إعلان الإمارات سحب قواتها من عدن وتسليم مقاليد الأمور للسعودية والأجهزة المحلية قبل ساعات من الموعد المعلن للتوقيع على اتفاق جدة بين الانتقالي والحكومة الشرعية، طرح الكثير من التساؤلات عن دور تلك القوات في باقي الأقاليم الجنوبية، ومدى تأثير ذلك على الوضع الأمني والعسكري، وهل هذا الانسحاب سوف يساعد في تطبيق الاتفاق على الأرض؟.
قال أنور التميمي الكاتب والمحلل السياسي بالجنوب اليمني لـ"سبوتنيك"، إن الخروج الإماراتي "جاء بعد أن أمّن الإماراتيون محافظة عدن بكاملها من الأخطار التي يعتبرونها تهددا لأمن الخليج والإقليم".
وأضاف الكاتب والمحلل السياسي الجنوبي، "الخروج الاماراتي أحبط المراهنات على أن إصرار الإمارات على البقاء في عدن هو جراء خلاف مع السعودية، لكن بمجرد قيام الإماراتيين بتسليم المحافظة ومدينتها إلى التحالف بقيادة السعودية تبدد هذا الزعم".
الإمارات والانتقالي
وأشار التميمي إلى أن "المجلس الانتقالي الحليف الأول للامارات والذي يعتبر الممثل الحقيقي لشعب الجنوب، ظفر بمعظم المكاسب نتيجة اتفاق الرياض، بل أكثر من ذلك، حيث استطاع المجلس وقادته الحصول على غطاء التحالف لتمرير مشروع تقرير مصير الجنوب، وعلى أقل تقدير يكون لديهم الكلمة الفصل بخصوص الجنوب في أي مفاوضات حل نهائي "سياسي" للصراع في اليمن".
وأكد المحلل السياسي أن "الجنوب بعد اتفاق الرياض سيكون نموذجا يحتذى به من قبل بقية اليمنيين، خاصة أن الإماراتيين قدموا مجالات عدة في تنمية المجتمع وتطوير مؤسسات العمل الأهلي، كما زرع الإماراتيون لشعب الجنوب وعدن حماية أمنية وعسكرية محترفة ضد مخاطر الحوثيين وتجمع الإصلاح في اليمن، وهذا أيضا تم تأكيده من قبل الرعاية السعودية للحوار مع حكومة الرئيس هادي".
مكاسب الانتقالي
وأوضح التميمي، أن "ما جرى هو إنسحاب من عدن فقط بعد تأمينها أما بقية مناطق الجنوب والساحل الغربي فما زالت القوات الإماراتية تقوم بدورها".
ولفت المحلل السياسي، إلى أن "الاتفاق يعد اعترافا دوليا بالانتقالي كقوة سياسية مقابلة للشرعية اليمنية، وضمن حضورا مؤثرا على طاولة مفاوضات الحل النهائي، وأصبحت التشكيلات العسكرية التابعة له قوات دستورية وشرعية، بعد أن كانت مصنفة من قبل الشرعية بأنها مليشيات".
وقال العميد دكتور أحمد بن حسن الشهري، الكاتب والمحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، لـ"سبوتنيك":
إن الإمارات قامت بدور محوري وأساسي ضمن التحالف العربي الذي إنطلق وفق القرار الأممي 2216 لإعادة الشرعية ودحر الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، حيث شاركت وساهمت دولة الإمارات على الصعيد العسكري من خلال المشاركة في تعزيز قدرات الجيش اليمني وقوى الأمن الداخلي من خلال الدعم اللوجستي والعسكري والتدريب الفعال لأفراد الجيش اليمني وقوى الأمن الداخلي.
لا تأثير على الجبهات
وأضاف الخبير الاستراتيجي، "كما ساهمت الإمارات في مشاريع البناء والإعمار التي كلفت مليارات الدولارات في مجال التعليم والصحة والطرق وتأهيل البنية التحتية والكهرباء والمشتقات النفطية من خلال الهلال الأحمر الإماراتي، ولذا فإن عودة قوة الواجب الإماراتية المشاركة في قوات التحالف إلى مقراتها في أبو ظبي لن يكون له أي تأثير على سير العمليات العسكرية في جبهات القتال، لأن الجيش اليمني الوطني أصبح قادراً على حفظ الأمن الداخلي والتقدم على جبهات القتال لدحر الانقلاب الحوثي".
وتابع الشهري، "القوات اليمنية تلقت تدريباً عالياً على يد الجيش الإماراتي والسعودي مما يجعلها جاهزة للقيام بواجباتها لحفظ الأمن ومجابهة الانقلاب الحوثي، وقد تشهد الأيام القادمة إعادة انتشار وتموضع للعديد من القوات المشاركة نظراً لتوحد الجيش اليمني ورفع جاهزيته، خاصة بعد اتفاق الرياض الذي قضى بتوحيد جميع القوات المقاتلة تحت مظلة وزارة الدفاع اليمنية مرتبطة بالقائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس عبد ربه منصور هادي وهذا يعطيها قوة وقدرة على التحرك وتمرير المعلومات وتوزيع الصلاحيات".
جيش وطني
وأوضح الخبير الاستراتيجي، ما قامت به الإمارات والسعودية "من شأنه بناء جيش يمني وطني موحد بعقيدة عسكرية خالية من الحزبية والمذهبية والقبلية وهذا سيعزز تقدمه وانتشاره في جميع المدن والمحافظات اليمنية".
وأشار الشهري إلى أن "التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تقدم بالشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة على ما قدمت من دعم وتضحيات بشرية ومالية ضخمة انطلاقاً من وحدة الصف العربي ووحدة الجوار والمصير ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية".
وعلى الجانب الإماراتي، قال الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات لـ"سبوتنيك":
إن سحب القوات الإماراتية من عدن جاء بتنسيق تام مع المملكة العربية السعودية وهناك أدوار متفق عليها عسكرية وسياسية، وعندما تأتي السعودية وتقول أنه حان الوقت لتتسلم زمام الأمور عسكريا وإداريا في عدن، فالطبيعي أن تساعدها الإمارات في ذلك.
وأضاف عبد الله، "لم يعد هناك لزوم لتواجد قوات إماراتية في عدن، بعد أن حسمت الأمر القوات التابعة للمجلس الانتقالي، والآن الطرف السعودي والجنوبي هما من سيقود عملية الحفاظ على الأمن في عدن، وأينما يطلب من قوات الإمارات أن تؤدى مهامها وواجبها بقوة في باقي المحافظات الجنوبية، أما عدن فقد أصبحت آمنة".
الموافقون والرافضون
وحول تصريحات وزير داخلية الشرعية الرافضة للاتفاق والخلافات بين بعض القوى الجنوبية قال عبد الله، "هذا الأمر راجع لليمنيين أنفسهم، هناك من يود رؤية هذا الاتفاق السلمي والذي تم بتوافق تام وبرعاية سعودية لحل الإشكال اليمني- اليمني في الجنوب يحقق أهدافه، وفي الوقت ذاته هناك من يرى أنه سيكون أكبر الخاسرين كوزير الداخلية "الميسري" والمطلوب رحيله في الحكومة الجديدة، وهذه الفئة لا ترى سوى المخرج العسكري وهذه عنتريات ربما سترى انسحابها من الساحة وينتهي دورها قريبا".
وحول موقف أبو ظبي من حزب الإصلاح اليمني، أكد أستاذ العلوم السياسية، أن "الإمارات حاولت التواصل مع الإصلاح والمحسوبين عليه وأن تقدم لهم كل ما يمكن من أجل خلق يمن جديد، لكن يبدو أن هناك أطرافا من الإصلاح وليس كل الإصلاح لا يرغبون بمثل هذا التعاون ولديهم أجندات واضح أنها إقليمية تركية قطرية في تقديري، وبالتالي يأتي دورهم لتخريب أي مشروع إماراتي لإعادة الاستقرار في اليمن والمنطقة، وهؤلاء ليسوا محسوبين على الحكومة اليمنية وإنما تتحكم بهم قوى خارجية في الدوحة وأنقرة وربما أطراف أخرى".
القوات المسلحة الإماراتية
أعلنت القوات المسلحة الإماراتية، أمس الأربعاء 30 أكتوبر/تشرين الأول، عودة قواتها العاملة في عدن، بعد إنجاز مهمتها في "تحرير المدينة وتأمينها بنجاح".
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية "وام" عن القيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية، "عودة قواتها المشتركة العاملة في محافظة عدن باليمن، بعد إنجازها مهامها العسكرية المتمثلة بتحرير عدن وتأمينها وتسليمها للقوات السعودية واليمنية الشقيقة".
وأكدت القيادة العامة للقوات المسلحة اليمنية أن "القوات الإماراتية وبعد إنهائها مراحل التحرير والتأمين والتمكين، قامت بناء على الخطط الاستراتيجية المعتمدة من قيادة التحالف العربي بتسليم عدن إلى القوات السعودية واليمنية الشقيقة، والتي ستتولى خلال المرحلة المقبلة مهمة تأمين المدينة والاستمرار في المحافظة على المكتسبات التي تحققت".
وأكد الجيش الإماراتي أن "قواته وكجزء من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ستواصل دعم ومساندة الأشقاء في اليمن".
وتقود السعودية والإمارات، منذ 26 مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، التي سيطرت عليها جماعة "الحوثيين" أواخر عام 2014.