بدت تصريحات صادرة عن ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي غريبة، بعد التوقيع على اتفاق الرياض بين ذلك المكون السياسي والحكومة اليمنية.
وكان رئيس الجمعية الوطنية التابعة للمجلس الانتقالي اللواء أحمد سعيد بن بريك، توعد بمواجهة المكونات الجنوبية اليمنية الرافضة لمشروع الانفصال بطرق سياسية أو عسكرية.
وقال ابن بريك، في تصريحات نشرتها وكالة سبوتنيك الروسية، إن المكونات التي ترفض الانتقالي وتكيل الانتقادات هي تابعة للحكومة، أو تتبع الحوثيين كقوى حراكية منضوية في إطار نمط وتوجه تلك الجماعة في المرحلة السابقة وحاليا.
وجاءت تلك التصريحات عقب وجود رفض واسع من قِبل كثير من المكونات السياسية الجنوبية لاتفاق الرياض، والتي ترفض في الوقت ذاته انفراد الانتقالي بالقضية الجنوبية، وتقول إن المجلس لا يمثلهم.
نية التصعيد
وتدلل مثل تلك التصريحات بالنسبة للكاتب الصحفي شاكر أحمد خالد، أن عناصر المجلس الانتقالي وقعت اتفاق الرياض وهي تضمر الشر والعرقلة في أرض الواقع، على حد تعبيره.
واستطرد في تصريحه لـ"الموقع بوست": "كان واضحا منذ البداية حين سيطر المجلس الانتقالي على عدن وتوجهه إلى بقية المحافظات الجنوبية، أنه يريد فرض واقع انقلابي جديد بادعاء تمثيله لهذه المناطق، ولذلك ذهب إلى الرياض لانتزاع شرعية سياسية تعزز ذلك، وقد حظي باعتراف السعودية ورعايتها للاتفاق".
وبحسب خالد فإن المؤشرات لا تدل حتى الآن على نية مشجعة لتنفيذ بنود الاتفاق، لافتا إلى تضمن بنود الاتفاق على مراحل زمنية للتنفيذ، وهو ما بدا له من الصعوبة بمكان أن تكون قابلة للتنفيذ خلال مراحل زمنية قصيرة لأن مستوى الخلافات كبيرة جدا، وثمة تفسيرات متباينة، كلٌّ يفسرها حسب توجهاته.
واتهم السعودية والإمارات بإيجاد ذلك الواقع المختل، والتشجيع على بلوغه إلى هذه الدرجة من المخاطر والانقلاب على الحكومة الشرعية، ومؤكدا أنهما ليستا على مقدرة مؤكدة لتصحيحه.
وتوقع أن تذهب الحكومة والمجلس الانتقالي برعاية السعودية إلى إجراءات شكلية بعودة الحكومة إلى عدن، لكن ستظل اليد الطولى أمنيا لعناصر المجلس الانتقالي ومطالب الانفصال، مؤكدا أنه لا فرق أن تكون الرياض حاضرة في الواقع طالما ستكون الحكومة اليمنية الشرعية والوطنية مغيبة في الميدان.
وفي تقدير خالد ثمة إجراءات شكلية كثيرة غير جوهرية قابلة للتمثيل، ومثلها أيضا بنود سياسية على درجة كبيرة من الاختلافات قد تعرقل وتؤجل تنفيذ الاتفاق في الواقع.
وأكثر من ذلك الجوانب العسكرية والأمنية، هناك شكوك كبيرة في قبول المجلس الانتقالي ومن يقف خلفه أي دولة الإمارات بذوبان أفراد الحزام الأمني والنخب في تشكيلة الحكومة الجديدة وهيكلة وضع ما بعد الاتفاق، وفق خالد.
المصير المتوقع
من جانبه يرى الصحفي كمال السلامي أن تلك التصريحات تؤكد أن اتفاق الرياض مآله إلى الفشل، معتقدا أن الهالة التي منحت للتوقيع، كانت محاولة لاستراق الوقت، في محاولة لكسب هذا الزخم، للتوصل إلى اتفاق شامل مع الحوثيين أيضا.
وأفاد لـ"الموقع بوست" بأن هناك تضخيما للاتفاق، مع أن الجميع يدرك أنه من الصعب تنفيذ بنوده، وخصوصا في الجانب الأمني والعسكري، المجلس الانتقالي لن يقبل بتسليم سلاحه وعتاده، ولا بعودة الشرعية كاملة إلى عدن، وهذا ما أدلى به قياداته منذ اليوم الأول للتوقيع، كما أن الحكومة اليمنية، لن تقبل ببقاء قوات الحزام الأمني والنخب مسيطرة ومنتشرة في المحافظات.
ولم يستبعد أن يكون مصير اتفاق الرياض مثل اتفاق السلم والشراكة الذي تم بين الحكومة والحوثيين، موضحا أن ما حصل هو أن الانتقالي انتزع شيئا من الاعتراف من قبل السعودية وأطراف دولية أخرى، لكن على الأرض لن يكون هناك أي تغيير.
يُذكر أن الرئيس عبد ربه منصور هادي وجه أجهزة الدولة بتطبيق وتنفيذ اتفاق الرياض، الذي رعته السعودية، عقب انقلاب "الانتقالي" على الدولة في الجنوب.
ولم يتم بعد تنفيذ بنود الاتفاق، بينها عودة الحكومة خلال أسبوع من توقيعه، فقد أكد مصدر حكومي رفيع لـ"القدس العربي" أن من المتوقع عودة رئيس الوزراء ووزير المالية فقط، بسبب الوضع الأمني في العاصمة المؤقتة عدن.