ترجمة: أبو بكر اليوسفي- يمن شباب
سلط موقع «Middl Eeast Eye» البريطاني الضوء على فقدان أسر المقاتلين اليمنيين المجندين في الحدود اليمنية السعودية لأبنائهم، ولا يُعرف مصيرهم منذ نحو شهرين سواء كانوا ضمن القتلى أو أسير لدى ميلشيات الحوثي الانقلابية في صعدة (شمال اليمن).
"يمن شباب نت" ترجم نص التقرير الذي نُشر الموقع اليوم الثلاثاء، ويعيد نشر نصة.
تغادر "خزام محمد" منزلها يوميًا لتسأل أصدقاء ولدها نائل البالغ من العمر 33 عامًا عن ابنها المفقود، والذي انضم إلى المعارك على حدود اليمن مع المملكة العربية السعودية في مارس، لكن لا أحد يعرف شيئًا عنه لغاية الآن.
اعتاد "نائل" على الاتصال بوالدته كل يوم جمعة، بينما كانت تتصل به من وقت لآخر للتأكد من أنه بحالة جيدة، ولكن اتصالاته الهاتفية انقطعت منذ أغسطس، ولم تتواصل معه والداته منذ ذلك الحين.
بعض الأشخاص، بمن فيهم قائد في مدينة نجران الحدودية السعودية، أخبرها بأن ولدها قد تم أسره من قبل الحوثيين، بينما قال آخرون إنه قُتل، في حين ذهبت بعض الشائعات الى القول بأنه جُرِح وهرب إلى نجران.
وتقول الأم "أنا قلقه للغاية بشأنه ولا أستطيع النوم هذه الأيام، إنني أفكر فيه طوال الوقت".
وبحلول نهاية شهر أغسطس، قيل إن الحوثيين حاصروا مئات المقاتلين في منطقة وادي أبو جبارة في كتاف بمحافظة صعدة لمدة أربعة أيام. حيث تقول تقارير من المنطقة إن معظمهم قُتلوا أو أُسروا، بينما تمكن عدد قليل منهم من الفرار إلى نجران.
وتضيف الأم بالقول "هرب عدد قليل من رفاقه إلى نجران واتصلوا بعائلاتهم لكن ابني لازال مفقوداً مع مئات آخرين من منطقتنا".
"نائل" مع العديد من الجنود المفقودين هم من سكان منطقة جبل حبشي في مدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، وتقول عائلاتهم إنها تبذل قصارى جهدها للعثور على أبنائها المفقودين.
وتفضل "أم نائل" قضاء وقتها مع باقي الأمهات ممن لايزال ابنائها المقاتلون مفقودين، ذلك لأنهن يشعرن بروح التضامن مع بعضهن البعض كما يتسنى لهن تبادل الأخبار حول أبنائهن.
وتقول أم نائل "لقد سمعنا الكثير من الشائعات حول أبنائنا خلال الأسبوعين الماضيين، ولكن يبدو أن لا أحد يعرف الحقيقة سوى الله وحده".
تقول الأمهات إنهن يندمن على السماح لأبنائهن بالانضمام إلى الحرب، وقد قطعن العهود على أنفسهن بعدم السماح لأطفالهن بالذهاب للقتال مرة أخرى.
لا أحد يعرف سوى الحوثيين
"أحمد العزعزي" (47عاماً) هو والد زيد، المقاتل المفقود البالغ من العمر 24 عاماُ، يقول إنه اتصل بجميع المقاتلين الذين يعرفهم في نجران لكن التواصل بهواتفهم المحمولة تعذر حتى الآن.
وبرغم ذلك، تمكن من الحصول على معلومات من أحد المقاتلين، والذي وصل إلى مأرب بعد فراره من الحدود.
وتحدث العزعزي لميدل إيست آي «MEE» قائلاً "أخبرني المقاتل أن عددًا قليلاً فقط من المقاتلين فروا من المعارك، لكن معظمهم سقطوا أسرى في أيدي الحوثيين".
وتابع "أكد المقاتل أن هناك عشرات الجثث لازالت في الوادي ولم يتمكن أحد من انتشالها أو دفنها بسبب الحصار الحوثي".
ومثل العديد من آباء المقاتلين المفقودين، يقضي العزعزي يومه متنقلاً من منطقة إلى أخرى يسأل عن أشخاص في نجران يمكنهم تزويده بأي معلومات عن ابنه. لكن لم تظهر أي معلومات حقيقية بعد، سوى تلك الشائعات التي يوجد منها الكثير.
وقال العزعزي "أجمع شائعات عن ابني والمقاتلين خلال النهار، وفي الليل، أظل أفكر فيها وأحللها". وتابع "لا أحد يستطيع أن يتخيل مدى قلقي بشأن ابني".
عندما اتصل العزعزي بقائد عسكري في نجران، طلب منه الأخير إرسال محاميه إلى رجل معين من أجل الحصول على رواتب ابنه، وهو ما لم يفعل شيئًا سوى تضخيم مخاوفه من أن يكون ابنه إما قتل أو محتجزًا لدى الحوثيين.
كل ليلة، يراقب العزعزي قنوات الحوثي التلفزيونية، في حال عرضوا أيما أخبار عن مصير المقاتلين كما يتابع المقابلات المتلفزة مع الأسرى.
واعتادت قناة المسيرة التلفزيونية الحوثية على إجراء مقابلات مع أسرى لدى الحوثيين من جبهات مختلفة، وهذه هي الطريقة التي ستكتشف بها الأسر معلومات عن أبنائها. لكن هذا لم يحدث حتى اليوم.
وقال العزعزي "لا أحد يعرف الحقيقة إلا الحوثيين (....) وبصيص الأمل الأخير لدي هو أن ابني ربمـا يظهر على قناة الحوثيين".
تعرض السجناء لغارات جوية
أفاد عدد من الروايات المؤيدة للحكومة على فيسبوك أن حوالي 800 مقاتل من تعز، و600 من إب، و300 من الجوف، و200 من ذمار تم أسرهم في كتاف وتم نقلهم إلى سجون مختلفة.
كما ذكرت التقارير أن إحدى المركبات التي كانت تنقل المقاتلين المأسورين أصيبت في غارة جوية للتحالف بقيادة السعودية على طريق بعيد عن المنطقة المحاصرة، مما أسفر عن مقتل وإصابة الكثيرين.
وكتب القيادي الحوثي وعضو المجلس السياسي للمتمردين، محمد البخيتي على صفحته في فيسبوك يقول "بأن المعلومات الواردة في التقارير الموالية للحكومة "صحيحة".
الاقتصاد وليس الدين
"صابر" (29عاماً)، هو سمسار يقوم بنقل اليمنيين من ذوي الخبرة في القتال من قراهم في المناطق الريفية في تعز إلى الحدود السعودية.
وقد قاتل صابر على الحدود لمدة عام واحد قبل أن يصبح سمساراً. حيث أخذ مئات المقاتلين، بما في ذلك بعض أصدقائه، للقتال على هذا الخط الأمامي تحت قيادة الزعيم السلفي الشيخ رداد الهاشمي.
ويتحدث صابر الذي استخدم اسمه الأول فقط لموقع «MEE» بالقول "إنها حرب ولا أحد يستطيع تغيير قدره، وما علينا سوى أن نستسلم له". وتابع "مصير هؤلاء المقاتلين هو إما أن يقتلوا أو يؤسروا، وهذا ما حدث".
ويعتقد صابر – رغم أنه ليس من الإسلاميين - كغيره من السماسرة على أن القتال على الحدود يعتبر "جهاد"، وهو مصطلح يستخدم لوصف الحرب المقدسة دفاعًا عن الإسلام، رغم أن المتطرفين السلفيين في تعز يقولون إن الأمر ليس كذلك.
وقال صابر "إذا انضم هؤلاء المقاتلون إلى الحرب معتقدين أنها جهاد، فهذا هو ما هي عليه بالفعل". وأضاف "إذا لم ينتصر هؤلاء الجهاديون في معارك في هذا العالم، فإنهم سيفوزون في الجنة في الآخرة".
لكن معظم أمهات المقاتلين المفقودين يعتقدن أن أبناءهن انضموا إلى المعارك من أجل المال، وليس بسبب الدين.
وقال محمد "إن أبنائنا يقاتلون المسلمين اليمنيين [الحوثيين] إلى جانب الغزاة [التحالف]. ولذا فهم بالتأكيد لا يقاتلون من أجل الدين".
وتعتقد "خزام محمد" (أم نائل) أن السماسرة يستفيدون من المشاكل المالية التي يواجهها الشباب، ويشجعون المحتاجين على الانضمام إلى القتال.
وقالت "إن الوضع الاقتصادي السيئ أجبر أبناءنا على الانضمام إلى القتال، في حين شجعهم السماسرة وسهلوا لهم الطريق للوصول إلى ساحات القتال". وختمت بالقول "يجب أن تكون محاربة أولئك السماسرة أولوية للعقلاء، حتى يتوقف فقدان أبنائنا".
- فيديو :