تنظيم وترتيب غير مسبوق تشهده المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي لـ إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في الـ12 من ربيع الأول، والذي يصادف الـ 8 من نوفمبر الجاري.
وأعلنت الميليشيا حالة من الاستنفار القصوى في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وعلى رأسها العاصمة صنعاء، استعداداً للفعالية.
وبالرغم من أن الجماعة تحشد وتحتفل بهذه المناسبة كل عام منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء إلا أنها هذه المرة تستعد بشكل أوسع، وذلك لإبراز تمتعها بـ"حاضنة شعبية" وتماسك سلطتها على أرض الواقع، لا سيما بعد انحسار شعبيتها بسبب ممارساتها القمعية والهمجية بحق المواطنين.
وأكدت مصادر محلية أن ميليشيا الحوثي ألزمت المحلات والمراكز التجارية الصغيرة منها والكبيرة وأصحاب المطاعم بطلاء واجهات محلاتهم باللون الأخضر وتعليق قصاصات قماشية.
وقالت لـ"المصدر أونلاين" إنها تمارس عملية إجبار لمالكي المحال والمراكز التجارية والمطاعم لطلاء واجهتها باللون الأخضر قبل أيام من ذكرى الفعالية وعلى وجه السرعة، متوعدة من يخالف ذلك بغرامة مالية باهظة واتخاذ إجراءات عقابية بحق مالكيها.
وأضافت أن آلات رش طلاء يدوية تابعة لجماعة الحوثي بدأت منذ عشرة أيام بتلوين أسوار وجدران بعض الوزارات والمدارس والمؤسسات الحكومية وجامعة صنعاء وميدان السبعين باللونين الأخضر والأبيض بالإضافة الى الى التلوين المجاني لوسائل نقل المارة وبعض المنازل في الأزقة والحارات وتوزيع يافطات وقطع قماشية وصور الحوثي وقتلى الجماعة البارزين.
وتستغل ميليشيا الحوثي هذه الفعالية لتكريس فكرها الطائفي ومحاولات إقناع الناس بأحقيتها في الحكم كاستحقاق يوجبه الاصطفاء الإلهي، بالإضافة إلى فرضها حملة جبايات غير قانونية على التجار وأصحاب المحلات ورجال الأعمال، واستغلال هذه الجبايات لتمويل جبهاتهم الحربية.
ورفعت الجماعة صوراً ولافتات في مختلف المؤسسات الإيرادية وعلى رأسها مكاتب البريد والبنوك الحكومية، والتجارية، تدعو فيها المواطنين للتبرع لهذه المناسبة، التي باتت تمثل كابوساً للمواطنين والتجار في مناطق سيطرة الحوثيين.
وأصدرت جماعة الحوثي تعميماً إلزاميا، يجبر المدارس الحكومية والأهلية، في كافة مناطق سيطرتها، على ترديد أنشودة "طالع البدر علينا"، في صباح كل يوم، في الإذاعة المدرسية، قبل النشيد الوطني وتحية العلم، وأن يتم ترديدها بلحنها الأصلي"، بحسب وثيقة التعميم المتداولة على وسائل التواصل الإجتماعي.
وتحولت الإذاعات المدرسية الى منصة لفرض الأفكار الحوثية بشكل إجباري على الطلاب، من خلال تخصيص الإذاعات المدرسية للاحتفال بالمولد النبوي، الذي يتم استغلاله للترويج للأفكار الحوثية، وربط الانصياع لأوامر الجماعة بالاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حسب زعمهم.
وقالت مصادر تربوية إن جماعة الحوثي، تقوم بتعطيل حركة التعليم والذهاب بالطلاب إلى ميدن السبعين، ناهيك عن اخذ وقت كبير من وقت الطلاب والتدريس بإلزام المدرسة باقامة اذاعة مدرسية عن المولد النبوي الشريف وترديد الصرخة خلالها.
ولم تكن منظمات المجتمع المدني بعيدة عن هذه الممارسات الحوثية، حيث أصدرت الجماعة تعميمات على منظمات المجتمع المدني، فرضت عليها إقامة فعاليات متنوعة، احتفاء بهذه المناسبة، وإلزامهم بوضع شعارات محددة في اللوحات التي تعلق بهذه الأنشطة.
موسم جباية
ولعل السمة الأبرز لهذه المناسبة هو تحويلها إلى موسم لنهب التجار والمواطنين، تحت شعار دعم المجهود الحربي، والاحتفال بالمولد، وغيرها من الشعارات التي يجبرون بها الناس والتجار تحديدا للتبرع.
وتقوم النساء الحوثيات بحملة استنفار بين وقت وآخر، للبحث عن تبرعات من النساء سواء كانت عينية أم نقدية، حيت تستغل النساء الحوثيات المناسبات الاجتماعية كالأعراس وتجمعات العزاء للتذكير بضرورة الإنفاق، ما قد يدفع النساء المغرر بهن الى التبرع بحليّهن، من الذهب والمجوهرات.
وتفرض الجماعة على التجار وأصحاب المنازل تزيين الشوارع بأقمشة خضراء، وطلاء أبواب المحلات بألوان خضراء كذلك، كما ترفع أصوات المكرفونات التى تجوب شوارع العاصمة صنعاء بالزوامل الحوثية، فضلاً عن التحشيد الحوثي في الحارات بهذه المناسبة، لتحفيز الشباب على "الجهاد" والذهاب إلى الجبهات.
أهداف حوثية
وتعليقا على هذا الأمر أكد الصحفي والناشط الحقوقي محمد الأحمدي أن "مليشيا الحوثي تسعى من وراء إحياء المناسبات الدينية لتحقيق عدة أهداف؛ فمن جهة تعمل على تمرير مشروعها الطائفي من خلال هذه المناسبات، وادعاء حقها الحصري في احتكار فهم الإسلام على أساس مزاعم صلتها بالرسول الكريم، وبناءً عليه فإن لها الحق الحصري في حكم الشعب والتسلط على رقاب الناس، وهذا هو جوهر المشروع الإمامي الكهنوتي، هذه الثقافة العنصرية تعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي وفرز المجتمع على أساس من ليس معها في التسليم بهذا الادعاء فهو "منافق" ويستحق القتل والتنكيل، وهي بذلك لا تختلف عن أي جماعة تكفيرية، بل أشد".
وأضاف: بالتالي تستغل المليشيا أي مناسبات كهذه لمحاولة غسل أدمغة البسطاء بأفكارها الطائفية العنيفة وبث خطاب الكراهية وتبرير عدوانها على المجتمع.
واستطرد: من جهة ثانية، تسعى جاهدة لاستمرار حشد طاقات أنصارها، مستغلة عوامل الحرب والجهل للإبقاء على المجتمع الواقع تحت سلطتها في حالة استنفار دائم لمساندة انقلابها وحروبها وجرائمها، وهذه واحدة من أخطر تداعيات بقاء هذه المليشيا كسلطة أمر واقع، بالإضافة إلى ذلك فهي تعمل من خلال المناسبات الدينية إلى فرض الإتاوات على الناس كجزء من سياسة الإفقار والتجويع وللاستفادة من هذه الإتاوات لتمويل حروبها المدمرة".