صافر- السفينة العائمة

بالفيديو.. "الكارثة صافر" التي توشك على الانفجار!

كتب: سحر محمد

بحمولة تتجاوز المليون برميل من النفط الخام تقف باخرة صافر في ميناء رأس عيسي في البحر الاحمر وعلي بعد حوالي خمسة اميال من السواحل اليمنية لتتحول من مخزن عائم للنفط الي قنبلة عائمة تنذر بكارثة بيئية وانسانية قد تكون الاسوء علي مدي التاريخ ! 

الباخرة التي تم احضارها من قبل شركة النفط اليمنية قبل حوالي ثلاثين عاما كانت تعمل كمحطة تصدير مؤقتة للنفط الخام ولكن ظروف الحرب ادت الي توقف عمل الشركة مخلفه وراءها باخرة صافر والتي تتعرض للتأكل واحتمالية الانفجار في اي لحظة بسبب غياب الصيانة وخروجها عن العمل لما يزيد عن اربع سنوات وما يزيد الامر سوءا انها تقع في منطقه صراع قد تؤدي النزاعات المسلحة الي اشعال متعمد للباخرة .  

فالنفط الخام بطبيعته خامل ولا يشكل خطورة او حتي يعد سبب للانفجار او الاشتعال ولكن الخطر يأتي بسبب التأكسد الذي يتسبب به الهواء الذي يشغل المساحة الفارغة في خزانات تخزين الباخرة والتي تستوعب حوالي ثلاثة ملايين برميل من النفط . فجزيئات النفط في السطح معرضه للتفكك واعادة الاتحاد مع جزيئات الهواء في الخزان و مع مرور الوقت يتصاعد خطر هذا التفاعل الكيميائي والذي يودي الي نشوب حريق وانفجار في نهاية المطاف. وللتقليل من خطر هذا الاشتعال فان من الضرورة بمكان ابقاء نسبة الاكسجين في الخزان دون 11% عن طريق حقن الخزان بالغاز الخامل للمحافظةعلي تركيز منخفض من الاكسجين ولنا ان نتخيل خطر حدوث الانفجار في أي لحظة في باخرة بعيدة عن الصيانة لمدة تزيد عن اربع سنوات مما يجعلها قنبلة فعلية .

يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الواحد العوبلي " عمر باخرة صافر يزيد عن اربعه واربعين عام وهي في الخدمة لما يقارب الثلاثين عاما فالباخرة عمليا خرجت عن الخدمة لنا يزيد عن عشر سنوات !" فالوضع المتهالك للباخرة ادي الي سقوط احد الاجزاء المتآكلة فيها في مطلع العام ولحسن الحظ لم تسقط علي الأنابيب التي تغذي الباخرة والتي تحوي ما يزيد عن عشرين الف برميل والا حينها كان سيكون الوضع كارثيا.

كما ان وجود الباخرة وسط البحر وفي مدينة حارة كالحديدة يجعلها معرضة اكثر للرطوبة والتأكل ويجعل خطر تصدعها وتسرب النفط الخام امر شبة حتمي اذا ما ضل الامر علي ما هو علية دون تدخل دولي واقليمي للحيول دون وقوع الكارثة.

بقول الدكتور خالد النجار رئيس مركز البيئة وتنمية المجتمع في جامعه تعز " هناك ملوثات عدة قد تصيب البيئة ولكن التلوث البحري يعد اصعبها نتيجة صعوبة السيطرة علي انتشار البقع النفطية "

من الصعوبة بمكان التنبؤ بكيفية انتشار البقع النفطية في حال حدوث التسرب حتي مع اعقد البرامج الحاسوبية يضل من المستحيل التنبؤ بكيفيه تصرف البقعة النفطية .

يضيف الدكتور النجار" حركة المد والجزر و حركة الرياح الي جانب درجة الحرارة  الي جانب طبيعة ونوع النفط في حد ذاته والموقع الجغرافي الذي يحدث فيه التسرب كلها عوامل تتحكم بحركة وسرعة انتشار البقع النفطية "

فمنطقة البحر الاحمر التي ترسو فيها باخرة صافر تعد منطقة شبة مغلقة ومن المتوقع ان تنتشر البقعة النفطية لتغطي كافه انحاء البحر الاحمر وصولا الي قناة السويس شمالا وقد تصل الي سواحل بعض الدول المجاورة منها السعودية والسودان وارتيريا مما يجعل الكارثةتتعدي الحدود الاقليمية للمياه اليمنية لتصيب دول مجاورة.

بغض النضر عن السيناريوهات المحتملة  لا نتشار البقعة النفطية الا انه تبقي هناك كارثة حتمية ومتضرر مباشر الا هي البيئة البحرية والتنوع الحيوي فالنفط يشكل طبقه عازله علي سطح البحر تؤثر سلبيا علي الاحياء البحرية من اسماك ومحار وشعب مرجانية وربيان وغابات المنجروف وغيرها من النباتات واشكال الحياة البحرية في بيئة البحر الاحمر فالكثير منها ستموت بشكل مباشر وسيؤثر هذا علي السلسة الغذائية , وعلي المدي البعيد ستحصل تراكم للسمية فاليرقات والكائنات الحية الدقيقة تتراكم السموم في انسجتها وتعد مصدر غذاء للأسماك الكبيرة وهكذا الي ان تصل الي جسم الانسان عند تناولها مسببة امراض مزمنة من فشل كلوي وسرطانات نتيجة تركز السمية في الكبد والانسجة الدهنية. الشعب المرجانية هي الأخرى معرضه الي خطر الدمار في حال حدوث التسرب ونظرا لحساسيتها والتي لا تعد ثروة سياحية  وجمالية فقط وانما طبية واعدة لما تحتويه من مركبات كيمائية فريدة , كما ان خبرا المناخ والتغير المناخي يعتبرونها مفتاح لبقاء الشعب المرجانية ودمارها يعني تهديد للشعب المرجانية علي مستوي العالم نظرا لصمودها النوعي امام ارتفاع درجة الحرارة .

الكارثة الاقتصادية هي الأخرى خطر محدق يهدد حياة ومصدر عيش الكثير من الصيادين في الحديدة ومناطق اليمن الساحلية الي جانب الضرر السلبي الذي قد يصيب السياحة في المناطق الساحلية وعلي المستوي العالمي هناك اثر سلبي علي حركة السفن الدولية , يصرح العوبلي بقوله" ان %10 الي 15% من حركة الملاجة الدولية تمر عبر مضيق باب المندب وحدوث مثل هذه الكارثة قد يعيق ويؤخر حركة السفن الدولية نتيجة للانشغال بتنظيف والسيطرة علي البقع النفطية"

فاليمن البلد المتهالك اقتصاديا والمنقسم سياسيا والذي صنف علي انه من اسوء الكوارث الانسانية قد يكون علي موعد لكارثة انسانية مضاعفة في حال حدوث التسرب فاكثر من نصف السكان يعتمدون علي المساعدات الانسانية التي تدفق عبر موانئ الحديدة والتي في حال توقفها قد يضاعف شبح المجاعة ويعيق الوصول للمساعدات الانسانية , كما ان محطات التحلية هي الأخرى تقع تحت تهديد التلوث في حال وصول النفط اليها مما ينذر بكارثه انسانية من الصعب تداركها.

تختلف المخاطر درجة تحدي التلوث في كثير من الاحيان علي طبيعة النفط نفسة فالنفط الخام المتواجد في بطن باخرة صافر يعرف Marib Light وهو ذو كثافة منخفضة وتقلب عالي ولزوجة تقارب لزوجة مادة الديزل , فمن المتوقع ان تتبخر ثلثي الكمية المنسكبة في غضون ايام عند حدوث التسرب , فالغازات المتطايرة و المتبخرة للهواء من المتوقع ان تحدث اضرار جسيمة علي صحة الجهاز التنفسي في المناطق القريبة اما في حالة انفجار الباخرة و احتراقها فمن المتوقع ان تزيد هذه الكارثة وكغيرها من حوادث احتراق الناقلات من ظاهرةالاحتباس الحراري نتيجة التصاعد الكثيف لأكاسيد الكربون الي الغلاف الجوي .

في حال حصول هذه الكارثة التي لن تقف عن الحدود الاقليمية لليمنفحسب بل ستتعداها الي البلدان المجاورة والمجتمع الدولي وسيتبعها عواقب مخيمة علي المدي الطويل والقصير و من المتوقع ان تفوق في كارثيتها حادثه تسرب اكسون فالديز الشهيرة التي كانت قبل ما يقرب من ثلاثين عام و لازالت ترصد الابحاث اثارها السلبية علي البيئية الي الان ! 

افراغ هذه الباخرة من حمولتها وعمل الصيانة اللازمة لها هي من الحلول الفورية واللازمة لتفادي حصول هذه الكارثة ولكن الاضطرابات السياسية في اليمن اعاقت عمل الفرق الدولية لإنفاذ الباخرة , قياس حجم الكارثة البيئية والتكلفة الاقتصادية التي ستتحملها اليمن لتنظيف البقع النفطية حال تسربها يجب ان يكون نصب عين القوي المسيطرة علي الباخرة ويجب ممارسة ضغط دولي وشعبي لتمكين الفرق المختصة من تفريغ حمولة الباخرة .

هذه الحوادث وغيرها هي اكبر شاهد لما تحدثه مشاريع الوقود الاحفوري من اضرار جسيمة وكارثيه علي الانسان اولا وعلي البيئة البحرية والغلاف الجوي والتغير المناخي , كل هذا يضع اليمن و كل دول العالم امام خيار انتهاج سياسة الامن الطافي والاتجاه بجدية نحو مشاريع الطاقة النظيفة و المستدامة.

 

المصادر

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/energysource/gaming-out-the-disaster-what-could-go-wrong-with-the-fso-safer/?fbclid=IwAR1emr70fm9YgqCELSDpG-Yr6_vZrbtRBA_XwQsWtIkImi3-kBw76FcXDqQ

https://sciencing.com/oil-spill-affect-environment-4616883.html