تنذر موجة الغضب التي أطلق مواطنون يمنيون شرارتها اليوم من أمام مقر المحافظة تعز وسط اليمن، بتصاعد الحراك الشعبي ضد ما أسموه فساد السلطات المحلية، ومطالبتها باستحقاقات أخرى من بينها علاج جرحى الحرب والمقاومة وتوفير المرتبات للموظفين وتحسين خدمات النظافة وغيرها.
"ارحلوا جميعا، نريد دولة خدمات لا جبايات، لا نريدكم لأنكم فشلتم في توفير المياه والكهرباء والنظافة والصحة والتعليم، سلطات ناجحة في تحصيل الضرائب فقط".. جزء من شعارات يستمر في رفعها أبناء تعز لليوم الثاني على التوالي وامتدت إلى أبرز شوارع المدينة من خلال حرق الإطارات وقطع الشوارع.
وعن طبيعة المطالب التي ترفعها شعارات هذه الاحتجاجات، تحدثت الجزيرة نت مع رشاد السامعي -وهو أحد الناشطين الذين دعوا لهذه المظاهرات- الذي أفاد بأن مطالب المشاركين تعتبر حقوقية ومشروعة وتتعلق أغلبها بإقالة الفاسدين في السلطات المحلية وتعيين آخرين من ذوي الكفاءات والنزاهة.
جانب من المظاهرات في مدينة تعز (الجزيرة) |
وأضاف السامعي أن من بين أهداف المظاهرات أيضا استكمال تحرير المحافظة من سيطرة جماعة الحوثي ورفع الحصار عنها، وكذلك المطالبة بإنهاء المحاصصة بين الأحزاب السياسية بالمدينة، ورفع الغطاء عن المجرمين والقتلة الذين تحميهم قيادات نافذة في الجيش والأمن، وتصحيح القضاء وتفعيل دور جهاز الرقابة والمحاسبة.
اتفاق على المطالب
وأكد المتحدث أيضا أن جملة مطالب الشارع يتفق عليها أغلب أبناء تعز الذين يصرون على الاستمرار في المسيرات الاحتجاجية حتى تحقيق تلك المطالب التي على رأسها علاج الجرحى وتوفير المرتبات والخدمات الرئيسية كالكهرباء والماء الصالح للشراب والصحة والنظافة والتعليم.
وامتدت تفاعلات الناشطين مع هذه المظاهرات إلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث تحولت هي الأخرى إلى ساحة مفتوحة للجدل والنقاش وتداول صور الاحتجاجات وشعاراتها والتحذير من أي حملات تحرّف أهدافها.
وذهب البعض لربط احتجاجات تعز بما يحدث من موجات احتجاج في بعض الدول العربية بينها لبنان والعراق، حتى إن بعض النشطاء اقتبس بعض شعارات المظاهرات اللبنانية.
وكتب الصحفي خالد سلمان عن المظاهرات في تغريدة له على تويتر "إنها تنهض من بين الرماد، تغسل وجهها، تفرك عينيها من غشاوة رقاد تأخر قليلا، تتحرك ببطء وبثقة، تعرف أين تضع خطواتها، ولخياراتها وأدميتها تثأر وتنتصر، بلا طلقة رصاص واحدة، إنها تعز تنهض من جديد لصياغة المعادلة القادمة".
موقف السلطات
وحول موقف سلطات مدينة تعز التابعة للحكومة الشرعية إزاء هذه الاحتجاجات وتهم الفساد الموجهة إليها، قال وكيل أول محافظة تعز عبد القوي المخلافي "لا نستطيع ولا يمكننا نفي أو تجاهل الاختلالات والفساد، ونعمل كل ما في وسعنا لتجاوزها في ظل وضع شديد التعقيد نتيجة لعدم استقرار السلطة المركزية".
وأضاف المخلافي "لن نخون تطلعات شبابنا، نعمل كل ما بوسعنا من أجل بناء المؤسسات وتحسين الخدمات ومكافحة الفساد واستغلال البعض لمناصبهم من أجل التكسب والثراء غير المشروع".
وفي الاتجاه ذاته رفض وكيل محافظة تعز محمد الصنوي ما أسماه بتعميم التهم على جميع رموز السلطة المحلية دون تقديم الأدلة المؤيدة والواضحة، مؤكدا أنه مستعد للمثول أمام أي جهة لتبرئة ذمته.
من جهته نشر عارف جامل -وهو وكيل ثالث للمحافظة- على صفحته الرسمية في فيسبوك تصريحا أشاد فيه بالتظاهر السلمي لأبناء المدينة، مطالبا بالوقوف أمام مطالبهم بمسؤولية والعمل على حلها.
مواجهة وردع
وفي سياق متصل، تعهدت شرطة تعز بمواجهة وردع أي أعمال قالت إنها قد تخل بالأمن والاستقرار في المدينة، وأكدت على حق المواطنين في التظاهر السلمي للمطالبة بأي حقوق مشروعة.
وبحسب بيان صادر عن إدارة التوجيه المعنوي والعلاقات العامة لشرطة المحافظة، فإن ثمة توجيهات صدرت بنشر دوريات من مختلف الوحدات لتأمين المسيرات الاحتجاجية، وحماية الممتلكات الخاصة والعامة، وتنظيم حركة السير.
ويرى محللون سياسيون تحدثت معهم الجزيرة نت أن أكثر ما يجب أخذه بعين الاعتبار عند الحديث عن تعز هو حالة الانقسام الحاصلة بالمدينة وعدم استقرار المحافظين والقيام بهامهم وأيضا مشكلة التعامل مع المدينة بسياسة الانتقام والإهمال سواء من قبل الحكومة الشرعية أو حتى من قبل التحالف السعودي الإماراتي الذي يرفض تحرير المدينة وتقديم أي دعم عسكري لها حتى الآن.
المصدر : الجزيرة