- الخطوة جاءت بعد نحو أسبوع من إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن هجمات "أرامكو"
- ولي العهد السعودي يعتبر مبادرة الحوثي "خطوة إيجابية"
- باحث يحذر من خضوع السعودية في هذا التوقيت لتلك الدعوات
-كاتب يقول إن مبادرة الحوثيين هي رسالة من إيران بأنها قد استحكمت من تضييق الخناق عليها
شكل إعلان جماعة الحوثي في اليمن، في 20 من سبتمبر/ أيلول الماضي، وقف استهداف السعودية، تطورا مفاجئا لمسار الحرب، والتي يقودها التحالف العربي لدعم الشرعية.
إعلان الحوثي جاء على لسان مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى "سلطة الحوثيين في صنعاء"، بـ"وقف استهداف الأراضي السعودية بالطيران المُسير والصواريخ الباليستية والمُجنحة وكافة أشكال الاستهداف"، واستدرك ذلك باحتفاظه بـ"حق الرد".
وأرجع القيادي الحوثي هذه الخطوة إلى إطلاق مبادرة سلام هدفها إتمام مصالحة وطنية شاملة.
والغريب أن الخطوة جاءت بعد نحو أسبوع من إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن هجمات على منشأتي نفط تتبع شركة "أرامكو" عملاق النفط السعودي.
وحملت السعودية مسؤولية الهجوم لإيران، نافية أن يكون لدى الحوثيين قدرة على تنفيذ مثل هذا الهجوم، وقدمت أدلة مصورة لإثبات أن الطائرات التي نفذته قدمت من الشمال، وهو ما نفته طهران.
وفيما لم تصدر السعودية ردا رسميا على مبادرة الجماعة المدعومة من إيران، إلا أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خرج مؤخرا في أول تعليق رسمي، نهاية سبتمبر/ أيلول، في حديث عبر قناة "CBS" الأمريكية، مشترطا وقف إيران دعمها لجماعة الحوثيين لكي يصبح الحل أسهل.
وفيما اعتبر بن سلمان مبادرة الحوثيين "خطوة إيجابية" للدفع باتجاه حوار سياسي أكثر جدية، فإنه أكد أن بلاده تفتح جميع المبادرات للحل السياسي في اليمن، وتأمل أن يحدث ذلك "اليوم قبل الغد".
ولم يتأخر رد الحوثيين، فبعد يوم واحد فقط رحب عضو المجلس السياسي للحوثيين محمد علي الحوثي بتفاؤل بن سلمان لوقف الحرب في اليمن واعتبرها "إيجابيا".
كما أشار إلى أن تحويل المناقشة إلى تفاوض يحتاج جدية من السعودية وواقعية بعيدا عن الإملاءات.
وجاءت هذه المبادرة والرد عليها بالتزامن مع وقف التصعيد بين السعودية وإيران، ووساطة دول عربية لإجراء مفاوضات بين الجانبين.
فيما أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير أن الحوار مع طهران لن يشمل حرب اليمن، معتبرا ذلك شأن اليمنيين.
** دلالات الإعلان
يعتقد الباحث والكاتب اليمني نبيل البكيري أن ضربة "أرامكو" أثبتت فعلًا مدى انكشاف منظومة الأمن الخليجي والسعودي تحديدا، ويرى أن إيران تقف وراء هذه الضربة بشكل مباشر.
وبذلك فإنه يعتبر أن التصريحات التي تلت هذه العملية وخرجت لتدعو للسلام والحوار كلها تؤكد مدى التأثير والحضور الإيراني في كل هذه الحرب وويلاتها.
من جانبه، يجزم المحلل السياسي اليمني عمر ردمان أن الحوثيين "مجرد أداة بيد إيران" يعبرون عن مواقفها خصوصًا يما يتعلق بالسياسة الخارجية، في إشارة إلى أن المبادرة هي موقف إيراني.
واستطرد: "وبالتالي فإذا ما أردنا فهم مواقف الحركة الحوثية فينبغي ربطها بمستجدات العلاقات الإيرانية بمحيطها الإقليمي والدولي".
واعتبر ردمان أن مبادرة الحوثيين هي رسالة من إيران أوصلتها للسعودية بأنها قد استحكمت من تضييق الخناق عليها، عبر أذرع إيران شمال وجنوب السعودية، بعد أن تم استهداف "أرامكو" من شمال السعودية فيما أوعزت إلى ذراعها في اليمن إعلان تبنيهم عملية الاستهداف.
ويطرح الكاتب والمحلل السياسي اليمني محمد المحيميد احتمالين لإعلان الحوثيين وقف الهجمات على السعودية.
الأول أنه يأتي بإيعاز إيراني في إطار تخفيف الضغط على طهران بعد قصفها لمنشآت "أرامكو"، وأمرها للحوثيين بتبني العملية.
وهنا يرى الأمر لا يعدو عن كونه مناورة حتى يتم تجاوز الصدمة ورد الفعل اللحظي على الهجوم.
بينما يعتقد أن الاحتمال الثاني هو ما تردد من تسريبات أن جهات غربية أبلغت الحوثيين أن إيران بصدد تنفيذ عمليات أخرى ضد المملكة ومصالحها وستحملها الحوثيين.
ومن هنا استبق الحوثيين الأمر بإعلانهم وقف هجماتهم والتبرؤ من أي عمليات إيرانية قادمة تستهدف السعودية.
** توقيت مُلفت
ويحذر البكيري من خضوع السعودية في هذا التوقيت لتلك الدعوات التي وصفها بـ"الملغومة والمزخرفة" بدعوة السلام.
واعتبرها تعني تسليم المملكة التام بالهيمنة والنفوذ الإيراني على المنطقة سواء كان الحوار مع جماعة الحوثي أو مع الطرف الإيراني مباشرة.
وشدد على أنه لا مصلحة سعودية مباشرة ستتحقق من كل هذا التوجه والذي سيعزز فكرة الهزيمة السعودية في تلك الحرب.
ورأي ردمان أن إعلان الحوثيين عن نيتهم إيقاف الهجمات على السعودية يندرج ضمن سياسات إيران الحالية التي تتجه نحو التهدئة.
وقال إن ما يعزز هذه الفرضية زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي للسعودية الأسبوع المنصرم وتصريحاته لقناة الجزيرة بأن السعودية ترغب في التهدئة، مؤكدًا أن الملف اليمني هو بوابة الحل.
ويفسر المحيميد الاحتمال الثاني الذي طرحه، بأن الحوثيين أرادوا القول للإيرانيين "نحن قبلنا تنفيذ طلبكم في العملية الأولى لاستهداف أرامكو وتبنيناها ولكن لن نستطيع فعل ذلك في العمليات القادمة.
وفي كلا الاحتمالين يؤكد أن جماعة الحوثي تخضع بالكامل لأوامر إيران، ولو على حساب مصلحتها، فضلا عن مصلحة الشعب اليمني الذي قال إنه يدفع ثمن "جرائم" ترتكبها إيران وتتبناها نيابة عنها جماعة الحوثي.
** إمكانية إجراء مشاورات
وعن مدى إمكانية أن تفضي هذه المبادرات إلى مشاورات مباشرة بين الحوثيين والسعودية، بعيدا عن الحكومة الشرعية، يجزم الباحث والكاتب البكيري أن المخرج الوحيد للمملكة هو إعادة ترتيب أوراقها والتي ينبغي أن ترتكز على الأساس الذي تدخلت فيه باليمن، وهو استعادة الشرعية.
وأضاف: "وحده هذا الباب والعنوان من سينقذ المملكة من مصير مجهول ينتظرها في حال قبلت بالحوار مع إيران وأذرعها".
ولفت إلى أن ذلك يعني الهزيمة مما سيفتح أبوابا كبيرة من الأزمات داخل الأسرة الحاكمة وداخل الجغرافيا السعودية.
وحذر من أن يؤدي ذلك إلى انفجار أزمة "ابتزاز" الأقليات الشيعية المنادية بحكم نفسها بنفسها، والذي قد يتطور لحركات تمرد ضد الحكومة السعودية المركزية.
ولا يستبعد المحلل السياسي عمر ردمان انخراط السعودية في مشاورات بحث الحل السياسي في الملف اليمني مع الحوثيين إذا ما حصلت على ضمانات دولية بعدم تهديد أمنها المباشر.
وتوقع ألاّ تتم تلك المشاورات بشكل معلن إلى أن يتم التوصل إلى نتيجة مرضية بالنسبة للسعودية، وحينذاك ستقوم بالضغط على الحكومة الشرعية اليمنية للقبول بما تم التوصل إليه.
في تقدير المحيميد فإن هناك خط ساخن بين السعودية والحوثيين منذ فترة طويلة، غير أن السعودية تعلم –والحديث للمحيميد- أن قرار الحرب والسلم ليس بيد جماعة الحوثي بل في طهران وسيكون من الخطأ إجراء أي مفاوضات مباشرة دون معرفة الحكومة الشرعية.
ويشير إلى رغبة حوثية للتفاوض مع السعودية بشكل مباشر، دون اعتبار للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.
وأردف المحيميد: "الحوثيين يريدون مثل هذا، منذ أول يوم، ليقولوا لليمنيين نحن نواجه عدوانًا سعوديًا ولسنا انقلابا على الشرعية اليمنية أو الشعب".
ويؤكد أن مثل هذا، لو حدث، فإنه سيترتب عليه تبعات سياسية وقانونية واقتصادية محلية ودولية كثيرة تدركها الشرعية اليمنية ويدركها تحالف دعم الشرعية جيدا.