جامعة تعز- التربة

قصة "فتيات" يسرن على الأقدام من أطراف لحج إلى جامعة تعز (شاهد)

عاصم الخضمي- المشاهد

“أغلب أيام الدراسة أصل قاعة المحاضرة وأنا مرهقة”؛ بهذه الكلمات اختصرت الطالبة الجامعية سحر جلال (22 عاماً) معاناتها مع السفر المعتاد سيراً على الأقدام، من عزلة الهويشة بمحافظة لحج، إلى جامعة تعز بمدينة التربة الواقعة جنوب مدينة تعز.
تسير سحر من منزلها صباحاً، على قدميها، إلى موقف الحافلات، لمدة ساعة، ثم تقلها حافلة، لتقطع مسافة 20 دقيقة إلى مقر الجامعة، وعقب انتهاء اليوم الدراسي، تعود إلى منزلها بعد تكرار تلك المسافة التي قطعتها صباحاً.
هي واحدة من عشرات الفتيات اللاتي يقطعن مسافة أكثر من ساعة ونصف للوصول إلى الجامعة، في بلد أغلب الفتيات فيه يُحرمن من حقهن في الالتحاق بالتعليم الجامعي، لعدة أسباب، أبرزها بُعد المسافة عن الجامعة، وعدم وجود وسائل مواصلات بشكل متواصل من قراهن إلى المدن التي فيها جامعات، ما يدفع الكثيرات منهن إلى الزواج بعد إنهاء من التعليم الثانوي.

فرع كلية التربية بجامعة تعز في مدينة التربة


مشقة العناء والسفر والمشي على الأقدام، لم تثنِ سحر عن المثابرة والتفوق على معظم زميلاتها فهي من أوائل دفعتها.

مشقة الطريق إلى الجامعة

إلى جانب سحر، اثنتان من شقيقاتها، تقطعان معها نفس مساحة السفر للجامعة، كما تقول، مضيفة أنهن من الفتيات المحظوظات بمواصلة تعليمهن الجامعي، فمعظم فتيات عزلتهن والعزل المجاورة، لم يلتحقن بالجامعة لتلك الأسباب سالفة الذكر.

فائزة : حرمت من الالتحاق بالجامعة، لبُعد قريتي عن مدينة تعز، وعدم امتلاك أسرتي المال الكافي الذي يمكنهم من استئجار منزل في المدينة، لتحقيق كي إكمال التعليم، 


كثيرات من فتيات المناطق الريفية بمحافظة تعز، والمحافظات اليمنية الأخرى، يُحرمن من الالتحاق بالتعليم الجامعي، رغم تفوق بعضهن في مراحل التعليم الأساسي والثانوي، وحصولهن على علامات مرتفعة تمكنهن من الالتحاق بكليات علمية، مثل كلية الطب. لكن أحلامهن تصطدم بمعوقات كثيرة.
ومن أهم تلك المعوقات، التي حرمت فائزة، من الالتحاق بالجامعة، بُعد قريتها عن مدينة تعز، وعدم امتلاك أسرتها المال الكافي الذي يمكنها من استئجار منزل في المدينة، لتحقيق رغبتها في إكمال التعليم، وفق ما تقول لـ”المشاهد”.
وتخرجت فائزة من إحدى مدارس جبل حبشي، العام 2010. ومن المدرسة ذاتها تخرجت أكثر من 50 طالبة، خلال 7 سنوات مضت، ولم يستطعن إكمال تعليمهن الجامعي، باستثناء طالبتين فقط تمكنتا من الدراسة الجامعية، بعد أن توفر لهما السكن لدى أقرباء في مدينة تعز.
وتشعر سحر بالحزن لعدم تمكن صديقاتها من إكمال التعليم الجامعي، رغم شغفهن في ذلك، كما تقول، مضيفة: “لم يتبقَّ على تخرجي من كلية التربية قسم الرياضيات، سوى أشهر قليلة، وسأحصل على درجة البكالوريوس التي حلمت بها قبل التحاقي بالجامعة. فيما صديقات لي أنهين معي الثانوية، لم يحالفهن الحظ في إكمال التعليم”.

كانت الطالبات الجامعيات، في السابق، يقطعن المسافة من الحوبان إلى جامعة تعز الواقعة غرب المدينة، بأقل من نصف ساعة. وباتت الطالبة الجامعية اليوم بحاجة إلى 7 ساعات سفر عبر مناطق جبلية، للوصول إلى الجامعة 

الحرب تحرم الطالبات من مواصلة التعليم

وضاعفت الحرب، خلال السنوات الـ5 الماضية، من معاناة الفتيات اللواتي أنهين الثانوية العامة، ولم يتمكنّ من الدراسة في جامعة تعز، بسبب الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثي على المدينة، منذ العام 2015، الأمر الذي لم يتح للطالبات اللواتي تقع منازلهن في منطقة الحوبان (شرق المدينة)، من الذهاب إلى الجامعة.
وكانت الطالبات الجامعيات، في السابق، يقطعن المسافة من الحوبان إلى جامعة تعز الواقعة غرب المدينة، بأقل من نصف ساعة. وباتت الطالبة الجامعية اليوم بحاجة إلى 7 ساعات سفر عبر مناطق جبلية، للوصول إلى الجامعة، ما جعل الكثيرات منهن، ولاسيما غير المقتدرة أسرهن على تدريسهن في جامعات خاصة، يكتفين بالتعليم الثانوي.
وتقول الطالبة عبير محسن، التي تسكن في مدينة القاعدة التابعة لمحافظة إب، والقريبة من مدينة تعز، إنها أنهت دراسة الثانوية العامة، العام 2016، لكنها لم تتمكن من الالتحاق بجامعة تعز، كما كانت تفعل طالبات مدينتها قبل الحرب، مضيفة لـ”المشاهد” أن شهادتها الثانوية ستنتهي إذا لم تلتحق بالدراسة الجامعية، العام القادم، على أقل تقدير.
وتحدد لائحة وزارة التعليم العالي، مدة شهادة الثانوية بـ4 سنوات، إذا لم يتمكن الطالب أو الطالبة بعدها من التسجيل في أية جامعة حكومية، فعليه إعادة دراسة الصف الثالث الثانوي مجدداً.
وكانت الطالبات اللواتي تتخرجن من مدارس الثانوية في مدينة القاعدة، يلتحقن بجامعة تعز، ويذهبن للدراسة بحافلات تقلهن كل صباح، وتعيدهن مساء إلى منازلهن، لكن هذا الأمر لم يعد متاحاً في الوقت الراهن، بسبب الحرب التي يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية، على اليمن، منذ الـ26 من مارس 2015.
الجدير بالذكر أن محاولات كثيرة تمت لفك الحصار عن مدينة تعز، آخرها كانت في مطلع أكتوبر الماضي، لكن كل المحاولات فشلت، بسبب تعنت الحوثيين، وعدم استجابتهم للمناشدات الدولية والمحلية بفك الحصار عن المدينة، لتخفيف معاناة سكانها.