فاز فلمان قصيران سلطا الضوء على دور الشرطة والأمن في المجتمعات المحلية في اليمن ضمن مسابقة الأفلام القصيرة التي أقامها المركز اليمني لقياس الرأي العام كجزء من مشروع “إعادة بناء السلام والأمن في اليمن” الممول من قبل الاتحاد الأوربي.
إن مشهد نقاط التفتيش الكثيرة عبر المدن والتفجيرات الانتحارية وإطلاق الأعيرة النارية في الأماكن العامة أصبح للأسف مشهدا اعتياديا في اليمن. وأصبحت ظواهر عدم الاستقرار الأمني منتشرة في المدن اليمنية بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب. جلال الداعري وطاهر الزهيري أظهرا في فيلميهما أهمية رجال الأمن في حماية المواطنين وكيف أن دورهم لا يتم تقديره بشكل كبير من قبل المواطنين وقد يعود السبب إلى الفساد المنتشر بشكل كبير، وحقيقة أن رجال الأمن في بعض الأحيان يستخدمون سلطتهم لاستغلال المواطن خلال الأزمة التي تمر بها البلاد.
جلال أحمد الداعري, 30 سنة، ممثل ومخرج من محافظة إب، هو الفائز الأول في مسابقة الأفلام القصيرة. يتحدث جلال في فيلم “أحيانا” عن صعوبات الحياة المعيشية لرجال الأمن في ظل الفساد الموجود. فرجال الأمن يعانون من الفقر والظروف الاقتصادية التي تعاني منها الدولة مثلهم مثل جميع المواطنين، بل والكثير منهم لا يستلم راتبه الشهري بشكل منتظم. وهذا يؤدي الى زيادة الفساد، وربما يضطرهم لأخذ الرشوات أو التلاعب في القضايا.
وبحسب مسح احصائي قام به المركز اليمني لقياس الرأي العام في العام 2012، فأن 15% من اليمنين لا يثقون في رجال الأمن، ويرجع السبب في ذلك إلى الفساد والواسطة والمحسوبية المنتشرة بينهم. كما علل 60% من اليمنين أن سبب الفساد بين رجال الأمن يعود بنسبة عالية إلى عدم حصولهم على رواتب شهرية كافية بعد انهيار المنظومة المؤسسية للدولة.
في الفيلم نرى رجل الأمن يأخذ رشوة من أحد المواطنين، وبطبيعة الحال فإن المشاهد سيظن أنه أخذ المبلغ لسبب غير أخلاقي، ولكن هذا الانطباع يتغير عندما نرى رجل الأمن يستخدم المبلغ لشراء بعض الاحتياجات لأسرته. ثم في مشهد آخر في الفيلم نشاهد نفس رجل الأمن بملابس مدنية يساعد في حل صراع بين شخصين في الشارع، وهذا يعزز فكرة أن رجال الأمن لديهم إمكانية الحفاظ على الأمن في المجتمعات المحلية ولكن قد تقسو عليهم الظروف أحيانا خصوصا مع انعدام الرقابة.
يظهر الفيلم الجانب الإيجابي والسلبي في القطاع الأمني، فمن الواضح أنه في كثير من مراكز الشرطة حيث يعمل رجال الأمن تعتبر القدرات ضعيفة للغاية وتحتاج بيئة العمل للتحسين بشكل كبير بداية من المستحقات المالية إلى تحسين آليات العمل نفسها. وهذا ما يبينه الفيلم، أن رجال الشرطة يملكون القدرات لتحسين البيئة الأمنية محليا ولكن القدرة المؤسسية للمراكز تمثل عائقا كبيرا. علق جلال “ممتن للغاية لهذه الفرصة التي سنحت لي لاستخدام مهارتي في صناعة الأفلام لتسليط الضوء ومناصرة قضية الأمن المجتمعي”.
ومن زاوية مشابهة قام طاهر مرشد الزهيري، 27 سنة، ممثل وكاتب ومخرج أيضا من محافظة إب وهو الفائز الثاني في المسابقة بفيلمه ” لو” الذي يركز على تململ وتضايق المواطنين من رجال الأمن بسبب الانتشارالواسع لهم في بعض المدن.
فبحسب إحصائية المركز اليمني لقياس الرأي العام للعام 2019, فإن ربع اليمنين قالوا بأنهم تعرضوا للإساءة من قبل رجال الأمن في نقاط التفتيش عند سفرهم خارج مدنهم. إن نقاط التفتيش هي المكان الذي يقابل فيه المواطن رجل الأمن عن قرب، ومن أجل تحسين الصورة الذهنية عند المواطن من الضروري أن يحصلوا على تجربة إيجابية في نقاط التفتيش. ولكن بعيدا عن الإساءة فإن نقاط التفتيش تعزز الاستقرار والأمن في المجتمعات وهذا ما قد ينساه المواطن العادي. وبحسب المسح نفسه فإن عدد اليمنيين الراغبين في زيادة عدد نقاط التفتيش أكبر من الرافضين.
علق طاهر الزهيري قائلا ” إن وضع البلاد في حاجه لهذا العدد الكبير من نقاط التفتيش ورجال الأمن، ولكن ربما تغيب أهميتهم عند المواطن العادي، ولهذا صنعت هذا الفيلم”. ثم أضاف ” الفيلم صور في مكان حدث به تفجير انتحاري بالفعل!”.
يحتاج اليمنيون أن يدركوا أهمية رجال الأمن في المحافظة على النظام وحمايتهم بتطبيق القانون، وفي نفس الوقت يجب تحسين ظروف وأوضاع رجال الأمن من أجل أن يؤدوا عملهم بشكل جيد.
كتب بواسطة، شيماء عثمان ومرايكا ترانسفيلد
الأفلام المذكورة هي جزء من مشروع “إعادة بناء السلام والأمن” الممول من الإتحاد الأوروبي