"لو طلب مني اثناء التحقيق الاعتراف بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، لاعترفت" هكذا قال محمد المشخري، الذي تتهمه مليشيات الحوثيين بالاشتراك في اتفاق جنائي مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، وآخرين في جريمة اغتيال القيادي في جماعة الحوثيين صالح الصماد.
المشخري واحد من ضمن 9 معتقلين من أبناء محافظة الحديدة، اختطفته المليشيات وهو عائد من عمله كمعلم بمدرسة في مديرية القناوص، وأخفوه قسرياً منذ 14 أكتوبر/تشرين الأول 2018م، قبل أن يظهر في جلسة محاكمة ضمن 62 متهماً باغتيال رئيس المجلس السياسي التابع للحوثيين صالح الصماد والذي قتل في ضربة جوية لطيران التحالف يوم 19 أبريل/نيسان 2018 وفق ما أعلن الحوثيون في ذلك الحين.
تضم قائمة المتهمين إضافة إلى أبناء تهامة التسعة، رؤساء دول في مقدمتهم ترامب، ورؤساء حكومات ووزراء دفاع وقيادات عسكرية وأمنية غربية وخليجية وعربية ويمنية، يحاكمهم الحوثيون غيابياً.
نفى المشخري في جلسات المحاكمة التي عقدت على مدى الأشهر الماضية، التهم المنسوبة له، وأنكر صحة الاعترافات التي تضمنتها أقواله في محضر الاستدلال.
ودون في محضر الجلسة بالصفحة 153 قول المشخري : "أن ما تضمنته اقوله بمحاضر الاستدلال بشأن اقراراه المنسوب اليه انما هي اقوال غير صحيحة افاد بها للخلاص من الموت والعذاب الذي تعرض له المتمثلة في الحرمان من النوم لايام متعددة بلغت اقصاها ثمانية ايام حيث كان يتعاقب عليه المحققون ويتداولونه لسماع اقواله وكذلك تعليق اليدين ورفع أحد الرجلين وضرب في الأقدام بكيبل ولو سالوه هل قتلت رسول الله لاعترف وعلق حبل في رقبته وأنه قد تلقى انواع العذاب منها دشداش بالماء البارد وربطه في سلم ومن ثم ركز السلم وهو مربوط فيه لساعات طويلة من الفجر حتى الظهر وانه قد تعرض لما لا يعرفه من العذاب..".
لكن المحكمة الجزائية المتخصصة، مصرة وفق محامي الدفاع على اعتبار محاضر الاستدلال والاعترافات التي انتزعت من المعتقلين تحت التعذيب، كأدلة إدانة قطعية تستوجب الحكم المستعجل على المتهمين بقتل الصماد.
استمرار المهزلة
يوم أمس الثلاثاء 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019، عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة جلستها السابعة عشر في هذه القضية بدون حضور هيئة الدفاع عن المتهمين، وهو ما اعتبره الاخيران دليلاً على عدم نزاهة المحاكمة وعدالة القضاء واستخدامه كأداة إعلامية وسياسية.
تقول هيئة الدفاع عن المتهمين التسعة، إن نظر القاضي الحالي "أمين علي زبارة رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة بالحديدة، غير قانوني، مشددين على تنحيه وفق مذكرة رفعوها للمحكمة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري – اطلع المصدر أونلاين على مضمونها.
برر الدفاع الطلب، بقيام القاضي بتغيير قرار الاتهام المرفوع من النيابة، والقيام بولاية الادعاء، خلافاً للقانون الذي يخولها القيام بولاية القضاء، إضافة إلى القيام بأعمال مأمور الضبط القضائي ووظيفة النيابة العامة.
وأشار محامو الدفاع في طلبهم التنحي، إلى أن قيام القاضي زبارة، بتغيير قرار الاتهام، لعلمه بعدم جدوى التهمة المنسوبة للمتهمين جميعاً بمن فيهم الرئيس الامريكي والقيادات العسكرية والمدنية العربية والغربية والخليجية واليمنية، واستحالة تطبيق حكم الإعدام بحقهم جميعاً، ما دفعه إلى تغييرها لعلمه بإمكانية الحكم بالإعدام على المتهمين التسعة الأخيرين في قائمة مكونه من 62 متهم.
وأعلن محامو الدفاع في الجلسة الماضية انسحابهم من المرافعة عن المتهمين، لأسباب عدة منها، عدم تطبيق الإجراءات القضائية التي تلزم المحكمة تخصيص وقت متساوي للادعاء وللدفاع في جلسات المحكمة، إضافة إلى استعجال المحكمة لحجز القضية للنطق بالحكم، وهو استعجال مفاجئ وغير ممبر، يؤكد أن المحكمة لا تسعى للوصول إلى الحقيقة.
ووفق المذكرات المرفوعة من هيئة الدفاع ومحاضر الجلسات وعريضة الاتهام التي أطلع "المصدر أونلاين" على مضامينها، تسعى الجماعة إلى الحكم على مختطفين مدنيين، بجريمة قتل القيادي صالح الصماد، لتحقيق مكاسب سياسية، بعد ملل الناس من الدعاية والإعلانات المتكررة الصادرة باسم المحكمة، وطلبات الحضور المستعجل للرئيس الامريكي والعاهل السعودي وقيادات في دول التحالف العربي والدول الداعمة لها، إضافة إلى الرئيس اليمني ونائبه ووزير الدفاع وقيادات أخرى، تتهمهم المليشيات في ذات القضية.
وتحول القضاء في عهد الحوثيين، إلى أداة للنيل من خصومها السياسيين ونهب أموالهم ومصادرة أملاكهم تحت يافطة العدالة التي أصبحت غائبة بشكل تام، في دوائر ومؤسسات الدولة التي اغتصبها الحوثيون منذ خمس سنوات.
وكانت صحف ومواقع تابعة للحوثيين نشرت إعلاناً من المحكمة الجزائية بأن على الرئيس الامريكي والعاهل السعودي والرئيس اليمني، إضافة إلى رؤساء ووزراء وقيادات أخرى، المثول أمام المحكمة في مدة أقصاها شهر، ما لم سيتم إصدار الحكم بحقهم غيابياً، وفي حال أصدرت الجماعة الحكم فإن 9 مختطفين مدنيين سيحكم عليهم بالإعدام بتهمة قتل الصماد، سيضافون إلى أخرين من المختطفين ممن حكمت عليهم محاكم خاضعة للحوثيين بأحكام جائرة بعد محاكمات أقل ما يقال عنها إنها مهزلة في جبين القضاء اليمني.