طلاب مدارس يمنية

"نازحون" يحتلون مقاعد الطلبة.. مدرسة الصباحي في إب نموذج لانهيار التعليم وغياب المسؤولية

تتعرض العملية التعليمية بمحافظة إب (وسط اليمن) لإنهيار واسع وتراجع كبير في عملية التحصيل العلمي، حيث تحكم المليشيا قبضتها على المحافظة وتتخذ من المدارس والجامعات منابر وتجمعات بشرية لنشر أفكارها الطائفية الهادفة لكسب طلاب وصغار سن للزج بهم في جبهات القتال.

 

ومنذ سيطرة المليشيات على المحافظة تراجع مستوى العملية التعليمية ووصارت متطلباتها وتوفير الكتاب المدرسي وإعطاء المعلم راتبه الموقوف هي آخر اهتمامات الحكام الجدد خلال الخمسة أعوام الماضية.

 

مدرسة الشهيد الصباحي بمديرية الظهار في مدينة إب، شاهد حي على ضياع التعليم بمحافظة إب، وغياب كلي للجهات المعنية، حيث يدرس الطلاب في فناء المدرسة وبعضهم يكتفي بحصة أو حصتين وآخرين لا يجدون مكاناً يدرسون فيه.

 

انتهي الأسبوع الثالث وسيدخل الطلبة أسبوعهم الرابع على التوالي، في الوقت الذي يواصل معلمو مدرسة الشهيد الصباحي بمدينة إب، إضرابهم المفتوح عن الدراسة للمطالبة بإخراج أسر نازحة تسكن في مدرستهم.

 

وأعلن الطلاب والمعلمون الإضراب عن التدريس للمطالبة بإخراج الأسر النازحة من المدرسة التي تتوسط مدينة إب وتقع في قلب المدينة، حيث تأثرت العملية التعليمية بشكل كبير نتيجة تحويل المدرسة إلى مخيم نازحين ومكان سكني بعدد من الفصول الدراسية.
ومنذ خمسة أعوام، فتحت مدرسة الشهيد الصباحي بمديرية الظهار عاصمة المحافظة، لإيواء نازحين جراء الحرب التي تشهدها البلاد، واتخذ النازحون من المدرسة سكناً لهم حيث كانت العطلة الصيفية قائمة، ومن خلال العطلة التي أعطتهم الأجواء المناسبة للسكن والإستقرار في المدرسة لسنوات طويلة.


وقالت مصادر تربوية إن عدد الأسر النازحة في مدرسة الشهيد الصباحي بمدينة إب تبلغ إثني عشر أسرة تسكن في فصول المدرسة، وترفض فكرة الخروج من المدرسة منذ خمسة أعوام، رغم مطالبة الأهالي والطلاب بضرورة إخراج النازحين وتسكينهم في أماكن أخرى بديلة.


الأسر النازحة تسكن في عشرين فصل دراسي من أصل 30 فصل دراسي، فيما طلاب المدرسة يدرسون بتسعة فصول وفصل واحد للإدارة المدرسية، في مشهد يؤكد أن التعليم آخر إهتمامات الجهات المعنية التي تبحث عن الدعم وجلب المنظمات وتتجاهل "العملية التعليمية".
في المدرسة 20 حمام، رفض النازحون تسليم حتى حمام واحد لطلاب المدرسة وأغلقوها بأقفال حديدة وأخذوا مفاتيحها معهم، وكل عام يريدون الإستحواذ على فصول جديدة.


منذ دخول النازحين إلى المدرسة واتخاذها سكن تأثرت العملية التعليمة فيها بشكل كبير حد قول العديد من المعلمين والذين أكدوا تأثر الدراسة بتواجد النازحين وتراجع مستوى التحصيل العلمي لدى الطلاب، مما دفع بالكثير من أولياء الأمور لسحب أبنائهم من المدرسة والتوجه إلى مدارس أخرى، فيما لم يستطع آخرون القيام بذلك وظلوا في المدرسة يعانون تبعات تواجد النازحين في مدرستهم.


وتراجعت أعداد الطلاب من أكثر من 3000 طالب إلى أقل من 1500 طالب نتيجة الوضع التعليمي المتراجع في المدرسة بفعل تواجد الأسر النازحة، فضلاً عن انتقال العديد من الأمراض إلى صفوف الطلاب كالكوليرا وأوبئة أخرى أصيب بها النازحون وانتقلت للطلاب والمعلمين، بسبب وضع القمامات والمخلفات والفضلات في ساحة وطواريد المدرسة وعلى جنبات الفصول الدراسية وأبوابها.


مفضل أبو طالب، معلم يعمل في مدرسة الشهيد الصباحي يقول: طلاب مدرسة الشهيد الصباحي بدون دراسة، لأنهم منذ خمس سنوات يعانون نتيجة تواجد عائلات تحتل الفصول الدراسية، يرفض المعلم "أو طالب" الإعتراف أن يكون هؤلاء نازحين ويقول إنهم "مستوطنون رفضوا كافة الحلول التي عرضت عليهم". 


وقال مفضل إن الذين استوطنوا المدرسة كنازحين رفضوا الانتقال لمخيم النازحين بـ"وقير"، ورفضوا الانتقال لمخيم "السلام" للنازحين جوار مصلى العيد، ورفضوا الانتقال للراشدي بالمركزي بعد تعهدات بتجهير الدور الأعلى لهم.
وأضاف: تعرض المعلمون والطلاب للإعتداء والتشهير والشتم والإتهام بالتحرش، بل إن مدير المدرسة تعرض للطعن والإعتداء من أحد النازحين.


وناشد مفضل الجهات المعنية والمواطنين لإنقاذ الطلاب من الضياع، وإنقاذ المدرسة والعملية التعليمية من الإندثار والتدمير. النازحون القادمون من مديريات محافظة إب، والتي لم تشهد مواجهات وحروباً دامية كبقية المديريات في المحافظات الأخرى، فضلا عن نازحين قدموا من محافظات أخرى تم تسكين بعضهم في بعض المدارس، اتخذت منهم السلطة المحلية مادة دسمة لإستجلاب المنظمات ودعمها تحت لافتة "تنفيذ مشاريع عدة لدعم النازحين" إلا أن النازحين ذاتهم لم يلمسوا لهذه المشاريع أثراً.


بفعل الحرب التي تشهدها المحافظات الأخرى خصوصا المجاورة لإب، كمحافظات تعز والضالع والحديدة، تحولت إب لمحافظة تستهوي النازحين، خصوصاً مع طبيعة المواطن الإبي وتعامله السلس مع القادمين من جميع المحافظات، غير أن السلطات المحلية الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية اتخذت من عملية النزوح وإستقبالهم لمادة تجلب الأموال والمنظمات وتجعل المحافظة مكاناً آمناً لقيادات مليشيا الحوثي واستثماراتهم في العقارات والتجارة وجني أرباح خيالية.


لا توجد أرقام حقيقة في إب تتحدث عن إحصائية شاملة للنازحين، ولا توجد قاعدة بيانات محدثة وميدانية للنازحين في إب، حتى لدى المنظمات التي تعمل في المحافظة، ذلك أن عملها يجري وفق ما تحدده قيادات حوثية وتراه مناسبا لها، فقد أنشأت جماعة الحوثي لجنة خاصة بعمل المنظمات ولا يمكن لأي منظمة أن تتحرك إلا وفق تصريحات خاصة منها بعد أن تمد تلك اللجنة بكل المعلومات المتعلقة بأنشطتها وأهدافها وكيفية تنفيذ الأنشطة.