علي عبدالله صالح

جدل محتدم بعد إطلاق سراح 5 من شباب الثورة باليمن

أشرف الفلاحي- عربي21

يحتدم الجدل في اليمن، إثر إطلاق جماعة الحوثيين 5 من شباب الثورة ضمن صفقة تبادل أسرى مع قوات الجيش الوطني، والمعتقلين منذ 8 سنوات على ذمة حادثة اغتيال الرئيس الراحل، علي عبدالله صالح وعدد من معاونيه في العام 2011، بدار الرئاسة في صنعاء.

وأصدر حزب المؤتمر (جناح القاهرة) بيانا، ندد فيه بعملية الإفراج عنهم، وهاجم حزب الإصلاح الذي اتهمه بالاشتراك بعملية إطلاق سراح الشباب بهدف تمييع القضية، في الوقت الذي لم يصدر عن "الإصلاح" أي تعليق حول هذه الاتهامات.

فيما أعلن جناح المؤتمر المتحالف مع الحوثيين في صنعاء، تجميد نشاطه في المجلس السياسي الأعلى (أعلى سلطة بمناطق الحوثي) احتجاجا على إطلاق سراح متهمين بحادثة دار الرئاسة.

ويوم الجمعة الماضية، تم الإفراج عن 5 من شباب الثورة في عملية تبادل أسرى بين الحوثيين وقوات الجيش في مدينة مأرب، شمال شرق اليمن، وهو ما أثار حفيظة أنصار صالح الذي قتله الحوثيون مطلع كانون أول/ ديسمبر 2017.

لم تتوقف الإثارة عند حزب المؤتمر بجناحيه، بل خرج وزير الإعلام في الحكومة الشرعية، معمر الأرياني مهاجما عملية التبادل.

"تهمة ملفقة"

من جهته نفى محامي شباب الثورة المعتقلين على ذمة حادثة الرئاسة ذاتها عبدالمجيد صبرة أي صلة لشباب الثورة بتفجير الرئاسة في العام 2011.

وقال في تصريح لـ"عربي21"، إن هؤلاء الشباب "تعرضوا للإخفاء القسري وهي جريمة ضد الإنسانية في القانون الدولي". مضيفا أن التهم الموجهة لهم "ملفقة".

 وأكد صبرة أنه تم اعتقال الشباب الخمسة من قبل عناصر في جهاز الأمن القومي الذي كان يقوده عمار محمد عبدالله صالح، واللواء الثالث حرس رئاسي الذي كان بقيادة طارق صالح، وهما نجلا شقيق صالح، ودون أوامر قبض صادرة من النيابة، وتم إخفاؤهم قسريا في زنازين انفرادية لأشهر.

وبحسب محامي المعتقلين المفرج عنهم، فإن اعتقالهم كان بسبب مشاركتهم في ثورة 2011م والتوهم بانتمائهم لحزب الإصلاح، خاصة بالنسبة للعسكريين الثلاثة من الخمسة.

وأشار إلى أنهم تعرضوا لصنوف متعددة من التعذيب الجسدي والمعنوي خلال فترة التحقيق.

وذكر المحامي صبرة أنه تم إحالتهم إلى النيابة الجزائية المتخصصة وإيداعهم سجن الأمن السياسي مطلع كانون الثاني/ يناير 2012، ومع بدء التحقيق معهم منتصف الشهر ذاته، تردد محامو المعتقلين على النيابة للسماح بحضور التحقيق معهم، لكنها رفضت وسارت في التحقيق دون حضور أي من المحامين.

وتابع صبرة: "تعاملت النيابة مع المعتقلين كخصوم ولم تتعامل معهم كسلطة تحقيق دورها إنفاذ القانون والحفاظ على حقوق المتهم، وما يدل على ذلك، رفض المحققين إثبات آثار التعذيب على أجسادهم أو إحالتهم إلى الطبيب الشرعي لعمل تقرير بذلك. فيما استمر احتجازهم على ذمة التحقيق لدى النيابة ما يقارب سنة ونصف، في مخالفة لنصوص الدستور والقانون".  

وعند إحالة القضية إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، قرر رئيس المحكمة ذاتها، في الجلسة الأولى المنعقدة في 26 آب/ أغسطس 2013، تنحيه عن النظر فيها، بعد حملة تشويه شنها الإعلام التابع لصالح، وفقا لمحامي المعتقلين من شباب الثورة المفرج عنهم.

وواصل صبرة حديثه قائلا: "بعد إحالة ملف القضية إلى القاضي الجزائي في المحكمة، محمد البرغشي، تقدم محامو المجني عليهم ( صالح ومعاونيه) بطلب تنحيه عن نظر القضية، في أول جلسة بتاريخ 2كانون ثان/ يناير 2014، فرفض القاضي الطلب، ثم تقدموا بطلب رده، فأحيل الملف إلى رئيس المحكمة للنظر في الطلب الذي بدوره أصدر قراره بتنحي القاضي البرغشي عن نظر القضية في 6 آذار/ مارس 2014".

ووفق المحامي صبرة، فإنه بذلك أصبح الاختصاص لمجلس القضاء الأعلى في انتداب قاضي لنظر  القضية بعد تنحي جميع قضاة المحكمة الجزائية.

وأوضح صبرة أن القضية جمدت، وهذا مخالف للقانون الذي ينص على أن القضايا التي على ذمتها سجناء تنظر على وجه الاستعجال.

"فقدان للبوصلة "

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي أن موقف المؤتمر الشعبي العام، يعبر عن فقدان حقيقي للبوصلة السياسية، ويهدف إلى خلق مبرر موضوعي لخصومة تغذيها أطراف خارجية مع التجمع اليمني للإصلاح، وبما لا يسمح بتشكل كتلة وطنية تنهض بمهمة استعادة الدولة بما يتفق مع الأجندة الوطنية لليمنيين.

وقال في حدث لـ"عربي21" إن الشباب المفرج عنهم تعرضوا للظلم السياسي والإجرائي، وتعرضوا لظروف اعتقال سيئة، ولم تتحرك قضيتهم قضائيا باتجاه إثبات التهمة عنهم أو نفيها.

وحسب التميمي، فإن من الغريب أن يتجاهل المؤتمريون واقعة قتل حقيقية، وتصفية وجودية وسياسية قام بها الحوثيون لزعيمهم، بكل ما ترتب عليها من تفكك للمؤتمر، وتحوله إلى تركة سياسية سائبة.

وأوضح السياسي اليمني أن هناك أطرافا خارجية تحاول أن تحشر حزب الإصلاح في زاوية ضيقة، عنوانها التعامل والتواطؤ مع الحوثيين، مؤكدا أنها محاولات لم تتوقف منذ فترة لا بأس بها، لكن لم تكن هناك قرائن تثبت هذا النوع من التواطؤ المزعوم.

"افتقار للأخلاق"

من جهته، علق الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة على موقف مسؤولين حكوميين من إطلاق سراح شباب الثورة، معتبرا ذلك بأنه "موقف يفتقد للأخلاق والمسؤولية".

وقال في حديث لـ"عربي21"، إن موقف بعض المسؤولين في الشرعية المعادي لإطلاق سراح الشباب المعتقلين منذ 2011 على ذمة أحداث النهدين ـ المنطقة التي يقع فيها دار الرئاسة جنوب صنعاء ـ  يفتقد للأخلاق والمسؤولية تجاه هؤلاء الشباب، الذين وقعوا ضحية نظام المخلوع صالح وحكومة الوفاق، وبعد ذلك مليشيا الحوثي.

أما بالنسبة لموقف أجنحة المؤتمر سواء في تيار الحوثي بصنعاء أو التيار الإماراتي، فأوضح الزرقة أنه تأكيد أن الحزب فكرة ماتت بمقتل صالح الذي لم يقم المؤتمر بمهاجمة قتلته في وضح النهار، ولم يغضبوا لمقتله كما غضبوا لإطلاق الشباب المحتجزين دون أدلة أو إثباتات.



"خطوة إنسانية"

أما رئيس منظمة "سام" لحقوق الإنسان، توفيق الحميدي، فقد أكد أن إطلاق خمسة من شباب الثورة "خطوة إنسانية خاصة بعد تسع سنوات من الاحتجاز دون صدور حكم قضائي في القضية التي اعتقلوا فيها، إضافة إلى تسييس القضايا والعبث باستقلالية القضاء". 

وتابع حديثه لـ"عربي21": "الأهم اليوم، أن القضية التي اعتقلوا فيها هي قضية أمن دولة، والمسؤولة عنها هي الحكومة الشرعية التي رحبت بهذه الخطوة واعتبرتها انتصار الثورة".

وأشار الحميدي إلى أن إجراءات التحقيق والمحاكمة شابها الكثير من التسيس والمخالفات التي تعدم هذه الإجراءات، حيث إن فترة ثماني سنوات فترة طويلة جدا، أشبه بحكم وليس إجراءات احترازية.

وبحسب رئيس منظمة "سام" مقرها جنيف، فإنه يجب اليوم إغلاق هذا الملف ضد هؤلاء الشباب بصورة قانونية، حتى لا يظل سيفا على رقابهم في المستقبل، وإعادة فتح التحقيق بصورة مستقلة ومحايدة بعيدا عن الاستغلال السياسي والمكايدات بين الأطراف، تحت إشراف الحكومة الشرعية والقضاء المستقل.