أشرف الفلاحي- عربي21
فتح تصريح وزير النقل في الحكومة اليمنية المعترف بها، بشأن توجهات حكومته للعمل مؤقتا من محافظة شبوة (جنوب شرق البلاد)، بدلا عن محافظة عدن الساحلية الخاضعة لسيطرة الانفصاليين المدعومين من دولة الإمارات، الباب واسعا أمام تساؤلات عدة حول إمكانية ذلك، وأبعاد هكذا توجه.
وكان وزير النقل، صالح الجبواني، كشف في الأيام الثلاثة الماضية عن عودتهم إلى أرض الوطن.
"سنعمل من عتق"
أهنئ قائدنا الرئيس هادي وشعبنا العظيم بمناسبة الذكرى 57 لثورة 26 سبتمبر. نحن عائدون إلى أرض الوطن وسندير عملنا مؤقتاً من عتق حتى تحرير عدن ثم صنعاء. سيُفتتح المطار ليكون محطة دولية، وكذلك الميناء سنشتغل على بناءه من اللحظة. أمام شبوه فرصة لأن تصبح أكثر المحافظات أمناً وإزدهارا.
— Saleh Algabwani (@SAlgabwani) September 26, 2019
وقال الجبواني في تغريدة عبر تويتر: "نحن عائدون إلى أرض الوطن، وسندير عملنا مؤقتا من عتق، حتى تحرير عدن ثم صنعاء".
وأضاف: "سيُفتتح المطار -مطار مدينة عتق، عاصمة المحافظة- ليكون محطة دولية، وكذلك الميناء، سنشتغل على بنائه من اللحظة".
وبحسب الوزير اليمني، فإن أمام شبوه فرصة لأن تصبح أكثر المحافظات أمنا وازدهارا.
"هزيمة ثقيلة للانفصال"
وفي هذا السياق، رأى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن الحديث عن إمكانية أن تمارس الحكومة عملها من مدينة عتق في محافظ شبوة توجّه أملته الظروف القهرية التي واجهتها في العاصمة المؤقتة عدن، وقبلها في العاصمة التاريخية صنعاء.
وقال في حديث لـ"عربي21"، إن عودة الحكومة إلى عتق، المركز الإداري لشبوة، "تمثل أولوية قصوى في هذه المرحلة، على الرغم من أن خطوة كهذه قد يفهم منها أنها تنازل أو تراجع أمام الوقائع التي تكرست في مدينة عدن".
وأشار التميمي إلى أن عودة هياكل السلطة الشرعية وعملها من مدينة عتق قد يؤسس لتوجه تحتاجه البلاد، التي تواجه تحديات يأتي معظمها من الظروف المحيطة بالعاصمة التاريخية صنعاء، التي تعاني من علاقة متوترة وغير مأمونة الجانب، مع محيط قبلي يتسم بالتقلب والغدر.
وتابع: "ينبغي أن تبقى عدن عاصمة اقتصادية للبلاد، فيما يتوجب التفكير الجدي في تأسيس عاصمة سياسية جديدة تمثل شبوة بموقعها الذي يتوسط البلد المكان الملائم لإقامتها".
ووفق للكاتب اليمني، فإن ذلك الأمر غير محكوم بظروف اللحظة بقدر ما يستجيب للشروط الموضوعية وللموقع الجيوسياسي الذي يمكن أن يضمن استقرارا مستداما للدولة، ويصونها من النزعات الجهوية التفكيكية ومخططات التقسيم.
ولفت السياسي اليمني إلى أنه وبمعايير اللحظة الراهنة، فإن تصريحات وزير النقل فيها وجاهة وموضوعية. مؤكدا أن التواجد في شبوة يمثل هزيمة ثقيلة للمشروع الانفصالي.
كما ذكر أن هذا التوجه يضع الجميع أمام حقيقة واضحة، مفادها أن محاولة تمرير مشروع التقسيم غير ممكن في ظل التحول الهائل في المزاج العام الجنوبي، بعد أن تكشفت حقيقة المخططات الخبيثة للمؤثرين الإقليميين، وعلى رأسهم الإمارات والسعودية.
" تجذير الشرعية"
من جانبه، قال الصحفي والباحث السياسي، كمال السلامي، إن كانت الحكومة اليمنية فعلا تسعى للبقاء في الداخل وممارسة مهامها من هناك، فإن بإمكانها القيام بذلك من أي منطقة محررة، كون المطلوب منها حاليا هو الإشراف على سير العمليات العسكرية والإنسانية، وغيرها من الأمور العاجلة في ظل هذه الظروف الاستثنائية.
وتابع حديثه لـ"عربي21" بأن هذا التوجه يجب أن يكون واقعا ومطلوبا فعليا، وبشكل ملح؛ نظرا لوجود مطار مؤهل لاستقبال الطائرات والزائرين وغير ذلك.
وبحسب الصحفي السلامي، فإن مدينة عتق عاصمة شبوة مؤهلة لأن تكون مقرا مؤقتا للحكومة، وهذه الخطوة ستعزز من حضور الشرعية في المناطق الجنوبية والشرقية، وستجعل نفوذها أقوى، إن كانت جادة فعليا في العودة إلى الداخل.
لكنه استبعد أن تصبح عتق عاصمة بديلة عن عدن؛ بسبب افتقارها للبنية التحتية اللازمة لاستيعاب متطلبات تحولها إلى قاعدة إدارية لإدارة الدولة.
واستدرك قائلا: "مدينة عتق يمكن أن تصبح مقرا مؤقتا للحكومة، لكن من الصعب أن تصبح عاصمة، ولو مؤقتة، وباعتقادي أن سيئون -ثاني أكبر مدن محافظة حضرموت- أكثر ملائمة لتصبح مقرا للحكومة؛ نظرا لبعدها عن مناطق الصراع، ولامتلاكها بنية تحتية أفضل نسبيا من عتق".
وأوضح الباحث السياسي اليمني أن هذه الخطوة إن تمت فهي موجهة بشكل مباشر لتحركات المجلس الانتقالي الجنوبي، ومن ورائه الإمارات. لافتا إلى أن الهدف هو تجذير وجود الشرعية في محافظة شبوة النفطية، وقطع طموحات العودة لدى الفصائل المدعومة من أبو ظبي.
ومنذ بسْط قوات الجيش سيطرتها عليها أواخر آب/ أغسطس الماضي، وإنهاء سيطرة مليشيا ما تسمى "النخبة الشبوانية"، التي شكلتها ومولتها أبوظبي، بدأت قيادة السلطة المحلية في شبوة، المحافظة الغنية بالنفط، والتي يوجد فيها أكبر منشأة لتصدير الغاز الطبيعي في اليمن، بمشاريع متنوعة، منها إعادة تأهيل مطار عتق، وهو ما دفع بقيادات انفصالية للتحذير من هذه الخطوة.