي" بالتواطؤ مع المتمردين الحوثيين في شمال اليمن لشن هجوم صاروخي، في أوائل شهر أغسطس/آب، كان قد أسفر عن قتل عشرات الجنود الانفصاليين في عدن.

وكان الانفصاليون قد استولوا على عدن، الشهر الماضي، بعد 3 أيام من الاشتباكات العنيفة مع الحكومة، كما استولوا على بعض مناطق محافظة "أبين" المجاورة. 

ونقل عن مصدر محلي قوله: "أرسل المجلس الانتقالي الجنوبي تعزيزات إلى الشرق من زنجبار (عاصمة محافظة أبين)، ومديرية خنفر، ومناطق أخرى في محافظة أبين، في محاولة لمنع أي تقدم للقوات الحكومية".

كما قام الجيش اليمني بتعبئة قواته في الجنوب. 

والسبت الماضي، قال مصدر عسكري لوكالة "سبوتنيك" للأنباء إن الجيش اليمني نقل ناقلات أفراد وعربات مدرعة وعشرات الجنود من محافظة "مأرب" إلى مدينة "شقرة"، في مديرية "خنفر" في "أبين" أيضا.

وزاد التوترات بين الحكومة والانفصاليين منذ تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، وهي هيئة تطالب بانفصال جنوب اليمن عن الشمال. لكن الحرب الحاسمة بين المجلس والحكومة اندلعت في أغسطس/آب، ما فتح فصلا جديدا من الاضطرابات في المحافظات الجنوبية في اليمن.

جبهة أخرى في الحرب الأهلية

وأدت المواجهات المسلحة الأخيرة بين الجانبين إلى زيادة طبقة جديدة من التعقيد للحرب الأهلية المدمرة في اليمن. 

وكان التفاؤل غير المبرر بأن وجود التحالف الذي تقوده السعودية سيمنع حدوث صراع انفصالي في جنوب اليمن، قد تجاهل حقيقة أن مثل هذا الصراع قد بدأ بالفعل. 

وتنشط الآن فصائل مسلحة متعددة في المنطقة، بما في ذلك القوات الموالية للحكومة، ومقاتلي المجلس الانتقالي، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ولا يفعل اللاعبون الخارجيون شيئا سوى تأجيج الأزمة. 

وتقف الإمارات العربية المتحدة إلى جانب المجلس الانتقالي الجنوبي، بينما تدعم السعودية الحكومة اليمنية. 

ويهدد هذا الصدع الخارجي بجعل النزاع أكثر دموية.

وينبع دعم الإمارات للمجلس الانفصالي جزئيا من خوفها من أن حزب "الاصلاح" الإسلامي قد اكتسب نفوذاً كبيرا داخل الحكومة اليمنية، وقد ينتهي به المطاف بالسيطرة على البلاد في حالة انتهاء الحرب الأهلية. 

لكن هذا ليس هو الشيء الوحيد الذي يحفز الإماراتيين، فجنوب اليمن موطن لموارد طبيعية كبيرة، بما في ذلك النفط، ويقع في موقع استراتيجي عند تقاطع البحر الأحمر مع بحر العرب. 

وتحرص الإمارات على الحفاظ على نفوذها في هذا الجزء المهم من العالم، وتنظر إلى الانفصاليين كعملاء مخلصين يدعمون مصالح أبوظبي بشكل موثوق.

بالمقابل، ينظر السعوديون إلى الحكومة اليمنية كعميل مخلص يمثل أفضل فرصة لهم لإعادة تأسيس النظام السياسي في اليمن واحتواء تهديد الحوثيين على الحدود الجنوبية للمملكة. 

وقد يترك الانفصال الجنوبي الحوثيين في وضع أقوى بكثير، وستكون السعودية أكبر المتضررين من ذلك السيناريو.

وقد انتقدت الحكومة اليمنية الإمارات بشدة، وطالبت أبوظبي بالكف عن دعم الانفصاليين. ودعا المسؤولون اليمنيون هذا الشهر إلى إنهاء المشاركة الإماراتية في التحالف الذي تقوده السعودية، وهو مطلب لم يتم الوفاء به حتى الآن.

طموحات متباينة

وتبقى مشاعر شعب جنوب اليمن متباينة بشأن الاستقلال.

ويطمح البعض إلى الانفصال عن شمال اليمن، بينما يريد آخرون مواصلة الوحدة مع الشمال على أساس نظام اتحادي (فيدرالي) يسمح بمستويات أكبر من الحكم الذاتي الإقليمي، حتى أن بعض الجنوبيين يرغبون في تشكيل دولة مستقلة عن جنوب اليمن السابق الذي يحكمه عدن. 

وفي هذه الحالة قد ينقسم الجنوب نفسه إلى دولتين على الأقل. 

وسيكون لمثل هذا الوضع آثار غير مباشرة على جهود السلام في اليمن، ومن المرجح أن يعقد الجهود للوصول إلى تسوية سياسية للحرب الأهلية.

وبالعودة إلى التاريخ، كان جنوب اليمن دائما غارقا في الصراع. 

وقبل إنشاء الدولة الجنوبية السابقة، المعروفة بـ "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، عام 1967، كان جنوب اليمن منقسما بين سلطنات متعددة. 

وحتى بعد توحيده، ظل الجنوب يواجه حالة من عدم الاستقرار؛ حيث استمرت النخب السياسية في السلطنات السابقة في القتال فيما بينها.

واليوم، يشعر عدد كبير من الجنوبيين بأن الاستقلال عن الشمال هو نقطة انطلاق للاستقرار والازدهار في الجنوب. 

لكن على الرغم من بروز المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن جنوب اليمن ليس متحدا وراء أي قيادة واحدة، وليس هناك إجماع على مستقبله. 

وفي الحقيقة، لا يمكن حل الانقسامات داخل جنوب اليمن بمجرد استعادة دولة يمنية جنوبية واحدة. 

وما لم تتمكن السعودية والإمارات من رأب خلافاتهما وتنفيذ عملية سياسية للمساعدة في تسوية العديد من النزاعات الداخلية، فسوف يستمر الصراع الإقليمي في تمزيق اليمن.

المصدر | خالد الكريمي - لوب لوج