السياحة بالسعودية

هل تؤثر حرب السعودية باليمن وسجلّها الحقوقي على طموحاتها السياحيّة «الواعدة»؟

تفتح السعودية أبوابها أمام السياح الدوليين للمرة الأولى، فيما وصفه الوزراء بـ «اللحظة التاريخية». وتبدو تفاصيل شروط التأشيرة الجديدة، التي أعلن عنها الجمعة، 27 سبتمبر/أيلول 2019، واعدة، من أجل تسهيل دخول المسافرين من 49 دولة إلى المملكة، خاصة أن قواعد الزي للنساء الأجنبيات ستكون أكثر تساهلاً.

وستكون التأشيرة السياحية التي تطبقها السعودية متاحة أمام مواطني 38 دولة من أوروبا بالإضافة إلى سلطنة بروناى واليابان وسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية وكازاخستان والصين، ومن أمريكا الشمالية دولتان، هما الولايات المتحدة وكندا، بالإضافة إلى أستراليا ونيوزلندا.

وحتى وقت قريب، كانت تأشيرات السعودية تقتصر على الحجاج، ورجال الأعمال، والعمالة المغتربة. وتستقبل مكة كل عام 3.7 مليون حاج مسلم، وملايين أكثر من أجل أداء العمرة. لكن العام الماضي، بدأت الدولة المحافِظة تبذل جهوداً من أجل جذب السياح الدوليين. في أكتوبر/تشرين الأول 2018، كشفت الحكومة السعودية عن تأشيرة «شارك»، التي تسمح للزوّار الأجانب بدخول البلاد لفترة قصيرة، تبلغ 14 يوماً، من أجل حضور فعالية معينة.

«سوف ينبهر الزوار بما لدينا» 

يقول أحمد الخطيب، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة، في بيان إن «فتح أبواب السعودية أمام السيّاح الأجانب لحظة تاريخية لبلادنا». وأضاف: «سوف ينبهر الزوّار مما لدينا من كنوز، خمسة مواقع مدرجة ضمن التراث العالمي لليونسكو، وثقافة محلية نابضة بالحياة، وجمال طبيعي خلاب».

تقول صحيفة Telegraph البريطانية «بدأت مساعي السعودية لجذب السياحة في عام 2017، عندما كشف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن «رؤية 2030″، وهي الخطة التي تحوّل اعتماد اقتصاد البلاد الأساسي على النفط تجاه أسواق أخرى.

وأُطلق على محمد بن سلمان «الأمير المصلح» بعد التساهل في عدد من السياسات الأخرى؛ على سبيل المثال، أصبح الآن بإمكان المرأة السعودية السفر وقيادة السيارة دون إذن وليّها.

وفي إطار السياسة السياحية الجديدة، سوف تتمكن الأجنبيات من زيارة المملكة من دون مرافق للمرة الأولى. وذكرت تقارير أن الأجنبيات لن يُلزمن بارتداء العباءة التي تغطي كامل الجسد مثل السعوديات، مع الحفاظ على ارتداء ملابس محتشمة.

ولن يُسمح لغير المسلمين بزيارة مكة والمدينة، وسوف يظل حظر المشروبات الكحولية على مستوى البلاد قائماً. وفي بيان عام الشهر الماضي، زعم ولي العهد (33 عاماً)، أن السياحة بحلول عام 2030 سوف تسهم بنسبة 10% من إجمالي الناتج المحلي للمملكة، وهذا الرقم يعني أكثر من 100 مليار دولار، أي ما يجعلها واحدة من أفضل خمس وجهات سياحية في العالم.

وقبل 24 ساعة، دشّنت السعودية صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»؛ VisitSaudiNow أي «زوروا السعودية الآن». وكتب الحساب الجديد ثلاث تغريدات حتى الآن تحمل الوسم #WelcomeToArabia أي «مرحباً بكم في السعودية».

الجدوى المجهولة للمدينة العملاقة الجديدة

وتتضمن «رؤية 2030» إنشاء مركز سياحي تبلغ مساحته ضعف مساحة ويلز تقريباً على ساحل البحر الأحمر. وأوضح بيان رسمي أن المنطقة المستهدفة لـ «مشروع البحر الأحمر» تبلغ مساحتها 34 ألف كيلومتر مربع بين مدينتي أملج والوجه، وتتضمن 50 جزيرة، مضيفاً أن المنطقة سوف تخضع لقوانين «تتماشى مع المعايير العالمية».

ولا يتوقف الأمر عند المنتجعات الجذابة التي وعدت بها السعودية. هناك مخططات قائمة لبناء مدينة «نيوم» العملاقة في شمال غربي البلاد، تلك المنطقة المهملة اقتصادياً، بتكلفة 500 مليار دولار.

وأشار تقرير سُرّب إلى صحيفة Wall Street Journal إلى وجود عدد من الروبوتات يفوق البشر، و»مرشدين بتقنية الهولوغرام ثلاثية الأبعاد»، ونظام استمطار في تلك المدينة. ووفقاً للمخططات، يتصور محمد بن سلمان أن تكون «نيوم المدينة الأكبر عالمياً من حيث الناتج المحلي الإجمالي». بالرغم من وصول عدد من عمال الإنشاءات إلى المدن الصغيرة في المنطقة وبدء أعمال البناء، لا يزال من غير المعروف جدوى بناء المدينة العملاقة الجديدة، ومتى ستؤتي ثمارَها.

وبعيداً عن المنتجعات الجديدة والمدن العملاقة، هناك عقبات أخرى تحتاج السعودية إلى التغلب عليها لتتمكن من جذب الزوّار من مختلف أنحاء العالم. يأتي الإعلان عن ضوابط التأشيرة الجديدة بعد أسبوعين فقط من الهجومات على مرافق نفط سعودية، وهو الأمر الذي أربك أسواق الطاقة العالمية، وأثار المخاوف من نشوب صراع إقليمي.

وقال أحمد الخطيب، وزير السياحة، في حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، إنه لا يعتقد أن الهجوم الأخير على منشآت النفط السعودية قد يثني الناس عن زيارة المملكة. وأضاف: «مدننا من بين أكثر المدن أماناً في العالم، لذا لا نعتقد أن ذلك سوف يؤثر على مخططاتنا على الإطلاق. لدينا مغتربون من جميع الجنسيات يعيشون في المملكة، ويستمتعون بالمملكة. إننا آمنون كلياً».

سجل حافل بالانتقادات الدولية حول حقوق الإنسان

لكن هناك أيضاً الانتقادات الدولية لسجل السعودية في حقوق الإنسان. في العام الماضي، قُتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وهو منتقد علني للنظام السعودي، في القنصلية السعودية في إسطنبول، في جريمة متعمدة، على يد فرقة من 15 فرداً. وأشارت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى أن مسؤولية الجُرم تقع على عاتق الموجودين على رأس النظام السياسي السعودي، حتى وليّ العهد نفسه.

وهناك الحرب المدمرة التي تقودها السعودية في اليمن، في صورة حملة عسكرية تسببت في أزمات وكوارث إنسانية لدى الجار الجنوبي للمملكة.

وعلى الرغم من تخفيف بعض القوانين، لا تزال النساء بحاجة إلى موافقة أوليائهن من أجل الزواج. ولا يمكن للنساء أيضاً مغادرة السجن أو مأوى النساء ضحايا العنف الأسري دون إذن الوليّ، مما يعني أنه حتى في الحالات التي تلجأ فيها النساء إلى مأوى بعيداً عن وليّها الذي يسيء إليها لن تتمكن من مغادرة المنشأة إلا إذا وافق الوليّ نفسه على إيوائها مجدداً.

إضافة إلى ذلك، هناك مخاوف لدى وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث في بريطانيا بشأن سفر المواطنين البريطانيين إلى المملكة. وبخلاف المنطقة المحظورة التي يبلغ طولها 80 كيلومتراً على طول الحدود المضطربة مع اليمن، تعتبر البلاد بأكملها آمنة للزيارة.