خالد الحميري- المشاهد
أكدت منظمة العفو الدولية أن قنبلة أمريكية الصنع استخدمت في غارة جوية دامية، شنها التحالف العربي على منزل سكني في محافظة تعز (جنوب غرب اليمن) في 28 من يونيو/حزيران الماضي.
ونقلت المنظمة الحقوقية عن خبراء أسلحة استشارتهم وكشفوا على صور الأقمار الصناعية، ومواد الفيديو لمخلفات الأسلحة، أن قنبلة جوية دقيقة التوجيه من طراز “سكند بيف واي” استخدمت في هذه الغارة، التي أسفرت عن مقتل ستة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال.
وأوضحت أن القنبلة الموجهة بالليزر من صنع شركة رايثيون الأمريكية، وتعد أحدث دليل على أن الولايات المتحدة الأمريكية تزود التحالف بقيادة السعودية والإمارات بأسلحة تستخدم في هجمات تصل إلى حد الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني في اليمن.
وأوضحت أن أقرب هدف عسكري محتمل للمنزل في وقت وقوع الهجوم كانت غرفة عمليات تابعة للحوثيين في مزرعة هايل سعيد، التي تقع على بعد حوالي كيلومتر واحد، بيد أن غرفة العمليات تلك توقفت عن العمل منذ أكثر من سنتين، بعد تعرضها لعدة ضربات جوية من قبل قوات التحالف في عامي 2016 و2017.
ونقلت منظمة العفو الدولية عن شهود عيان أنه لم يكن هناك أي مقاتلين أو أهداف عسكرية بالقرب من منزل عائلة الكندي في قرية ورزان في مديرية خدير بمحافظة تعز في وقت وقوع الهجوم.
وأوضحت أن من بين المدنيين الستة الذين قُتلوا في الهجوم الذي نفذ على قرية ورزان في مديرية خدير، امرأة في الثانية والخمسين من العمر، وثلاثة أطفال بلغت أعمارهم اثني عشرة سنة وتسع سنوات وست سنوات.
شهادات
وقال أحد أفراد العائلة لمنظمة العفو الدولية: “لقد قمنا بدفنهم في اليوم نفسه، لأنهم تحوَّلوا إلى أشلاء مقطعة، ولم يتبق هناك أية جثامين يمكن فحصها، إذ أن لحم هذا الشخص اختلطت بلحم ذاك، فتم لفُّهم ببطانيات ونقلهم إلى المقبرة”.
وأشارت إلى أنه بعد مرور نحو خمس عشرة دقيقة على الضربة الجوية الأولى، نُفذت ضربة ثانية على الموقع نفسه، ما يبين أن الطيار أراد أن يتأكد من تدمير منزل عائلة الكندي، ثم قُصف المنزل مرة أخرى بعد خمسة أيام بينما كان أفراد العائلة يتفقَّدون المكان، ولم يُصب أو يُقتل أحد في الهجوم الأخير.
ووفق التقرير، قام خبير الأسلحة في منظمة العفو الدولية بتحليل صور لبقايا السلاح التي استخرجها أفراد العائلة من موقع الضربة الجوية، وتمكَّن من استخدام بيانات المنتَج المطبوعة على جناح التوجيه في تحديد القنبلة بشكل مؤكد على أنها من نوع “جي بي يو-12 بايفواي II” – GBU-12 Paveway II، تزِن 500 باوند ومن صنع الولايات المتحدة.
انتهاكات جسيمة
وقالت الباحثة في شؤون اليمن بمنظمة العفو الدولية رشا محمد “إنه وبالرغم من ورود أدلة عديدة على أن التحالف بقيادة السعودية والإمارات قد ارتكب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي المرة تلو الأخرى، بما فيها جرائم حرب محتملة، فإن أمريكا وغيرها من الدول الموردة للأسلحة، كبريطانيا وفرنسا، ظلت غير آبهة بالآلام التي تسببها أسلحتها للسكان المدنيين”.
وأضافت “أن هذا الهجوم يُبرز، مرة أخرى، الحاجة الماسَّة إلى فرض حظر شامل على جميع الأسلحة التي يمكن أن يستخدمها أي طرف من أطراف النزاع في اليمن.”
وتابعت: “إن انتهاكات جسيمة لا تزال تُرتكب أمام عيوننا وإنه من المهم للغاية أن يتم تمكين هيئات التحقيق، وبالتحديد فريق الخبراء البارزين الذي فوضته الأمم المتحدة، من الاستمرار في توثيق تلك الانتهاكات وتقديم التقارير بشأنها”.
وأشارت إلى “أن توجيه الهجمات نحو المدنيين والأهداف المدنية على نحو متعمد، والهجمات غير المتناسبة والعشوائية التي تتسبب بقتل أو جرح المدنيين تعتبر جرائم حرب”.
ودعت المنظمة غير الحكومية التي تتخذ مركزاً لها في لندن، جميع البلدان بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى “التوقف فوراً عن تقديم أسلحة يمكن استخدامها في النزاع في اليمن”.
حوادث متكررة
ومنذ مارس 2015 أجرى باحثو منظمة العفو الدولية تحقيقات في عشرات الضربات الجوية، وعثروا على بقايا ذخائر مصنوعة في الولايات المتحدة كالقصف الذي استهدف مستشفى عبس في حجة، والقصف الذي استهدف حافلة تقل أطفالاً في محافظة صعدة.
واتهمت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان واشنطن بتزويد التحالف بأسلحة استخدمها في ما لا يقل عن تسع عشرة هجمة جوية غير قانونية، بما في ذلك هجمات بذخائر عنقودية، في الفترة ما بين نيسان/ أبريل 2015 وتموز/ يوليو 2018 وقتلت هذه الهجمات ما لا يقل عن ثمانية وثمانين مدنياً، من بينهم خمسة وأربعون طفلاً وثمان عشرة امرأة، وأصابت مائة وخمسة وأربعين مدنياً.
جرائم حرب
وكان تقرير الخبراء الدوليين بشأن اليمن، كشف عن انتهاكات جسيمة ارتكبها التحالف، إضافة إلى أطراف محلية تعد حسب التقرير الدولي “جرائم حرب”، يخضع مرتكبوها للمساءلة بسبب تجاوزات القانون الدولي وانتهاك حقوق الإنسان.
واتهم فريق الخبراء الأممين البارزين التحالف الذي تقوده السعودية، بعدم الجدية في التحقيقات التي يجريها، داعياً إلى ضرورة إجراء تحقيقات إضافية في ظل إعاقة عدة أطراف لعمل اللجنة المكلفة بالتحقيقات، على حد قوله.
وقال رئيس لجنة الخبراء الأممية بشأن اليمن كمال الجندوبي، إن التحقيقات أظهرت ارتكاب أطراف النزاع في اليمن انتهاكات عديدة، من بينها الغارات التي يشنها التحالف وقصف الحوثيين والقوات الحكومية والجماعات المسلحة المدعومة إماراتياً.
وحدد المحققون، الذين عينهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة “أفراداً قد يكونون مسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية”، وقدموا قائمة سرية بالأسماء إلى مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه.
وحذر الخبراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيران وغيرها من أنها “قد تتحمل مسؤولية تقديم المساعدة أو المساعدة في ارتكاب انتهاكات بحق القانون الدولي إذا ثبت أن شروط التواطؤ متوافرة”.
وتقود الرياض وأبوظبي تحالفاً، منذ مارس 2015، ضد جماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء وعدد من المناطق تقول الأولى إنه جاء بناء على طلب من الرئيس هادي لإنهاء الانقلاب واستعادة الشرعية.
وخلال السنوات الأربع الماضية، سقط مئات المدنيين بين قتيل وجريح في غارات لمقاتلات التحالف العربي بقيادة الرياض، وسط اتهامات له بخرق قواعد الاشتباك والقانون الدولي.