اطلعت بي بي سي عربي على تقرير أعدته الأمم المتحدة في ختام تحقيق سري خلص إلى أن طائرة حربية تابعة لدولة أجنبية شنت هجوما صاروخياً على مركز لاحتجاز المهاجرين في ليبيا.
ولم يتطرق التقرير إلى أي دولة بالإسم، ولكن مصدرا عليما بالتحقيق قال لبي بي سي إن التحقيق ركّز على دولة الإمارات العربية المتحدة.
ولم تعلق دولة الإمارات على الموضوع لدى سؤالها من قبل بي بي سي.
وأسفر الهجوم الذي استهدف مركزاً لاحتجاز للمهاجرين في ضاحية تاجوراء شرقي العاصمة الليبية طرابلس في يوليو/تموز هذا العام عن مقتل 53 مهاجراً وإصابة 130 آخرين.
وقالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إن الهجوم قد يمثل جريمة حرب.
ويعتقد أن غالبية القتلى في معتقل تاجوراء كانوا من المهاجرين الأفارقة الذين كانوا ينوون الهجرة إلى أوروبا من ليبيا.
وكان الهجوم هو الأكبر من حيث عدد الضحايا منذ بدء الحملة العسكرية التي تشنها قوات شرق ليبيا ضد حكومة الوفاق الليبية في طرابلس والتي تحظى بدعم الأمم المتحدة.
وقالت مفوضة حقوق الانسان لدى المنظمة الدولية ميشيل باشيليه في حينه: "قد يكون هذا الهجوم، آخذين بنظر الاعتبار الظروف الدقيقة لحيثياته، يرقى إلى جريمة حرب".
وصرحت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا لبي بي سي انها أعطت إحداثيات المركز لطرفي النزاع كي يتجنبا استهدافه.
وتقول حكومة الوفاق الوطني إن الهجوم شنته طائرة حربية تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت قوات شرق ليبيا التي يقودها الجنرال خليفة حفتر قد قالت في البداية إنها استهدفت هدفا مشروعا ولكنها نفت فيما بعد استهداف المركز.
وأمضت لجنة تابعة لمجلس الأمن شهورا تحقق في الهجوم بهدف تحديد الجهة المسؤولة عنه. واطلعت بي بي سي عربي على تقرير سري موثق عرض على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأربعاء.
وجاء في التقرير إنه في وقت الهجوم ووفقا لمصدر سري شوهد عدد لا يعرف من طائرات الهجوم الأرضي من طراز ميراج 2000-9 تستخدم قاعدتي الخادم والجفرة الجويتين.
وقالت الأمم المتحدة إنه في عام 2017 قامت دولة الإمارات ببناء قاعدة الخادم الجوية ووفرت الدعم الجوي لقوات حفتر.
وتملك الإمارات ومصر عدداً كبيراً من طائرات ميراج الحربية.
وقال ناطق باسم القوات المسلحة المصرية إنه لا يرغب في التعليق على التقرير قبل أن ينشر بشكل رسمي.
وخلص التقرير إلى أنه من "المرجح جداً" أن الضربة الجوية نُفذت باستخدام صواريخ موجهة بدقة أطلقتها طائرات هجوم أرضي تملكها وتشغلها دولة عضو في الأمم المتحدة تدعم بشكل مباشر قوات خليفة حفتر. ولم يذكر التقرير اسم الدولة لأن المحققين ما زالوا يجمعون الأدلة.
وعلمت بي بي سي أنه يتم النظر في مسؤولية دولة الإمارات عن الهجوم، وهي الدولة الوحيدة التي تواصل معها محققو الأمم المتحدة لعلاقتها بالقواعد الجوية التي أقلعت منها الطائرات التي يعتقد أنها استخدمت في الهجوم.
وتقول حنان صالح الباحثة في الشأن الليبي في منظمة هيومن رايتس واتش: "إن الحكومات والكيانات التي توفر أسلحة وذخيرة لجهات متصارعة في ليبيا لديها سجل موثق وتاريخ طويل في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
ولم ترد أي من دولة الإمارات أو قوات شرق ليبيا على أسئلة أرسلتها بي بي سي حول الموضوع.
وقال السفير بريطانيا السابق في ليبيا بيتر ميليت: "إن كانت هناك أدلة ملموسة عن تدخل عسكري مباشر لدول أجنبية، فذلك أمر مرفوض تماماً ويجب التحقيق فيه على أعلى مستوى".
وتخضع ليبيا لحظر الأسلحة منذ عام 2011. ووقعت دولة الإمارات في آغسطس/ آب الماضي على وثيقة تقضي بالتزامها بالحظر بجانب المملكة المتحدة وفرنسا وايطاليا والولايات المتحدة.