أحمد فتحي ومروان كامل

شاب يطالب الموسيقار أحمد فتحي بعزف ألحان من تأليفه تجاهلها فنانون محليون.. تعرف على قصته

طالب شاب يمني الموسيقار أحمد فتحي بعزف ألحان قام بتأليفها، وذلك بعد أن رفض فنانون محليون عزف هذه الألحان "بسبب الكسل وقلة الاهتمام" وفق ما تحدث به الشاب مروان كامل لـ"المصدر أونلاين".


 مروان كامل، كاتب ساخر، ومدون له جمهور واسع على صفحات التواصل الإجتماعي، نشر على صفحته بموقع فيسبوك مناشدة طويلة للموسيقار اليمني الأصل والمقيم في مصر، أحمد فتحي، تمنى عليه فيها أن يكرمه بعزف أحد ألحانه، ليخلق "أسطورة حكاية شعبية جديدة لشاب مغمور وقف على باب جميع الفنانين والعازفين في بلده اليمن ولاذ بهم باسطاً يديه من أجل ان يعزفوا له ألحانه ويخرجونها للناس كما جاء بها فتكبروا أو لم يهتموا أو لم يتمكنوا، فعزفها له أفضل عازف عود في الوطن العربي مرة واحدة!"، حسب ما جاء في المناشدة.


وفي المنشور، الذي كتبه بلغة عاطفية رشيقة، خاطب مروان كامل الموسيقار فتحي "أخاطبك الآن من وسط قرية بعيدة في حاشد أقصى شمال اليمن، بمنشور فيسبوك وانا أعرف بأني أخاطب قامة فنية كبيرة لا سبيل إلى وصالها ولا دليل، بالبلدي "ما يوصلني لا عندها".


وتغنى "كامل" في مقدمة منشوره بالتاريخ الحافل للموسيقار فتحي، الذي قال إنه "واحد من أمهر عازفي العود في الوطن العربي إن لم يكن أفضلهم على الإطلاق بشهادة الموسيقار الكبير أحمد بن أحمد قاسم الصريحة والرسمية "أحمد فتحي أفضل عازف عود في الوطن العربي"، أي أن شهرتك الضاربة في عزف العود لم تضخمها المخيلة الشعبية بل حقيقية عملية وعلمية".


"المصدر أونلاين" تواصل بالشاب مروان كامل والذي أطلق على نفسه لقب "نقيب الموالعة اليمنيين (مالي)" بعد أن نصب نفسه زعيماً لما أسماها "نقابة الموالعة اليمنيين" وهو اللقب الذي يعرفه به الكثير من المتابعين، وتحدث حول الرسالة والألحان.
قال "كامل" لـ"المصدر أونلاين": "بدأت التلحين قبل عام ونصف ربما وفي السر عشان لا يضحكوا عليا، كنت خائف من الفكرة جداً" واصفاً إياها بـ"المغامرة" والتي أتت "من شغفي وحبي واستماعي للكثير للأغاني، حياتي كلها استماع للأغاني بشكل غير طبيعي أحس أحياناً ان فيني مرض نفسي لها مدري كيف اعوذ بالله".


وأضاف في حديث لمحرر المصدر أونلاين عبر الهاتف من قريته في "حبور ظليمة" التابعة لمحافظة عمران: "كان الدافع نحو هذه المغامرة بعض القصائد التي كنت أنشد شعرها الجميل جداً بيني وبين نفسي وكنت اقول والله حرام قصائد جميلة كهذه لا يستمتع بها الناس كما أستمتع بها، وليس من وسيلة لوصول هذه القصائد إليهم كي يستمتعوا بها مثلي سوى تلحينها وغنائها، الدافع الآخر أيضاً لتوجهي نحو التلحين هو غثاء سيل الأغاني المتشابهة والممسوخة والمسروقة ألحانها التي تمتلئ بها الساحة الغنائية في صنعاء، وأهم شيء كذلك يجعلني اخوض هذه المغامرة: الفرغة". 


وعن عدد هذه الألحان التي ألفها، قال "كامل"، إنها "اكثر من عشرة.. ولولا الإحباط من عدم خروج اغنية واحدة الى الآن لكان الوضع مختلفاً". 

في رسالته للموسيقار فتحي قال الشاب كامل وهو طالب قيد التخرج من كلية الإعلام بجامعة صنعاء " قادني تبدد نشوتي ومرض مزاجي وتشبثي بآخر نجم في الشغف نحو التلحين، ولكي أصدقك القول فأنا لا أعرف التمييز بين المقامات، ولا أحفظ حروف السلم الموسيقي، ولا نظريات بحور الشعر، ولا اي قاعدة تقنية او نحوية، لكني استطيع تمييز المفردة التي خرج شعرها من الوزن واستشعر ركلة جنينها في بيت القصيدة، وأعرف سر الإله الذي وضعه في الإيقاع وفي النحل، ووعيت الموسيقى ووعيت خلقها، وعيت التلحين وتوهمته كما توهمت الشعر من قبل، وتفوق وعيي للتلحين على وعيي للشعر، الشعر فكرت فيه لنفسي، والتلحين فكرت فيه للناس!".

 

يضيف "كامل": "أنا لستُ ملحناً محترفاً وليست مهنتي ولم انشأ تنشئة موسيقية، ..انا هاوي وشغفت بالتلحين بسبب حبي وكثرة استماعي للأغاني كما شغفت بالكتابة بسبب حبي وكثرة قراءتي للكتب، وأعتقد انها حالة جمالية واحدة لا ادري كيف اشرحها لك.. لكن باختصار دراسة الموسيقى وتعلم قواعدها والعزف على آلاتها هي إضافة مهمة ونوعية للمبدع في التلحين، الواجب الأول والأهم قبل دراسة الموسيقى وتعلم قواعدها هو ان تكون مبدعاً وصاحب حس وبصيرة خلاّقة.


ويتابع: "المحضار العظيم لحّن قصائده التي نتغنى بها إلى اليوم وهو لا يستطيع العزف ولا يعرف قاعدة موسيقية واحدة.. مثله الشيخ جابر رزق الذي كتب شعره ملحناً.. مثلهم الملحن العبقري وغزير الإنتاج فيلمون وهبي الذي لحّن عشرات الاغاني الشهيرة لفيروز وعشرات الاغاني لصباح ولفنانين آخرين وليس معه من العزف الا كما مع طالب اول اعدادي من اللغة الانجليزية .. محمد سعد عبدالله أغانيه وألحانه أجمل وأكثر انتشاراً ووصولاً إلى الناس من أغاني احمد بن احمد قاسم الموسيقار الذي درس الموسيقى وأحاط بعلومها جميعاً والأمثلة كثيرة على ان الشغف والبصيرة والحس الخلاّق في الموسيقى تسبق دراستها، وأهميتها للإبداع تسبق الأهمية التقنية".


ويستطرد في تعريف الحالة فيقول رابطا بين شغفه بالكتابة الساخرة والشعر والتلحين، "الشعر هو طبع مش حرفة، كتابة النصوص هي حالة حسية وذهنية ملازمة لك ستكتبها متى استدعت الحاجة لذلك، والكتابة الساخرة أيضاً من نفس طبع كتابة النصوص بل أرهف منه، والتلحين بما ان اصله تعبير محاكاة صوتية وغنائية، ويتطلب خلق وإنتاج اللحن وعي وتفكر كالوعي والتفكر بكتابة النصوص والحوارات الساخرة وأكثر، فالجميع هم حالة فنية واحدة، والموسيقى هي أرهف وأرقى مراتب هذه الحالة وأعلاها في سلم المجد"، لكنه يقرر: أجد نفسي في الكتابة بكل تأكيد، لكن لو كنت استطيع العزف فسأجد نفسي اكثر في الموسيقى. 


وعندما سألناه، إلى أي مدرسة تنتمي هذه الألحان ردّ: "والله مالي علم إلى اي مدرسة تنتمي، لكني أعرف انها ألحان نزيهة ليست ممسوخة من ألحان أخرى أو مكررة تتسامجها الأذن (تملّها ولا تطرب لسماعها)، وهذا سبب امتلاكي لجرأة الإفصاح عنها سواءاً كانت جميلة أم لا، هي ألحان بجو جديد مختلف عن جو الأغاني والألحان المتشابهة السائدة هذه الأيام في الساحة الغنائية الصنعانية التي تبدو كأنها لشخصية ملحن واحد أو نتاج مشكلة وراثية ناتجة عن زواج الأقارب". 


ويتابع "ألحان تمتلك جوها وتعبيرها الخاص المتعوب عليه والتي لن اكون نادماً اذا لم يحالفها الحظ بالنجاح، انا والله اريد ان تغّنى وتخرج بالشكل المضبوط الذي تخيلته لها وسأكتفي بنشرها على حسابي الشخصي في الفيسبوك كما أنشر نصوصي الأدبية". 


وعن من تناسب هذه الألحان من أصوات الفنانين، قال: "بحسب اللحن والأغنية، هناك لحن وأغنية مثلاً أعتقد انها تناسب صوت وأداء الفنان الشاب الصغير علي المهتدي.. وكل اغنية ولحن تناسب صوت واداء فنان معين خصوصاً بأني لا أُلحِّن لفنان محدد، لكن تبقى حرافة حمود السمهْ وحسين محب في الغناء وامكانياتهما الواضحة والمكتملة التي يستطيع الملحن تقمص شخصيتهم الغنائية في عملية التلحين، هي الأجدر لغناء الكثير من الألحان، وفيهم يحط الملحن ثقته بأنهم لن "يمهدوا" (يشوهوا) الألحان نظراً لتمرسهم وخبرتهم الكبيرة في الغناء". 


وعن سبب رفض الفنانين عزف وغناء ألحانه، قال: "ليس هناك رفض، لقد عُزفت وتغنت لي بعض الألحان لكنها لم تخرج مضبوطة كما أردتها وجئت بها، ليس رفضاً وانما كسل وقلة اهتمام واحياناً قلة حيلة وإمكانية في العزف، أرسلت لحمود السمهْ وقال لي في أقرب فرصة سوف نجلس معاً لعزفها ومنذ أشهر لم تأتِ هذه الفرصة، وأرسلت لأصيل علي ابوبكر ونفس الكلام، وأرسلت لأكثر من عشرة فنانين وعازفين وحاولت التواصل مع ضعف هذا العدد، ومرة كنت مستعداً لدفع ثمانين ألف ريال مقابل عزف لحن وتوزيعه بالأورج، لكن الموزع رفض في نهاية الأمر هذا الطلب لأنه بحسب قوله لماذا يقوم بتوزيعه موسيقياً بالأورج وليس هناك من سيغنيه، حتى طلبت في النهاية من احد الفنانين الذين يمتلكون صوتاً جميلاً ان يقوم بغناء احد الالحان دون مصاحبة للعزف ولازلت منتظراً".


ويضيف: "لا يوجد مبرر سوى الكسل من الفنانين وقلة الاهتمام، تشعر أن هذا الموضوع هو آخر اهتمامهم وان الأهم منه هو الماء ومشروبات الطاقة والسجائر من أصحاب العرس، اقول لك احياناً ما يشتوش حتى يسمعوا اللحن لو تقول لهم معي لكم لحن جديد.. والله!".

 

المشكلة بنظر "مروان" أن "الفنانين كسولين لا يريدون ان يتعبوا ويجتهدوا اذا وجدوا لحن جديد يحتاج عزفه وأداءه إلى تدريب، وتشعر انهم غير مهتمين بهذا الجانب، مش مهتمين حتى يسمعوا اللحن ولا يثيرهم هذا الأمر تخيل!

وكثير منهم ليسوا متمكنين من العزف، اذا شافوا اللحن فيه تنقلات كثيرة او معه جو جديد غير الجو التراثي التقليدي ينفرون منه".

 

وحول لماذا اختار الموسيقار فتحي تحديداً يقول: اخترته لفكرة أنه افضل عازف عود في الوطن العربي، عشان فنتازيا وطلب الرسالة المجنون التي وجهتها إليه بعزف ألحاني. 


"كنت افكر بأنه اذا تحققت هذه المعجزة وعزف لي احمد فتحي لحن واحد فسيعزفه بشكل مذهل، وأن الفنانين والعازفين اللي هنا بصنعاء بعد ذلك سوف يغيرون من طريقة تعاملهم معي ....".


وعن رد الموسيقار فتحي على رسالته قال الشاب: "شكله مابش فايدة لا حماري ولا حصان الأمير، يبدو من خلال برودة رد الأستاذ احمد فتحي على الرسالة وعدم تركيزه على طلبها، بأنه غير متحمس للفكرة ولم يتأثر بما جاء فيها ولن يستجيب للدعوة".


لكنه استدرك أنه لا يزال في انتظار رد من الموسيقار فتحي والذي ناشده في ختام رسالته بقوله: هل تساعد شاباً وتسعده كما ساعدك وأسعدك طلال مداح شاباً في لقائك الأول به عندما احتفى بك وشجعك وسجّل لك لحنين من ألحانك المغمورة حينها على نفقته الشخصية وأرسلك إلى القاهرة؟قلي نعم ناخوك.. قلّي "يا صاحب المغنى اقترب".. أفرحني.. دعني لا أصدق بأن هذا حدث".