اتفاق الرياض

"كسر المحظورات".. حل سعودي لإنهاء حرب اليمن بعد اتفاق الرياض

بعد توقيع "اتفاق الرياض" بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية، لإنهاء الخلاف ووضع حد لأعمال العنف بين الجانبين، أعلنت السعودية أنها "على اتصال" مع الحوثيين، وهو ما يعد علامة على أن الرياض بحاجة إلى إيجاد مخرج للحرب في اليمن.

 

ووفقا لـ"راديو فرنسا الدولي": فقد كسرت السعودية طوق المحظورات باعترافها إجراء اتصالات مع الحوثيين اليمنيين الذين تقاتلهم منذ عام 2015، حيث قال مسؤول سعودي بارز: "لدينا قناة مفتوحة مع الحوثيين منذ عام 2016. نواصل هذه الاتصالات لدعم السلام في اليمن".

 

هذه التصريحات جاءت غداة توقيع اتفاق الرياض برعاية السعودية بين الحكومة اليمنية بقيادة عبدربه منصور هادي المدعوم من الرياض، والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي، حيث يدعو الاتفاق إلى تشكيل حكومة جديدة يمثل فيها الجنوبيون والشماليون بشكل متساو.

 

حل غير عسكري

 

وقال "الراديو": إن تدخل التحالف الذي تقوده السعودية أدى إلى مقتل الآلاف وتسبب في كارثة إنسانية، دون هزيمة  الحوثيين الشيعة، وبحسب هيلين لاكنر، المختصة في اليمن بالمجلس الأوروبي للعلاقات الدولية: فإنه لهذا السبب تبحث المملكة السعودية عن حل غير عسكري.

 

وأضافت هيلين لاكنر: أنه "من الواضح جدا أنه من مصلحة السعودية إيجاد حل وإنهاء هذه الحرب، التي كان من المفترض، بحسب السعوديين، أن تستمر لأسابيع قليلة، لذلك حان الوقت حقا لإيجاد حل".

 

وأوضحت: "دعنا نقول السعوديون لن يربحوا في هذه الحرب، الأمر واضح تماما، لا يزال يتعين عليهم إدراك ذلك الآن ، إذا لم يفعلوا ذلك بالفعل، لكن المشكلة، أنه آخر مرة جرت فيها مناقشات، كان الجانبان على وشك التوصل إلى اتفاق، لكن كليهما لا يريد أن يفقد ماء وجهه. الحوثيون يريدون فعلا إذلال السعوديين، وبالطبع يريد السعوديون على الأقل التظاهر بأنهم لم يخسروا".

 

وأشار "الراديو" الفرنسي: إلى الاتفاق الذي وقع بين الحكومة اليمنية والانفصاليين على تقاسم السلطة، حيث أشاد أعضاء مجلس الأمن الدولي بجهود الوساطة السعودية، قائلين: إن "هذا الاتفاق يمثل خطوة إيجابية وهامة نحو حل سياسي شامل لليمن".

 

فتح صحفة جديد

 

من جهتها، رأت صحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية: أنه نتيجة لعدة أشهر من المفاوضات، يمثل الاتفاق فتح صفحة جديدة في الحرب في اليمن التي يجب أن تلعب فيها الرياض الدور المركزي، فالوحدة الظاهرة بين الرياض وأبوظبي - بعد أن أدت خلافاتهما حول جنوب اليمن إلى انشقاق خطير بين هذين الحليفين - وكذلك تسوية قضية الجنوب الشائكة تبدو نصرا مزدوجا للمملكة.

 

لكن من وجهة نظر الصحيفة: فإن الرياض تهدف من خلال هذا الاتفاق إلى بناء جبهة موحدة ضد الحوثيين الذين يسيطرون على شمال البلاد وطي صفحة القتال بين القوات الانفصالية والموالين لحكومة هادي من أجل السيطرة على عدن الذي اندلع أغسطس الماضي.

 

ونقلت عن ماجد المهاجي المدير التنفيذي لـ"مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية" قوله: إنه "بدون ذلك، فإن موقف السعودية تجاه الحوثيين وإيران، سيكون ضعيفا"، حيث أدت المواجهات الأخيرة بين الحكومة اليمنية والانفصاليين إلى إضعاف علاقات التحالف بعد اتهامات هادي للإمارات بدعم وتمويل أنشطة الانفصاليين.

 

وأوضح المهاجي: أن "تسوية الأزمة بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي ضرورية بعد أحداث عدن ولم يعد بالإمكان تأجيلها، خاصة لأنها كانت تؤثر على العلاقة بين السعودية والإمارات".

 

وتوقعت الصحيفة: أن يعيد الاتفاق توزيع الخريطة بين الجهات الفاعلة في الصراع اليمني على أرض الواقع ودبلوماسيا، مما يجعل المجلس الانتقالي شريكا كاملا في الائتلاف، فهذه الجماعة الانفصالية، التي أنشئت عام 2017 من خلال المطالبة بالاستقلال، لها وجود قوي في عدن، العاصمة اليمنية المؤقتة، حيث استطاعت الاستيلاء على القصر الرئاسي في يناير/كانون الثاني 2018.

 

عقبات كبيرة

 

وبيّنت "لوريان لوجور": أنه من أجل أن يبقى جنوب اليمن تحت إدارة هادي، ينبغي أن يكون للمجلس لأول مرة تمثيل في الحكومة اليمنية، فمجلس الوزراء المكون من 24 وزيرا ستقسم بالتساوي بين وزراء الرئيس هادي وانفصاليو الجنوب، كما يجب أيضا دمج القوات المسلحة للجماعة بقوات وزارة الدفاع والداخلية.

 

ونقلت عن إيلانا ديلوزير، باحثة في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" قولها: "تشير الوثيقة إلى أن أي شخص متورط في القتال في عدن لا يمكن أن يكون وزيرا، وبالتالي فإن بعض الأشخاص الذين سيتم استبعادهم من هذه الحكومة الجديدة قد يصبحوا أكثر اضطرابا في المستقبل، بالإضافة إلى ذلك، الوقت غير كاف لتنفيذ مبادرات مهمة كذلك ليس هناك ثقة بين حكومة هادي والجنوبيين وهذه عقبات كبيرة".

 

وأوضحت الصحيفة: كما لا يأخذ الاتفاق في الاعتبار تنوع الفصائل والقبائل الموجودة في جنوب البلاد ولا كل مطالب سكان مختلف المحافظات، وفي هذا الإطار يقول أحمد ناجي، باحث في مركز "كارنيجي" بالشرق الأوسط، ومقره بيروت: رفضت قبيلة المهرة أن تكون ممثلة ومشاركة في الحفل، على سبيل المثال، لأنه لم يتم منحهم أي شيء في الاتفاق، ويمكن تطبيق الشيء نفسه على الحركات الأخرى في الجنوب، مثل تلك التي يدعمها العمانيون".

 

وأكدت "لوريان لو جور": أن الأحد الماضي، احتج مئات المتظاهرين في سقطرى ضد وجود القوات الإماراتية، في حين أن الجزيرة قد تقدم طريقا بحريا تجاريا إضافيا في بحر العرب.

 

ضغوط دولية قوية

 

تلاحظ أن الصعوبات في استقرار الوضع بالجنوب قد تؤدي إلى تعقيد إنشاء عملية سلام جادة لإخراج اليمن من الصراع الذي تورطت فيه الرياض منذ عام 2015 بعد إطلاق تحالف مع أبوظبي لدعم قوات الرئيس هادي في مواجهة الحوثيين المدعومين من طهران.

 

ووفقا للمراقبين: يبدو أن الجهود السعودية تشير إلى استعداد الرياض للتفاوض مع المتمردين الشيعة، في ظل تعرضها لضغوط دولية مكثفة لإنهاء النزاع الذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف شخص.

 

وأشارت الصحيفة: إلى أن هذا الاتفاق لا يبغي التعويل عليه بشأن عملية السلام بين الطرفين، والتي لا تزال تتعثر في عدة عناصر مثل عدم الثقة أو تقاسم السلطة الإقليمية والسياسية.

 

وتساءلت: هل سيكون لفترة الانفراج النسبي بين السعودية وإيران أثر على تسهيل المفاوضات؟، منوهة إلى أن عباس موسوي، المتحدث باسم الشؤون الخارجية الإيرانية، قال: إن توقيع اتفاقية الرياض "لن يحل بأي شكل من الأشكال المشاكل والأزمة في اليمن، ولكن سيؤكد ويوطد غزو السعودية وحلفائها في الجنوب لهذا البلد، وأول شيء يجب فعله هو وقف الحرب في اليمن، قبل تنظيم محادثات".