أرشيفية

معلقون يمنيون: اتفاق جدة "تسوية ملغومة" لا حاجة لليمن بها

أشرف الفلاحي- عربي21

أثارت مسودة الاتفاق الذي كشفت عن تفاصيله قناة "الجزيرة "، مساء السبت، بين الحكومة اليمنية المعترف بها، والانفصاليين المدعومين من الإمارات، في سياق الحوار الذي ترعاه السعودية في مدينة جدة، علامات استفهام كثيرة حوله.

 

ورأى مراقبون أن الاتفاق يشكل مخاطر وجودية على الشرعية هناك في مدينة عدن، جنوب اليمن.

ووفقا لمعلقين، فإن الاتفاق المسرب، يشكل ضربة قاصمة للسلطة الشرعية وينتزع صلاحياتها سواء الرئاسة أو الحكومة، ويزرع كيانا مسلحا في جسدها، فضلا عن كون ينقل المشهد في محافظات الجنوب من الهيمنة الإماراتية إلى الهيمنة السعودية.

ومع غياب أي موقف ر سمي حيال المسودة الذي نشرتها "الجزيرة"، ومدى موافقتها على هذا الاتفاق من عدمه، يبحث الجميع عن إجابات لما ورد فيها.

ولم تشير مسودة الاتفاق إلى مستقبل الدور الإماراتي في البلد ودعمها المتواصل للميليشيات الانفصالية في عدن، ومدن أخرى، وهو ما طالبت به الحكومة في بيانات عدة، خلال الشهرين الماضيين.

"نكسة حقيقية"
وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عادل دشيلة إن مسودة الاتفاق تشكل نكسة حقيقية للدولة اليمنية برمتها، حال قبول الحكومة بذلك.

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن الاتفاق يمهد لتحقيق الحلم الإماراتي بفصل الجنوب عن الشمال.

وتابع دشيلة: "الحديث عن شمال وجنوب في هذا الظرف هو نوع من الهُراء حيث ما يزال الشمال يرزح تحت حكم كهنة الكهوف والجنوب تحت حكم الإمارات وميلشياتها المسلحة".

‏وأشار إلى أنه كان الأولى بالتحالف العربي مساعدة الدولة اليمنية حتى يتم تحرير كافة المحافظات ومن ثم الشروع بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي تضمن أن تكون الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب لمدة فترتين انتخابيتين، ثم تطبيق معادلة السكان والأرض.

وأضاف دشيلة أن "مخرجات الحوار الوطني نصت على أن يكون التوظيف لأبناء المناطق الجنوبية في الدولة ولمدة عشر سنوات، ولذلك، لم يكن مايسمى المجلس الانتقالي (كيان انفصالي شكلته أبوظبي أوساط العام 2017) بحاجة لهذه الحرب العبثية".

وحسب الكاتب اليمني فإن الاتفاق يضمن مصالح أبوظبي، وذلك بإشراك المليشيات التي دربتها في السلطة وسيكون لها نصيب الأسد من الكعكة، التي بدروها ستعمل على تنفيذ الأجندات الإماراتية.

وذكر أن الأخطر في مسودة الاتفاق المسربة،  بند "إشراك المجلس الانتقالي في اتفاقية الحل النهائي"، وهو ما يعني أن الانتقالي سيضع شروطه في الحل النهائي ومنها ضرورة فصل الشمال عن الجنوب، وبالتالي العودة إلى الحرب مجددا.

وأكد دشيلة أنه في حال صحت مسودة الاتفاق المسربة، "فلاشك، أن الخاسر الأكبر منها ستكون الدولة اليمنية فيما تصب في مصلحة الإمارات وأذرعها المسلحة".

ونوه إلى أن "هذه المسودة بشكلها الحالي، إذا تم القبول بها، فلنقرأ الفاتحة على تضحيات أبناء اليمن ومخرجات الحوار الوطني".

 

بدوره، رأى الكاتب والباحث السياسي اليمني، محمد العمراني  أن "مسودة اتفاق جدة المسربة، تؤكد ما حذرنا منه سابقا من أن هناك مساع لشرعنة المجلس الانتقالي وتزرعه في الحكومة والسلطة المحلية وتنصبه ممثلا رئيسيا للقضية الجنوبية".

وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن الاتفاق مساره واضح وهو "تصفية الشرعية بشكل تام بعد اختطاف قرارها وبالتالي مصادرة ما بقي لها من سلطة رمزية".

وحسب العمراني فإن الأخطر في ذلك، أنه "انتزع صلاحيات السلطة الشرعية ومنحها سلطة تعيين وزارات سيادية، بينما منح السعودية الحق في التصرف بكل شيء، بما في ذلك، تموضع قواتها في المطار عدن والمواقع الحساسة الأخرى".

وأشار إلى أن "الاتفاق يكرس الوجود العسكري السعودي، في الوقت الذي لم يشير إلى الوجود الاماراتي العسكري، وهو ما يعني أننا أما تقاسم نفوذ بين الرياض وأبوظبي".

وبين الباحث السياسي اليمني أن "مسودة اتفاق جدة تتحدث عن حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب، في تكريس مكشوف للمناطقية في الوقت الذي يتجاهل أن معظم مناطق الشمال خارج سلطة الشرعية".

ونوه إلى أن "المسودة ماتزال غامضة، وما نشر منها ربما يفيد بأننا أمام محاصصة مناطقية وسلام هش ومرحلة قادمة مضطربة".

"عوامل انفجار"
من جانبه، ذهب الكاتب والمحلل السياسي، كمال البعداني إلى أن "مسودة اتفاق جدة المسربة تعني إشراك الامارات في حكم اليمن عسكريا ومدنيا وفي مفاوضات الحل السياسي الشامل من خلال ميليشياتها المتمثلة بالانتقالي".

وقال في منشور عبر صفحته بموقع "فيسبوك" إن الاتفاق يعطي أبوظبي القدرة على تعطيل الحكومة متى شاءت، والدفع نحو الصدام تبعا لما تقتضيه مصلحتها، كما حال إيران في لبنان عبر "حزب الله" . 

وأكد أن اتفاق جدة إذا كان صحيحا، فقد جرد الرئيس هادي من صلاحيته كرئيس، "فالاتفاق ينص على أن يقوم بتعيين رئيس الحكومة ووزراء الحقائب الوزارية فقط، وهو ما يشير إلى أن بقية الحقائب ليس له علاقة إلا بالتوقيع على قرارات التعيين فقط".

وأضاف البعداني أنه "إذا عرفنا أصلا أن رئيس الحكومة ووزراء الحقائب السيادية لا يستطيع الرئيس هادي البت فيها إلا بعد موافقة التحالف فهذا يعني أن كل  الحكومة بالكامل سيكون تشكيلها عن طريق التحالف بطريقة أو بأخرى". 

وحسب الكاتب اليمني فإن "البصمة الاماراتية واضحة جدا في اتفاق جدة"، مشيرا إلى أنه "في حال صحة البنود فإن التحالف أراد أن تظل كل الخيوط بيده يشدها متى شاء، وتظل اليمن في بيت الطاعة حتى في أتفه الأمور".

واعتبر البعداني أن الاتفاقية "تحمل في طياتها عوامل الانفجار في أي وقت، فهي ملغمة وتناقض بعضها وليس فيها الخير لليمن". 

وتابع: "تاريخيا، الاتفاقيات التي ترعاها السعودية وتفرض نقاطها تكون نتائجها وخيمة على تلك الأطراف أو الدول. لافتا إلى أنها تزرع دولة داخل دولة وتجعل كل الأطراف في صدام دائم".

وكانت قناة "الجزيرة" كشفت مساء السبت، عن مسودة اتفاق قدمته السلطات السعودية للحكومة اليمنية والانفصاليين المدعومين من أبوظبي يشمل بنودا عدة.

ومن بين البنود "تشكيل حكومة مناصفة بين الجنوب والشمال، وإشراك المجلس الانتقالي فيها وفي السلطة المحلية، وفي أي مفاوضات قادمة، ودمج التشكيلات الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس في هياكل وزارتا الدفاع والداخلية".

كما منحت مسودة الاتفاق المسربة، السعودية صلاحيات الإشراف على الوضع في الجنوب، وإعادة هيكلة القوات الأمنية بما يضمن تشكيل قوة أمنية محايدة، وفريقا سياسيا تعينه للإشراف على تنفيذ الاتفاق".