بلال ياسين- عربي21
نشر موقع "ناشونال إنترست" مقالا للباحث في جامعة برنستون، آشر أوركابي، يقول فيه إن الهجوم على منشآت النفط في بقيق لم يكن أول دليل على ضعف السعودية، وبالتأكيد لن يكون الأخير.
ويؤكد أوركابي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن الحرب السعودية في اليمن تدور كلها على النفط وإمداداته، مشيرا إلى أن التوتر الإقليمي جعل من مضيق هرمز معبرا غير موثوق لـ 30% من إمدادات النفط العالمية، ولهذا بدأت العائلة المالكة تبحث عن خطوط بديلة وأكثر أمنا لنقل نفطها إلى العالم.
ويقول الباحث إن "المفارقة في الحملة التي تقودها السعودية في اليمن هي أنها ولدت خصما عنيدا وهم الحوثيون، بالإضافة إلى أن الهجمات في الشهر الماضي على منشآت النفط كشفت عن أن الحوثيين قادرون على ضرب العمق السعودي، وتعطيل إمدادات النفط العالمية، ما كلف المملكة مليارات الدولارات من مواردها".
ويشير أوركابي إلى أنه "في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة والإعلام السعودي توجيه أصابع الاتهام إلى إيران، إلا أن السؤال يظل عن سبب عدم جاهزية وزارة الطاقة السعودية لهجمات كهذه، مع أن الحركة الحوثية تقوم منذ عام 2009 بهجمات على الحدود الجنوبية للسعودية، وقامت باختراق المناطق الحدودية والمجال الجوي السعودي عبر إطلاق صواريخ سكود والطائرات دون طيار، وعليه، فإن هجوم بقيق على المنشآت النفطية لن يكون الأول ولا الأخير الذي يظهر مكامن ضعف السعودية".
ويلفت الكاتب إلى أنه "بعد الهجمات بفترة قصيرة قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مازحا إن على السعودية شراء نظام أس-400 لحماية نفسها، وكان مزاحه في محله إن اخذنا في عين الاعتبار مليارات الدولارات التي أنفقتها السعودية على نظام باتريوت الذي تصنعه شركة (رييثيون) الأمريكية، وزادت هذه النفقات بالتأكيد بعد الهجمات الأخيرة، وفي الوقت الذي لم يتم فيه تجريب نظامي أس- 300 أو أس-400 فلا ضمان أن يكون أي نظام دفاعي قادرا على اعتراض صواريخ وطائرات دون طيار حلقت على مدى منخفض".
وينوه أوركابي إلى أنه "في ردها على الهجمات الحوثية ضد أراضيها، فإن من الأفضل النظر إلى محاولات اختراق الحدود السعودية قبل الحوثيين، وهي العملية المصرية لدعم الجمهوريين في اليمن أثناء الستينيات، حيث وضعت مصر ثلث قواتها الجوية هناك لدعم الجمهورية التي أنشئت عام 1962، وقادت الحرب الأهلية التي نشبت نتيجة هذا بين الجمهوريين والقبائل الشمالية لبحث رجال القبائل عن ملجأ لهم عبر الحدود، وقامت الطائرات المصرية بملاحقتهم داخل الأراضي السعودية، وقصفت الأسواق والمخازن والإمدادات".
ويفيد الباحث بأن "السعودية ناشدت الرئيس جي أف كيندي وطلبت منه الدعم العسكري، وخاف من تهديد الهجوم الملكي الملكية ومنابع النفط، ووافق كيندي الخائف من إرسال قوات أمريكية والتورط بحرب جديدة على نشر سرب من المقاتلات، ونشرها في قاعدة الظهران الجوية في العملية التي أطلق عليها (عملية السطح الصلب)، ومنع كيندي الطيارين الأمريكيين من محاولة مواجهة الطيارين المصريين؛ خشية الدخول في حرب طويلة على الحدود السعودية".
ويشير أوركابي إلى أنه "تم استبدال سرب المقاتلات الذي أرسله كيندي بحراسات بحرية، فيما أعيدت تسمية قاعدة الظهران ليطلق عليها قاعدة الملك عبد العزيز الجوية، وتعد الآن مركزا لسلاح الجو الملكي السعودي، وكان سلاح الردع هو الطريقة الأهم لمنع نزاعات إقليمية، وترافقت المهمة التي سمح بها كيندي عام 1963 مع قوة مراقبة دولية تابعة للأمم المتحدة، التي قامت بمراقبة الحدود السعودية والكشف عن اختراقات للطيران المصري لها، ومن هنا يمكن للأمم المتحدة القيام بالدور ذاته من خلال مراقبة الحدود السعودية اليمنية، بشكل يخفف من التوتر بين الطرفين".
ويستدرك الكاتب بأن "حماية المنشآت النفطية السعودية هي مسؤولية الرياض، وبالتأكيد سيقود ذلك إلى حملة شراء للأسلحة، وتظل مسألة حماية إمدادات النفط وتأمين المنشآت النفطية وإيصاله إلى الخارج مهمة، خاصة في الوقت الذي تواصل فيه السعودية بناء أنبوب نفط عبر محافظة المهرة شرق اليمن، وبناء هذا الخط وميناء نشطون في جنوب اليمن هو نتاج لمفاوضات طويلة عمرها عقدان من الزمن، ورفض الرئيس السابق علي عبد الله صالح منح السعودية سيادة على أراض يمنية لبناء أنبوب نفط، ومن هنا فإن زيادة التوتر في منطقة الخليج وضعت ضغوطا على العائلة المالكة للبحث عن طرق جديدة للنفط بعدما أصبح مضيق هرمز خطرا".
ويرى أوركابي أن "اندلاع الحرب الأهلية في عام 2014 منح السعودية فرصة لبناء سلطة جديدة تمنحها الفرصة لمواصلة بناء الخط النفطي والموافقة على شروطها، وفي الوقت الذي لم تسر فيه الحرب بحسب ما هو مخطط لها، إلا أن الرئيس عبد ربه منصور هادي مقيم في الرياض، وهو مدين ببقائه للبلد المضيف، ما يعني أن لا سلطة لديه لمنع خطط السعودية لبناء خط النفط ولا الميناء في الجنوب".
ويلفت الباحث إلى أنه السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر زار منطقة المهرة في حزيران/ يونيو 2018، باعتباره المشرف على مشاريع الإعمار في اليمن، وبعد دراسات جدوى أعدتها شركة (أرامكو)، ورغم تدني الكثافة السكانية في المهرة، إلا أنها تظل تهديدا للمشروع السعودي".
ويعتقد أوركابي أن "هجمات بقيق هي بمثابة صرخة تحذير لوزارة النفط السعودية، وسواء كان المنفذ لها الحوثيين أم إيران فإن هذا أمر غير مهم، ودخلت السعودية الحرب في اليمن بحثا عن بديل لنقل نفطها لمضيق هرمز الذي بات خطرا، لكنها خلقت بالتالي تهديدا أمنيا جديدا، فلو أصبح أنبوب النفط حقيقة فإن قوات الأمن السعودية ستواجه خطا يمتد على أميال سيكون هدفا سهلا للطائرات دون طيار، فحمايته من خلال دفع كلفة أجرة لشيوخ القبائل ستكون مكلفة، وكذلك العمليات اللوجستية لمراقبة المجال الجوي المحيط به".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "مهمة حماية خطوط النفط ومنشآته هي مهمة سعودية خالصة، لكن على الولايات المتحدة والأمم المتحدة المساعدة في الرقابة والردع ومنع التوترات الحدودية والإقليمية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)