البحسني- محافظ حضرموت

البحسني ”المحافظ الرمادي”.. وكرت أبوظبي ”المتاح” لتفجير الوضع في حضرموت

يجد محافظ محافظة حضرموت، قائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء الركن، فرج ساليمن البحسني، نفسها في المنطقة الرمادية دوما، منذ تعيينه محافظا للمحافظة الغنية بالنفط والبعيدة عن نيران الحرب، منتصف العام 2017 خلفا للمحافظ السابق والقيادي الحالي في ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، أحمد بن بريك.
 
لم يكن يحلم البحسني أن الأحداث التي عصفت بالبلاد إلى سدة محافظة حضرموت التي تنقسم إلى ساحل ووادي، بعد أن قضى سنوات من عمره في بيع الوقود في إحدى المحطات في السعودية وذلك إبان فراراه عقب حرب صيف 94.
 
يتقن البحسني اللعب على الحبلين باعتبار ان ذلك سيبقيه على رأس المحافظة التي تشهد تجاذبات لم تتوقف، لكنه أحيانا يذهب به اللعب بعيدا ليبقيه على حبل واحد مكشوف، كما حدث في لعبه الأخير!
 
فجرت تقارير صحفية قصة مدوية عندما أفادت أن المحافظ البحسني زار أبوظبي سرا، دون علم السلطات الشرعية، فما قصة الزيارة الأخيرة، وهل ثمة زيارات للرجل "الرمادي المريض"، والذي يتخذ من مرضه حيلة للهروب من زياراته السرية.

*المحافظ الرمادي

منذ تعيينه محافظا بحضرموت قائدا لقوات المنطقة العسكرية الثانية التي تتخذ من المكلا مقرا لها حاول أن يغلف تحركاته ومواقفه بطابع مسك العصا من المنتصف، حتى لا ثير سخط الإمارات باعتباره يتواجد في منطقة تخضع لنفوذها المباشر، وفي المقابل فضل عدم الابتعاد كثيرا عن الشرعية باعتبارها صاحبة قرار تعيينه وقد تطيح به في لحظة غضب عاصفة كما أطاحت من قبله.
 
واتخذ البحسني من شخصيته الهادئة والبعيدة عن الأضواء فرصة للبقاء والمناورة في المنطقة الرمادية، فيعمد للتحرك والمناورة ببطء وحذر شديدين ثم يعود للبقاء في المنطقة الرمادية ثانية.
 
تسرح وتمرح قوات النخبة بأوامر القائد الإماراتي ولا يجد بدا أو حرجا في ذلك، بل لعله يشعر بالغبطة والسعادة، طالما وأن ذلك يأتي خارج سياق إحراجه، أو ظهور شكوك حول صمته ومداهنته.
 
يحضر البحسني بحسب مصادر مقربة منه، المهرجانات والاحتفالات الرسمية فيصدر توجيهاته بعدم رفع الاعلام الوطنية أو الشطرية، كحل يراه مرضٍ ومناسب للطرفين(الشرعية، والإمارات).

يقوم بزياراته مكوكية وخارجية بين المكلا وأبوظبي وعندما تتكشف زياراته وتحركاته للإعلام تظهر وعكته الصحية لتغطي على مارشح في الاعلام، ويبدأ مكتبه في تكثيف تواصلاته واتصالاته وتحسّساته حول أشخاص ودوائر ضيقة يعتقد بأنها قامت بتسريب زياراته وتحركاته السرية للإعلام الذي يبدي توجساته وريبته منه على الدوام.

*احتجاجات البزبوز
بالتوازي مع بروز تحركات لعناصر الانتقالي في وادي حضرموت وبروز حدوث أمنية كان أبرزها مقتل قائد قوات التحالف في مدينة شبام مع عدد من الجنود، ظهرت دعوات وتحركات في ساحل حضرموت(مركز المحافظ) كانت جميعها في تصب في الضغط على الحكومة وإحراجها، تحت لافتة إغلاق البزبوز.
 
وأقدم البحسني على إصدار قرار يقضي بوقف تصدير النفط تحت ذريعة عدم ايفاء للحكومة بتعهداتها في صرف مخصصات المحافظة اتساقا مع مطالب الشارع هكذا كما يزعم.
 
وأقدم المحافظ "الرمادي" على هذا القرار الذي يعد سياديا مستغلا صخب بعض الأصوات المستأجرة والمجيرة، حيث أصدر قراره وجاء بنفسه إلى مكان الاحتجاج ليقف بين المحتجين الذين باركوا وأيدوا خطواته بكل حماس مطلقين العنان لحناجرهم بالهتافات المناطقية ، وسط ساحة كانت العلام الشطرية هي الحاضر بقوة.
 
ويؤكد مراقبون أن الاحتجاجات التي ظهرت فجأة والتي توجت بقرار المحافظ وما تكشف عن زيارته لأبوظبي تأتي في إطار خيارات وأوراق (الإمارات) المتاحة حاليا بعد خسارته ها ورقة شبوة المجاورة، فسعت إلى تفجير الوضع في حضرموت التي كانت تبدو آخر خياراتها ومحطاتها.
 
وحرص الرئيس هادي عشية سبتمبر في خطابه إلى التطرف إلى ما يعتمل من تحركات بعد توجيهات حكومية بسرعة صرف مستحقات المحافظة من النفط، فقد دعا هادي أبناء حضرموت إلى المحافظة على محافظتهم وتفويت الفرصة على من يريدون جرها الصراع إليها، في إشارة إلى أن المطالب التي ظهرت للسطح فجأة وغدت ظاهرها المطالبة بمستحقات المحافظة التي أقرتها الدولة وباطنها افتعال الفوضى وجر المحافظة المسالمة إلى مربع العنف، وهو ماعناه الرئيس بقوله، "إننا معكم في نيل حقوقكم".
 
ويستنتج من خلال خطاب هادي أن تحركات المحافظ الذي حاول هذه المرة التصدر وتلبية "رغبة المواطنين"، ليتوج ذلك التصدر بما كشفته التقارير بزيارته السرية إلى أبوظبي، والتي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة بحسب مراقبين، لكنها وجدت طريقها للإعلام لارتباط المحافظ (الرمادي) بتزعمه الاحتجاجات وتحريكه للشارع ضد الحكومة اليمنية.
 
*الخروج من الرمادية

يظهر جليا بعد تحركات البحسني وموقفه الأخير أنه قرر مغادرة دائرة المنطقة الرمادية، والخروج إلى دائرة الضوء والمواجهة للمرة الأولى من سنوات.
 
فهل قرر المحافظ البحسني الخروج من المنطقة الرمادية مؤخرا والتموضع في المعسكر الذي يجد نفسه فيه، بعد أن ظل لسنوات يؤدي دوره كجندي مجهول في الظل، أم إن الإمارات قررت اختبار واحدة من أثقل أوراقها لتفجير الوضع؟
 
كيف يبدو موقف الشرعية اليوم من هذا التطور الجديد، وتلقيها ضربة كهذه في هذا التوقيت؟
 
وهل جاء خطاب الرئيس هادي الذي خص به حضرموت إعلان لحظة المفاصلة وقرار إقالة متقدم للبحسني، وماهي خيارات الشرعية، في حال أفلحت الإمارات في تفجير الوضع بحضرموت؟
 
 
المصدر: واي ان ان الاخبارية