كعادتها سنوياً، أعلنت جماعة الحوثي، حالة من الاستنفار القصوى في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وعلى رأسها العاصمة صنعاء، استعداداً للاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي يصادف، بحسب التاريخ المتعارف عليه، 12 ربيع أول من كل عام.
وعقدت الجماعة التي تسيطر على كافة مؤسسات الدولة، الأمنية والعسكرية والمدنية، لقاءات موسعة، في كافة مناطق سيطرتها، استعداداً لهذه المناسبة التي حولتها من مناسبة دينية إلى مناسبة سياسية، ويتم خلالها العمل على فرض طقوس دينية "طائفية"، فضلا عن استغلالها لإجبار التجار والمواطنين على دفع أموال دعماً لهذه المناسبة.
ورفعت الجماعة صوراً ولافتات في مختلف المؤسسات الإيرادية وعلى رأسها مكاتب البريد والبنوك الحكومية، والتجارية، تدعو فيها المواطنين للتبرع لهذه المناسبة، التي باتت تمثل كابوساً للمواطنين والتجار في مناطق سيطرة الحوثيين.
إجبار المدارس
أصدرت جماعة الحوثي تعميماً إلزاميا، يجبر المدارس الحكومية والأهلية، في كافة مناطق سيطرتها، على ترديد أنشودة "طالع البدر علينا"، في صباح كل يوم، في الإذاعة المدرسية، قبل النشيد الوطني وتحية العلم، شريطة، أن يتم ترديدها بلحنها الأصلي"، بحسب وثيقة التعميم المتداولة على وسائل التواصل الإجتماعي.
وتحولت الإذاعات المدرسية الى منصة لفرض الأفكار الحوثية بشكل إجباري على الطلاب، من خلال تخصيص الإذاعات المدرسية للاحتفال بالمولد النبوي، الذي يتم استغلاله للترويج للأفكار الحوثية، وربط الانصياع لأوامر الجماعة بالاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حسب زعمهم. بحسب ما قاله التربوي "محروس هادي".
وأضاف أن جماعة الحوثي، تقوم بتعطيل حركة التعليم والذهاب بالطلاب الي ميدن السبعين، ناهيك عن اخذ وقت كبير من وقت الطلاب والتدريس بإلزام المدرسة باقامة اذاعة مدرسية عن المولد النبوي الشريف وترديد الصرخة خلالها.
المنظمات المدنية
ولم تكن منظمات المجتمع المدني بعيدة عن هذه الممارسات الحوثية التي تسعى لتعميم أفكارها الطائفية وصبغ حياة الناس بصبغة موحدة بحيث تظهر للناظر وكأن الناس قد تحولوا الى اتباع لها، رغم أن معطيات الواقع يقول عكس هذا تماما، حيث أصدرت الجماعة تعميمات على منظمات المجتمع المدني، التي يفترض أن يكون عملها محايدا تماما، فرضت عليها إقامة فعاليات متنوعة، احتفاء بهذه المناسبة، وإلزامهم بوضع شعارات محددة في اللوحات التي تعلق بهذه الأنشطة.
ووفق التعميم فإنه يتعين عليهم تعليق لافتات على مقراتها احتفاء بهذه المناسبة، مع ضرورة رفع تقرير مصور بشكل يومي الى مكتب الشؤون الاجتماعية، لمعرفة مدى التزام المنظمات بهذه التعميمات.
موسم جباية
لعل السمة الأبرز لهذه المناسبة هو تحويلها إلى موسم لنهب التجار والمواطنين، تحت شعار دعم المجهود الحربي، والاحتفال بالمولد، وغيرها من الشعارات التي يجبرون بها الناس والتجار تحديدا للتبرع.
وتقوم النساء الحوثيات بحملة استنفار بين وقت وآخر، للبحث عن تبرعات من النساء سواء كانت عينية أم نقدية، حيت تستغل النساء الحوثيات المناسبات الاجتماعية كالأعراس وتجمعات العزاء للتذكير بضرورة الإنفاق، ما قد يدفع النساء المغرر بهن الى التبرع بحليّهن، من الذهب والمجوهرات.
في الوقت الذي يفترض تحويل هذه المناسبة الدينية العظيمة لتذكير العالم باخلاق وفضائل النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم، يتم استغلال هذه المناسبة لجمع الاموال، من خلال فرض اموال واتاوات ومبالغ عينية لهذه المناسبة، التي باتت تمثل عبئا على كاهل المواطن اليمني إلى جانب آثار الحرب والحصار وانقطاع الرواتب والخدمات.
التجار في الواجهة
يكاد يكون التجار هم واجهة الاستهداف لكافة الفعاليات الحوثية حيث تفرض مبالغ على المحلات التجارية الكبيرة والصغيرة، وأصحاب المدارس الخاصة، وحتى الجمعيات الخيرية والمؤسسات التجارية والقطاع الخاص لفرض مبالغ لهذه المناسبة.
ابراهيم، صاحب متجر صغير يتم فرض مبلغ مالي عليه بخصوص هذه المناسبة، يقول: "إلى جانب ما نعانيه من ضغوط وصعوبات الحياة، يفرضون علينا مبالغ مالية بمناسبة المولد النبوي، عليا ديون إيحار المحل وبضاعة، وهم لا يراعون هموم الناس ويفرضوا مبالغ وطلاء المحل باللون الاخضر، هل هذا مطلب بديننا الاسلامي؟".
تفرض الجماعة على التجار وأصحاب المنازل تزيين الشوارع بأقمشة خضراء، وطلاء أبواب المحلات بألوان خضراء كذلك، كما ترفع أصوات المكرفونات التى تجوب شوارع العاصمة صنعاء بالزوامل الحوثية، فضلاً عن التحشيد الحوثي في الحارات بهذه المناسبة، لتحفيز الشباب على "الجهاد" والذهاب إلى الجبهات.
أهداف حوثية
تعليقا على هذا الأمر أكد الصحفي والناشط الحقوقي محمد الأحمدي أن "مليشيا الحوثي تسعى من وراء إحياء المناسبات الدينية لتحقيق عدة أهداف؛ فمن جهة تعمل على تمرير مشروعها الطائفي من خلال هذه المناسبات، وادعاء حقها الحصري في احتكار فهم الإسلام على أساس مزاعم صلتها بالرسول الكريم، وبناءً عليه فإن لها الحق الحصري في حكم الشعب والتسلط على رقاب الناس، وهذا هو جوهر المشروع الإمامي الكهنوتي، هذه الثقافة العنصرية تعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي وفرز المجتمع على أساس من ليس معها في التسليم بهذا الادعاء فهو "منافق" ويستحق القتل والتنكيل، وهي بذلك لا تختلف عن أي جماعة تكفيرية، بل أشد".
وأضاف: بالتالي تستغل المليشيا أي مناسبات كهذه لمحاولة غسل أدمغة البسطاء بأفكارها الطائفية العنيفة وبث خطاب الكراهية وتبرير عدوانها على المجتمع.
واستطرد: من جهة ثانية، تسعى جاهدة لاستمرار حشد طاقات أنصارها، مستغلة عوامل الحرب والجهل للإبقاء على المجتمع الواقع تحت سلطتها في حالة استنفار دائم لمساندة انقلابها وحروبها وجرائمها، وهذه واحدة من أخطر تداعيات بقاء هذه المليشيا كسلطة أمر واقع، بالإضافة إلى ذلك فهي تعمل من خلال المناسبات الدينية إلى فرض الإتاوات على الناس كجزء من سياسة الإفقار والتجويع وللاستفادة من هذه الإتاوات لتمويل حروبها المدمرة".
المصدر أونلاين