روحاني

كيف أصبحت إيران أقوى من أمريكا في الشرق الأوسط.. مؤسسة بريطانية تسرد ميزات تملكها طهران جعلتها «تقاتل وتربح الحروب»

خلص تقرير لمؤسسة فكرية بريطانية عسكرية إلى أن إيران تتمتع الآن بميزة عسكرية مؤثرة على الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط بسبب قدرتها على شن حرب باستخدام أطراف ثالثة مثل الميليشيات الشيعية والمتمردين سواء في اليمن أو سوريا أو العراق وكذلك لبنان.

حسب في التقرير الذي نشرته صحيفة The Guardian البريطانية فإن أحد أكثر التقييمات تفصيلاً بشأن استراتيجية إيران وعقيدتها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، أن «قدرة الطرف الثالث» لإيران أصبحت سلاح طهران المفضل.

تقرير المؤسسة المعنون بـ «Iran’s Networks of Influence»  أي «شبكات النفوذ الإيرانية» الذي استغرق إعداده 16 شهراً أن هذه الشبكات أكثر أهمية لقوة الدولة الإيرانية من برنامج الصواريخ الباليستية أو الخطط النووية المفترضة أو قواتها العسكرية التقليدية.

ميزان القوة الفعالة الآن في صالح إيران

ويخلص التقرير إلى أنه بشكل عام لا يزال التوازن العسكري التقليدي في صالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، لكن ميزان القوة الفعالة الآن في صالح إيران.

ويقول التقرير إنه رغم العقوبات الأمريكية واجهت إيران مقاومة دولية قليلة لاستراتيجيتها، حتى لو كانت تواجه الآن تحدياً جديداً من المتظاهرين الوطنيين المناهضين لإيران داخل بعض الدول التي تمارس فيها نفوذها. ومن المرجح أن تقوي نتائج التقرير موقف الدبلوماسيين الغربيين الذين يقولون إن أي صفقة نووية جديدة مع إيران يجب ألا تشمل فقط تحديث القيود على البرنامج النووي لطهران، لكن أيضاً التزامات متعلقة بسلوكها الإقليمي.

ويقول تقرير المؤسسة إن الشبكة، التي تعمل بطرق مختلفة في معظم البلدان، شكّلتها طهران ومولتها ونشرتها لتكون وسيلةَ أساسيةَ لمواجهة الخصوم الإقليميين والضغط الدولي. هذه السياسة «دأبت على تقديم ميزة لإيران دون تكلفة أو خطر المواجهة المباشرة مع الخصوم».

«إيران تقاتل وتربح الحروب»

ويخلص التقرير إلى أن «إيران تقاتل وتربح الحروب «المندلعة داخل الدول»، وليس الحروب بين الدول. وتتجنب إيران الدخول في الصراعات المتكافئة المباشرة مع الدول، مع العلم أنها قادرة على التغلب على خصومها في حالة اندلاع تلك الحروب. لكن بدلاً من ذلك، تتبع إيران الحرب غير المتكافئة من خلال شركائها من الميليشيات والمنظمات».

يزعم التقرير أن تطبيق القوة التقليدية لا يمكن أن يوازن القدرة السيادية لإيران على مدار الأربعين عاماً الماضية، نظراً لأن معظم النزاعات في الشرق الأوسط لا تأخذ شكل الحرب بين دول التي تنطوي على تكافؤ القوات والخضوع للقانون الدولي، «لكنها حرب معقدة ومحتقنة لا تنطوي على سيادة للقانون أو مساءلة، وتتميز بضعف الرؤية ووجود عدة لاعبين يمثلون مجموعة متنوعة من المصالح المحلية والإقليمية».

الأموال التي تنفقها

لم تكن أي دولة نشطة أو مؤثرة مثل إيران في النزاعات الإقليمية في العصر الحديث. وحسب التقرير، يتكبد الاقتصاد الإيراني تكلفة إجمالية لأنشطته في سوريا والعراق واليمن تبلغ 16 مليار دولار، بينما يتلقى حزب الله اللبناني 700 مليون دولار سنوياً من إيران.

طورت إيران قدرتها من خلال قوات فيلق القدس الموجودة خارج حدودها وتجنيد ميليشيات مختلفة -تصل إلى 200 ألف مقاتل- والانخراط في «منطقة رمادية» من الصراعات لا تصل إلى حد الصراعات بين الدول.

 لا تخضع للقيود الجغرافية

يرى التقرير أن التفكير الأيديولوجي والاستراتيجي الإيراني تجسد في خطاب ألقاه أحمد علم الهدى، ممثل المرشد الأعلى في محافظة خراسان رضوي، مباشرة بعد الهجمات على منشأة أبقيق النفطية السعودية في سبتمبر/أيلول 2019.

وقال أحمد: «إيران اليوم لا تخضع للقيود الجغرافية الماضية. اليوم، إيران هي أيضاً قوات الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله اللبناني، وجماعة أنصار الله في اليمن، والجبهة الوطنية لتحرير سوريا، وحركتا الجهاد الإسلامي وحماس في فلسطين. كل هؤلاء أصبحوا يمثلون إيران، وبالتالي لم تعد إيران نحن فقط. وأعلن حسن نصر الله، أمين المقاومة في حزب الله، أن المقاومة في المنطقة لها زعيم واحد، وهو المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران».

ويقول تقرير المؤسسة إن تكتيكات إيران لكسب النفوذ كانت مختلفة في كل بلد.

في العراق، استخدمت طهران المتمردين لمهاجمة الجيش الأمريكي. في سوريا، دعم قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، الجيش السوري النظامي لمحاربة الثوار متعددي الجنسيات الذين تدعمهم الولايات المتحدة.

في لبنان، تطورت علاقة حزب الله بطهران. فمخزونات الصواريخ الإيرانية والأسلحة المضادة للدبابات، إضافة إلى 25 ألف من جنود الاحتياط الذين جرى منحهم لحزب الله، قد جعلوا من حزب الله قوةً عسكريةً لفيلق القدس تعمل في الخارج.

حزب الله ونموه على حساب الدولة

جدير بالذكر أن حزب الله، الآن أكبر حزب في البرلمان اللبناني، قد نما بسبب ضعف الدولة اللبنانية التي تفتقر إلى الشرعية، والمجتمع الشيعي المتجانس في معظمه، والتقسيم الطائفي للسلطة الذي يسمح لطائفة موحدة بعرقلة صنع السياسة وتهديد إسرائيل.

لا تتطلب مواجهة النفوذ الإيراني ردوداً محلية فحسب، بل تتطلب أيضاً فهماً لقدراتها السيادية ككل، التي أصبحت حجر الزاوية في استراتيجية الأمن الإقليمي للنظام.

ويحذر التقرير من تبسيط وصف الأطراف الثالثة بأنهم «وكلاء»، مشيراً إلى أن طهران لا تتوقع عائداً اقتصادياً من شركائها، بل على العكس من ذلك تمولهم.

ويجادل كاتبو التقرير بأن إيران تتمتع بالمرونة الكافية لمقاومة موجة الاحتجاجات المناهضة لإيران، لكنها تواجه صعوبات لأن «نفوذها يعتمد على مجموعات إما لا تريد أن تحكم مباشرة (مثلما هو الحال في حزب الله في لبنان) أو غير قادرة وغير مستعدة للحكم (مثلما هو الحال في العراق)».