بعد أن قضى "نجيب العواضي" (33 سنة) ساعات طويلة أمام إحدى محطات الوقود في العاصمة اليمنية صنعاء، عله يستطيع الحصول على بعض اللترات من البترول، إلا أنه تفاجأ أن محطة الوقود أعلنت عن نفاد الكمية، ليبدأ من جديد رحلة طويلة، بحثا عن محطة أخرى والانتظار مجددا في سرب طويل من السيارات بحثاً عن وقود يزود به سيارته الأجرة التي يعول بها أفراد أسرته.
وتعيش العاصمة صنعاء أزمة مشتقات نفطية خانقة، أثرت كثير على حياة الناس، وخاصة أولئك الذين يعد البترول عصب حياتهم اليومية في العمل وتوفير المصروف اليومي لأسرهم، وبالتحديد سائقي الباصات وسيارات الأجرة، حيث تتضرر حياتهم كثيرا، وينعكس ذلك أيضاً على أسعار المواصلات التي ارتفعت بشكل كبير.
وبدأت أزمة المشتقات النفطية في منتصف سبتمبر الماضي، ومطلع الأسبوع الماضي بدأ الناس يشعرون بإنفراجة، لكنها لم تستمر سوى ثلاثة أيام تقريبا، قبل أن تعاود الأزمة مساء الأربعاء 2 أكتوبر 2019، بشكل مفاجئ، حيث ازدحمت السيارات مجددا أمام محطات الوقود في كل الشوارع الرئيسة بصنعاء ومازالت مستمرة.
معاناة مستمرة
يقول "العواضي" – الذي يعمل سائق أجرة - إنه استبشر خيراً حين فتحت محطات الوقود أبوابها بعد مرور أسبوعين على أزمة المشتقات النفطية؛ ولكن لم تمر سوى ثلاثة أيام حتى عادت الأزمة من جديد، لتبدأ معها معاناة المواطنين من خلال ارتفاع الأسعار والتي شملت جميع نواحي الحياة اليومية.
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" حياتنا أصبحت مخنوقة.. لا نكاد نستقر في معيشتنا بشكل جزئي، إلا وتحدث أزمة تجعلنا نعيش في جحيم الحاجة للمصروف اليومي. واستدرك: "ليس من السهولة ان نتوقف عن العمل يوم واحد، لأننا نخسر الكثير جدا من احتياجاتنا اليومية".
وعندما تبدأ أزمة المشتقات النفطية، سرعان ما تنتشر السوق السوداء بشكل لافت. حيث بلغ سعر الـ 20 ليتر من البترول إلى نحو 20 ألف ريال (33 دولار أمريكي)، وتتفاوت الأسعار من شارع إلى آخر، في الوقت الذي يعمل الحوثيون على إدارة تلك السوق وتموينها والحصول على عوائدها المادية المرتفعة.
وتستحوذ ميليشيا الحوثي على نحو أكثر من 20 شركة تعمل في استيراد النفط، جميعها تابعة لهم أو موالين لهم، ما ساعدهم على احتكار المشتقات النفطية، وبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة في العاصمة "صنعاء" ومناطق أخرى قابعة تحت سيطرتهم.
ارتفاع تكاليف المواصلات
لا تكاد تخلو باصات الأجرة المتنقلة داخل شوارع العاصمة صنعاء من المشادات الكلامية بين السائقين والركاب بعد ان ارتفعت تكاليف المواصلات بنسبة كبيرة الأمر الذي أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين وخصوصاً طلاب الجامعات.
ورصد "يمن شباب نت" بعض شكاوى المواطنين نتيجة الاستغلال الجائر من قبل السائقين، في ظل الظروف القاسية وظرو نتيجة انقطاع الرواتب وانعدام فرص العمل وتضييق ميليشيات الحوثي المعيشة على الناس، بكل فئاتهم المختلفة.
ويقول "حافظ الشرفي" وهو طالب في جامعة صنعاء أن تكاليف المواصلات ارتفعت بنسبة كبيرة وأنه يدفع تكاليف المواصلات من منزله بمنطقة دارس بشارع المطار إلى جامعة صنعاء ما يقارب 1,000 ريال كل يوم، لباصات النقل العام.
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" أن أزمة الوقود فاقمت من معاناة طلاب الجامعة وخصوصاً الذين يأتون من مسافة بعيدة وهناك الكثير من الطلاب أصبحوا عاجزين وغير قادرين على تحمل تكاليف المواصلات الباهضة، والتي أصبحت كابوس يلاحقهم كل صباح.
وأدت أزمة المشتقات النفطية إلى غياب سائقي الباصات في الشوارع، حيث تتكرر المشاهد كل يوم لأشخاص يقفون على امتداد الطرقات، يتسابقون للوصول إلى وسيلة نقل توصلهم إلى أماكن أعمالهم أو إلى الجامعات في ظل استمرار الأزمة، وبقاء معظم السائقين في الطوابير أمام المحطات.
من يقف وراء أزمة المشتقات النفطية بصنعاء؟
يتبادل الحوثيون والحكومة الشرعية الاتهامات بالتسبب في أزمة المشتقات النفطية، ففي الوقت الذي يقول الحوثيون ان سفن المشتقات النفطية محتجزة في البحر الأحمر من قبل التحالف العربي بأوامر من الحكومة، في المقابل تقول الحكومة انها تمارس حقها.
وتقول شركة النفط التابعة للحوثيين في صنعاء ان عدد من السفن التي تحمل مشتقات نفطية محتجزة لدى التحالف العربي ويمنع دخولها إلى ميناء الحديدة، والسبت الماضي حذرت المليشيات من كارثة إنسانية وتوقف جميع كافة الأنشطة الحيوية المرتبطة بحياة المواطنين في جميع القطاعات الصحية، بسبب قرب نفاذ المخزون من المشتقات النفطية.
وفي الوقت الذي تحذر فيه ميليشيا الحوثي الانقلابية نفاذ المخزون، قد كشفت مصادر محلية في وقت سابق لـ"يمن شباب نت" أن ميليشيا الحوثي احتجزت نحو عشرين قاطرة محملة بالوقود في منطقة الصباحة في منشأة تابعة لشركة النفط وتم منعها من دخول صنعاء
من جانبها قالت اللجنة الاقتصادية الحكومية "أن الميليشيات الحوثية تسعى من واراء خلقها للأزمات إلى المتاجرة بالتدهور الإنساني الذي يتسولون به داخل أروقة المنظمات الدولية". وعزت توقف السفن المحملة بالوقود قبال ميناء الحديدة إلى إجبار المليشيات الحوثية تجار الوقود على مخالفة قرارات الحكومة وضوابط تنظيم تجارة المشتقات النفطية.
وأضافت اللجنة "أن جزء من أولئك التجار قد التزموا بنفس القرارات في الموانئ المحررة وحصلوا من اللجنة على تسهيلات واستثناءات ولم تتعرض شاحناتهم في تلك الموانئ لأي تأخير". واكدت اللجنة لجميع التجار أنه في حال تم الالتزام بضوابط القرار ?? فإن اللجنة تتعهد بالتعجل في إصدار وثائق الموافقة ومناقشة التسهيلات للتخفيف من معاناة المواطنين.
وما بين الاتهامات المتبادلة يعيش المواطنين أزمة خانقة في عدد من المحافظات التي تسيطر عليها ميلشيات الحوثي مع تفاقم أزمة النقل والمواصلات، وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية والتي باتت تشكّل هاجساً يومياً لدى غالبية المواطنين.
المصدر: يمن شباب نت