أرشيفية

أمريكا: الإمارات مركز إقليمي وعالمي لنقل الأموال الخاصة بالمنظمات الإرهابية.. ماذا عملت في اليمن؟

ظلت الإمارات العربية المتحدة، طوال العام الماضي 2018م، مركزاً إقليمياً وعالمياً لنقل وإرسال الأموال الخاصة بالمنظمات الإرهابية.


هذا ما تضمنه تقرير حديث صادر عن الخارجية الأمريكية، اطلع المصدر أونلاين على نسخته الإنجليزية، تضمن تقييم مدى التزام الدول بمكافحة الإرهاب وقرارات الأمم المتحدة للحد من النشاط الإرهابي وتجفيف منابع وتمويل الجماعات الإرهابية.


تحدث التقرير عن عضوية الإمارات ومشاركتها في عدد من التجمعات الإقليمية والمنتديات المناهضة للتطرف والداعية للتسامح والسلام، كما تحدث عن الإجراءات المستمرة التي تتخذها السلطات الإماراتية لملاحقة الإرهابيين على أراضيها، ورصد تحركاتهم بالتعاون مع الجهات الأمريكية، إضافة إلى منع دخول المشبوهين والمنتميين لقوائم الإرهاب إلى أراضيها، والقيام بإجراءات محاكمة أو منع من الدخول.


ولفت تقرير الخارجية الأمريكية، ترجم "المصدر أونلاين" أهم ما ورد فيه، إلى تأكيدات المنظمات غير الحكومية الدولية لحقوق الإنسان والنشطاء، من أن دولة الإمارات العربية المتحدة "تستخدم قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية كغطاء لملاحقه المنشقين والنشطاء السياسيين المسالمين".


الإرهاب كذريعة


أبرز تقرير الخارجية الأمريكية، ما تدّعيه الإمارات من مكافحة للإرهاب في اليمن، وهي الذريعة التي بررت بها القصف الجوي والاستهداف المباشر لقوات الحكومة اليمنية أواخر أغسطس/آب الماضي في عدن وأبين.


وقالت الإمارات في ردها على اتهام الحكومة في ذلك الحين، إن غاراتها استهدفت تجمعات لمجموعات إرهابية، كانت تشكل خطراً على قوات التحالف في اليمن حسب زعمها، وهو تبرير رفضته الحكومة كما رفضت محاولة إلصاق تهمة الإرهاب بالجيش الوطني، واعتبرتها تبريرات "زائفة للعدوان والاستهداف السافر للقوات الحكومية".


والإمارات شريك رئيس للسعودية في التحالف الذي تقوده الأخيرة دعماً للشرعية والحكومة اليمنية في مواجهة المليشيات الحوثية.
لكنها قدمت دعماً وتسليحاً وتدريباً لمجاميع مسلحة خارج مؤسسات الدولة وسلمت المناطق المحررة جنوب اليمن لتلك المجموعات، وكان الشعار الذي رفعته الإمارات والتشكيلات التابعة لها، هو مكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية.


في المقابل، أظهرت التقارير الدولية والتحقيقات الغربية، دور الإمارات الخفي والمتستر تحت يافطة مكافحة الإرهاب في اليمن، والذي غذت من خلاله الإرهاب ودعمت نشاط جماعاته بما يخدم مصالحها واطماعها .
فتحت شعار مكافحة الإرهاب نفذت ومولت الإمارات تمرداً عبر تشكيلات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي، في عدن وأبين ولحج، وخاضت حرباً ضد الحكومة الشرعية حتى تمكنت من إنهاء وجودها في محافظات إقليم عدن وطرد قواتها بعد أن وصفتها بالخلايا الإرهابية.


وكانت حادثة مقتل أبو اليمامة في قصف صاروخية لجماعة الحوثيين أول اغسطس/آب، فرصة سانحة للانقلاب بعد عدة فرص سابقة أجهضتها السعودية والحكومة اليمنية في عدن، فكان تزامن الحادثة مع عمليات إرهابية استهدفت قسم شرطة الشيخ عثمان، مبرراً للانتقالي المدعوم من الإمارات لتوجيه الاتهام للحكومة الشرعية منطلقاً من إعلان الحوثيين عن متعاونين محليين شاركوا في عملية الاستهداف.
وبعد يوم واحد من الحادثة، جاءت حادثة المحفد، حيث تمكن مسلحون يعتقد أنهم من تنظيم القاعدة، من السيطرة على مقر الحزام الأمني المدعوم والمسنود من الإمارات، بعد انسحاب قوات الأخير بشكل مريب من المدينة والمقر.


وسبق أن كشف "المصدر أونلاين" ملابسات ذلك في تقرير بعنوان "غزوة المحفد" سلط فيه الضوء على عمليات استلام وتسليم وتبادل أدوار بين القاعدة والحزام تمت في أبين، حيث استعادت الأخيرة المقر الأمني ومدينة المحفد بعد ساعتين فقط من سيطرة القاعدة عليها، وبدون إطلاق رصاصة واحدة.
وأكد تقرير فريق الخبراء البارزين التابع لمجلس حقوق الإنسان بشأن اليمن، في سبتمبر/أيلول الماضي، أن الإمارات والتشكيلات الموالية لها، استخدمت ذريعة الإرهاب لاعتقال وإخفاء الكثير من النشطاء المناوئين لها في عدن، ومارست ضدهم التعذيب الجسدي والنفسي والاغتصاب، دون أي اعتبار للقوانين اليمنية والاجراءات القضائية.


التقرير ذاته، اشار إلى تورط الإمارات والقوات المحسوبة عليها وقيادات ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، بعمليات القتل والتصفية والاغتيالات التي طالت شخصيات دينة وحزبية محسوبة على حسب الإصلاح اليمني، والتيار السلفي الموالي للحكومة الشرعية، وأكد التقرير أن أعضاء الحزام الأمني الذي يرفضون تنفيذ عمليات الاغتيالات كانوا يعذبون بالاغتصاب الجنسي.


تحدث التقرير ايضاً عن عملية تحريض واسعة كانت تستهدف تلك القيادات وكانت أبرز الاتهامات التي توجه للمستهدفين إنهم إرهابيين، واتخذت التهمة كتبرير لجرائم اغتيالهم وتصفيتهم. ووفق التقرير فقد صراح هاني بن بريك ومدير أمن عدن السابق شلال شائع عبر بيانات وتصريحات إعلامية عن حربهم ضد الإصلاح بذريعة أن الأخير جماعة إرهابية.


تسليح وتمويل الإرهابيين


وبرر تقرير الخارجية الأمريكية بقاء الإمارات "مركز إقليمي وعالمي لنقل الأموال الخاصة بالمنظمات الإرهابية لإرسال وتلقي الدعم المالي"، بالقول إن "القيود والقدرة العملياتية والاعتبارات السياسية، -التي حالت في بعض الأحيان - دون قيام الحكومة فوراً بتجميد ومصادره الأصول الإرهابية في غياب مساعده متعددة الأطراف".


لم يشر تقرير الخارجية الأمريكية صراحة إلى تمويل الإمارات للجماعات الإرهابية في اليمن، لكن وكالات أنباء نافذة في أمريكا، كانت قد نشرت على مدى الأشهر الماضية تحقيقات وتقارير أظهرت الصورة المعكوسة للحرب الإماراتية على الإرهاب في اليمن.


ففي أغسطس/آب العام الماضي، كشف تحقيق استقصائي لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية أن الإمارات عقدت اتفاقات سرية مع تنظيم القاعدة، ودفعت أموالاً للتنظيم مقابل انسحاب مقاتليه من بعض المناطق.وذكرت الوكالة أن هذه الاتفاقات تمت بعلم واشنطن، حيث تم تأمين انسحاب بعض مسلحي القاعدة مع العتاد الذي نهبوه من بعض المدن، من بينها المكلا وسبع مناطق في محافظة أبين ومدينة "الصعيد" بمحافظة شبوة.وأفاد التحقيق أن فصائل مسلحة مدعومة من الإمارات جندت مسلحي تنظيم القاعدة، وتم الاتفاق على انضمام 250 من مقاتليه لقوات الحزام الأمني في أبين.


وفي تعز، دعمت الإمارات جماعة "أبو العباس" التي تشكل غطاء لمجاميع من المتطرفين وعناصر على علاقة بجماعات إرهابية.ورغم أن "أبو العباس" مدرج ضمن القائمة الأمريكية لمحاربة الإرهاب، إلا أن مقربين منه أفادوا لشبكة "سي إن إن "الأمريكية أنه تلقى تمويلاً من الإمارات للحرب في تعز.


منتصف أكتوبر/تشرين الأول الفائت، كشف تحقيق لـ"سي إن إن" الأمريكية عن وصول الأسلحة الأمريكية المباعة للإمارات إلى الأيادي الخطأ.
وأكد التقرير أن عملية التتبع للأسلحة الأمريكية أظهرت وصولها من خلال الإمارات إلى المقاتلين المرتبطين بالقاعدة والمليشيات السلفية المتشددة، إضافة إلى المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.


وسرد التقرير عدة حقائق وصور تؤكد تزويد الإمارات للجماعات الإرهابية والمتمردين الحوثيين إضافة إلى مسلحي المجلس الإنتقالي بالأسلحة والمعدات العسكرية الثقيلة والمتوسطة، معتبرة ذلك خرقاً للاتفاقات المبرمة بين الإمارات وأمريكا، إضافة إلى كونه انتهاكاً للحظر المفروض من مجلس الأمن الدولي على بيع والمتاجرة بالأسلحة لليمن.


وفي حين نفت الإمارات لـ "CNN" ذلك، أقرت الولايات المتحدة الأمريكية به، وقال المتحدث باسم البنتاغون اللفتنانت كولونيل "كارلا غليسون" في سبتمبر إن التحقيق المشترك بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع في نقل الأسلحة غير المصرح بها في اليمن لا يزال مستمراً.


تمويل الحوثيين


في السنوات الأخيرة، قدمت الإمارات نفسها كالقوة الأكبر في التحالف العربي، وصاحبة الانتصارات الأكثر في الحرب ضد مليشيات الحوثيين، إضافة إلى كونها قاهرة القاعدة والتنظيمات الإرهابية.

أكدت ذلك في البيانات الأخيرة الصادرة عن خارجيتها وتصريحات مندوبيها في الأمم المتحدة، حيث نسبت لنفسها الفضل في تحرير 80% من الأرض اليمنية، موجهة انتقادات للحكومة الشرعية والجيش التابع لها، وهي انتقادات ضمنية ايضاً للسعودية باعتبار الأخيرة حصرت دعمها ومساندتها للحكومة وقواتها.


لكن تقارير أممية وأمريكية، تدحظ الرواية والادعاءات الإماراتية، وتشير إلى دعم متواصل قدمته الإمارات للحوثيين، كانت في بداية الحرب عبر رفضها العمل بقرار مجلس الأمن بتجميد أموال الرئيس السابق علي صالح الذي كان شريكاً للحوثيين حتى قبل أيام من مقتله في ديسمبر 2017م.


هذا ما تحدث عنه تقرير لجنة العقوبات التابعة للمجلس في يناير/كانون الثاني الماضي، إضافة إلى التقارير السابقة للجنة والتي أكدت أن الإمارات لم تجمد أموال صالح، وكان نجله خالد يديرها ويمول عبرها المليشيات الحوثية.
أشار التقرير الأخير أيضاً إلى تورط الإمارات عبر شركة مقرها بدبي في تهريب المشتقات النفطية الإيرانية إلى المليشيات الحوثية، وهو ما ساهم في استمرار قدرات الحوثيين وتمويل حربهم للعام الخامس.


التقرير ذاته، اتهم الإمارات بتمويل شراء معدات لطائرات الحوثيين المسيرة من إيران، وتحدث عن ارتباط أبوظبي ودبي بعملية التطور السريعة في قدرات الحوثيين الصاروخية والطيران المسير، وتمويله بنوك إماراتية لشراء وقود للصواريخ الباليستية.
وأكد التقرير أن الإمارات رفضت الرد على استفسارات اللجنة بخصوص تحويلات مالية عبر بنوك إماراتية، كانت تمول شراء معدات طائرات مسيرة للحوثيين استخدمتها الاخيرة في استهداف المنشأة السعودية النفطية والمدينة.


ورغم أِشارة تقرير الخارجية الأمريكية إلى شراكة أبوظبي في مايو/أيار الماضي، في تعطيل شبكات واسعة لصرف العملات في إيران والإمارات العربية كانت تمول فيلق القدس التابع للحرس الثوري.
فإن عودة العلاقات التجارية والعسكرية والمالية بين طهران وأبوظبي في الاشهر الاخيرة، وظهورها بشكل علني بالتزامن مع الحديث عن انسحابها من اليمن، فسره المراقبون والمحللون الغربيون بأنه تخلي إماراتي عن السعودية، ونافذة انقاذ لطهران التي تواجه عقوبات اقتصادية أمريكية.


تجدر الإشارة إلى أن التمرد الذي خططت له الإمارات جنوب اليمن لم تطوَ صفحته بعد، ومن المتوقع أن يجري التوقيع على اتفاق رعته السعودية يوم الثلاثاء في الرياض بحضور محمد بن زايد، وقد سبق الاتفاق عمليات انسحاب كلية للإمارات من عدن وتسلم القوات السعودية مهام قيادة التحالف هناك، لكن الكثير يشككون في انسحاب الإمارات وتأثير ذلك بعد أن اصبح لديها قوات تقاتل بالوكالة عنها في اليمن، خاصة وقد تحدث بيانها الأخير عن استمرار مهامها في محاربة الجماعات الإرهابية في المحافظات الجنوبية، وهو ما يرى المراقبون أنه تهديد ضمني للحكومة واستمرار لإضفاء الحماية والدعم العسكري لميليشياتها تحت يافطة الإرهاب، رغم أنه المركز الأول عالمياً وإقليمياً في تمويله وفق تقرير الخارجية الأمريكية.
 

المصدر أونلاين ض