قال المتحدث العسكري باسم قوات الحوثيين العميد يحيى سريع إنه بناء على توجيهات قيادة جماعة الحوثي "سيصدر تقرير رسمي -هو الأول منذ 42 عاما- يتضمن الكشف عن معلومات جديدة بشأن قضية الانقلاب الدموي البشع الذي أدى إلى اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي يوم 11 أكتوبر (تشرين الأول) 1977".
وأضاف العميد سريع في حساب على تويتر أن التقرير الرسمي الأول عن جريمة اغتيال الحمدي "سيتضمن الكشف عن أبرز الضالعين في الجريمة بموجب الوثائق والشهادات".
وكان الحمدي -وهو ثالث رئيس لليمن الشمالي وحكم بين عامي 1974 و1977- قد قتل مع شقيقه عبد الله قائد قوات العمالقة في ظروف غامضة بصنعاء، وهي الجريمة السياسية التي ما تزال تؤرق مشاعر اليمنيين، وذلك بالنظر إلى ما عرف عن الحمدي من طموح لبناء دولة حديثة مستقلة في اليمن لا تخضع للولاءات القبلية والنفوذ الأجنبي، لا سيما من الجارة السعودية.
وكانت للرئيس الأسبق شعبية كبيرة لدرجة أن صوره رفعت في ساحات وميادين التظاهر إبان الثورة الشبابية اليمنية التي انطلقت عام 2011، وذلك بعدما كان مجرد التفوه باسمه يعتبر من المحظورات.
صور الحمدي رُفعت في ميادين التظاهر إبان الثورة الشبابية اليمنية عام 2011 (رويترز) |
يشار إلى أن الحمدي حكم لأقل من أربع سنوات، ورغم قصر الفترة فإن اليمن شهد فيها تطورا ملحوظا في الاقتصاد، مع إرساء الأمن والاستقرار وانتعاش التنمية، وتشييد هيئات الإصلاح المالي والإداري للرقابة على المؤسسات الحكومية للحد من الفساد الإداري والمالي، لكنه -في المقابل- جمّد العمل بالدستور وحل مجلس الشورى المنتخب.
وانتهج الحمدي أثناء فترة حكمه سياسة معادية للقبائل، فألغى وزارة شؤون القبائل باعتبارها معوقا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحولت إلى إدارة خاصة تقدم الاستشارة تحت مسمى "الإدارة المحلية".
وقد بثت قناة الجزيرة في آخر أبريل/نيسان 2019 تحقيقا استقصائيا تحت عنوان "الغداء الأخير" حاولت فيه تتبع خيوط جريمة اغتيال الحمدي. وركز تحقيق الجزيرة على الأطراف السياسية والقبلية التي أثارتها الإصلاحات التي قام بها الرئيس الراحل، ومنها رئيس أركان القوات المسلحة أحمد الغشمي، وقائد لواء تعز علي عبد الله صالح الذي تولى رئاسة البلاد لاحقا.
وقد تعددت الروايات بشأن طريقة تصفية الحمدي بعد وصوله إلى بيت الغشمي الواقع قبالة مبنى السفارة السعودية في صنعاء. وحسب ما رواه لتحقيق الجزيرة عبد الله الحكيمي الناطق باسم مجلس القيادة في فترة حكم الحمدي، فإن وزير الشؤون الاجتماعية عبد السلام مقبل هو الوحيد الذي نقل ما جرى في بيت الغشمي لحظة وصول الحمدي إلى وليمة الغداء.
وقال مقبل إن حراس الحمدي -الذي استقبله الغشمي وصالح عند مدخل البيت- لم يُسمح لهم بالدخول، كما أنه لم ير أخاه عبد الله مع المدعوين، إذ تم قتله قبيل وصول الرئيس. وأثناء انتظارهم للغداء، دخل فجأة علي عبد الله صالح وهمس في أذن الرئيس الحمدي فقام معه، ودخلا وحدهما مع الغشمي إلى إحدى غرف البيت الداخلية.
وظل ملف الاغتيال طي النسيان في دواليب السلطة، إلا أنه في أكتوبر/تشرين الأول 2012 أعلن نشطاء وسياسيون يمنيون عن تحركات جديدة لفتح ملف اغتيال الحمدي.
فقد قال الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري سلطان العتواني إن العمل يجري لجمع الأدلة التي تدين المتورطين في اغتيال الرئيس الأسبق وتقديمهم للقضاء المحلي والدولي، مشيرا إلى تحضيرات لإنشاء هيئة وطنية للمطالبة بفتح ملف الاغتيال.
وقد اتهم محمد الشقيق الأكبر للرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي الرئيس الراحل علي عبد الله صالح بقتل شقيقه بمسدس مزود بكاتم صوت أمام أحمد الغشمي وفي منزله بصنعاء، وذلك في مقابلة معه نشرتها صحيفة "الجمهورية" الحكومية.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية