تشهد مدينة تعز اليمنية، منذ ما يقارب الشهر، انتشارا واسعا لـ"حمى فيروسية" لم يتم التعرف عليها من قبل الجهات الصحية في المدينة حتى الأن.
وتفيد أخر الأحصائيات التي حصل عليها "يمن شباب نت" من مصادر طبية مختلفة، أن المرض الغامض، الذي تشبه أعراضها حمى الضنك، ينتشر بسرعة كبيرة جدا، في الوقت الذي لم يتأكد فيه الأطباء حتى الأن من نوعيته، وكيفية علاجه أو الوقاية منه.
أحدث الإحصائيات
وبحسب نائب مدير إدارة الإعلام والتثقيف الصحي في مكتب وزارة الصحة بتعز تيسير السامعي، فقد وصلت عدد حالات الاشتباه بالحميات (الحمى الفيروسية وحمى الضنك) إلى 6467 حالة، منذ بداية العام 2019 حتى الجمعة الأخيرة (15 نوفمبر).
وأضاف لـ"يمن شباب نت"، أن من بين تلك الحالات، هناك 2991 حالة مؤكدة بالفحص السريع، بينما بلغ إجمالي عدد الوفيات بالحميات، خمس حالات منذ بداية العام.
لكن نائب مدير مكتب الصحة العامة بتعز، الدكتور عبد الله القياضي، أوضح لقناة "يمن شباب" اليوم أن عدد الحالات ارتفعت إلى 6761 حالة اشتباه حتى يوم الأحد الفائت، بينما ارتفعت حالات الوفاة إلى تسع حالات.
وقال نائب مدير المستشفى الجمهوري بتعز، الدكتور محمد مخارش، لـ" يمن شباب نت" إن المستشفى وحده في المدينة استقبل خلال 12 يوماً، منذ مطلع نوفمبر الجاري، أكثر من 500 حاله حميات، منها 60 حاله مؤكدة.
ومؤخرا تزايد عدد الحالات التي يستقبلها المستشفى الجمهوري يوميا، بحسب نائب المدير العام، لتصل إلى 100 حالة في اليوم الواحد، إلا أنه لم تسجل أية حالة وفاة حتى الأن لدى المستشفى منذ بدء انتشار الفيروس. كما يؤكد.
توسع جغرافي
ورغم تأكيد نائب مدير إدارة الإعلام والتثقيف الصحي في مكتب الصحة بتعز، السامعي، لـ" يمن شباب نت" أن خارطة انتشار الحمىات الفيروسية محدودة، وتركزت في مديريات مدينة تعز الثلاث (المظفر، صالة، والقاهرة)، إلا أن مصادر طبية أفادت بانتشارها أيضا في مديرية المخا الساحلية- غرب محافظة تعز.
وقالت مصادر طبية في مستشفى المخا لـ" يمن شباب نت" إن ثلاثة أطفال (إناث) توفينّ الخميس الفائت، بعد أن ظهرت عليهن أعراض تشبه حمى الضنك، مشيرةً إلى أن 14 طفلاً آخرين مازالوا يرقدون بالمستشفى، بينهم ثلاثة حالتهم حرجة.
وتشكو المصادر الطبية، التي تحدثت مع "يمن شباب نت" بسرية، من النقص الحاد في الأدوية والمحاليل في مستشفى المخأ، في ظل غياب دور السلطات الرسمية في مواجهة الوباء.
[ أقرأ أيضا: تعز.. وباء فيروسي جديد مجهول الهوية يجتاح المدينة وسط عجز الأطباء عن علاجه (تقرير خاص + صور)]
مخاوف.. وأعراض
ومع ارتفاع حصيلة المصابين، يوما إثر آخر، فقد باتت هذه الحميّات الغريبة تشكل خطراً على آلاف السكان في مدينة تعز وتهدد حياتهم، ما أثار الفزع والمخاوف لدى الكثير من المواطنين، كما هو الحال الشاب العشريني عبدالرحمن سعيد الذي أصيب مؤخراً بحمى الضنك.
ويقول سعيد لـ "يمن شباب نت" إنه شعر بحمى وصداع والآم في المفاصل، استمرت ثلاثة أيام، تناول خلالها مجموعة من المغذيات (محاليل) والأدوية. ورغم بدء تحسن حالته الصحية الأن، إلا أن المخاوف ما زالت تسكنه خشية من عودة المرض، لاسيما في ظل التدهور الصحي الذي تشهده المدينة وانتشار "الحمى الفيروسية" الغريبة. حسب وصفه.
وعن أعراض هذا المرض وتشابهه مع حمى الضنك، يقول الدكتور آدم الجعيدي- وهو طبيب عام وجراحة- إن أعراض الإصابة بالحمى الفيروسية المجهولة "تشبه كثيرا أعراض حمى الضنك، لكن تبين أن أكثر من 90 % من الحالات، التي خضعت لفحوصات حمى الضنك، كانت نتائجها سلبيه (negative)، مع وجود أعراض جديده مختلفة عن حمى الضنك".
وأضاف الجعيدي، لـ"يمن شباب نت"، أن الحمى الفيروسية الجديدة "تلعب دورا كبيرا في خفض المناعة لدى المريض، مما يجعله بحاجة ماسة الى تغذيه جيدة لتقوية المناعة، ومواجهه الفيروس".
ويتفق معه مدير إدارة الترصد الوبائي بمكتب الصحة العامة في المحافظة الدكتور ياسين عبدالملك، بشأن تشابه أعراض الحمى الفيروسية وحمى الضنك "مع وجود اختلاف بسيط".
وتحدث عبدالملك لـ"يمن شباب نت" عن أعراض الحمى الفيروسية الجديدة، من حيث الأختلاف والتشابه مع حمى الضنك، قائلا إن الحمى الفيروسية "تصيب المريض بألم في الظهر وإسهال حاد، بالإضافة إلى مصاحبتها لأعراض الضنك المتمثلة بالحمى والصداع الشديد".
وباء معدي
وفيما إذا كان الوباء الجديد معديا؟ يرجح الدكتور عبدالمغني المسني، أن يكون الوباء المنتشر في مدينة تعز "نوع من الإنفلونزا المعدية، التي تنتشر بسرعة، من خلال تنفس رذاذ العطس للشخص المصاب"، بحسب منشور له كتبه طبيب الأنف والأذن والحنجرة، على صفحته الشخصية بالفيسبوك، نوه فيه أيضا إلى أن حالات الإصابة أغلبها من فئة الأطفال وكبار السن.
وأثار هذا المنشور جدلا كبيرا ومخاوف وسط رواد الفيسبوك والمواطنيين، خصوصا وأنه حذر من خطورة هذه الحمى الفيروسية، ودعا السلطات الرسمية في محافظة تعز إلى إيقاف الدراسة لمدة أسبوعين، حتى يتم إيقاف إنشار المرض.
وأنتقد الدكتور المسني في منشوره تعامل مكتب الصحة بالمحافظة مع الوباء، متهماً إياه بالإهمال للأساليب العلمية وللتشخيص الطبي الصحيح الذي يعطي نتائج صحيحة.
مضاعفات خطيرة وتكاليف باهظة
ويأتي الوباء الجديد، الذي ينتشر بسرعة كبيرة جدا مع عجز السلطات الرسمية ومسؤولي الصحة العامة في تعز عن السيطرة على الحميات الفيروسية الأخرى المنتشرة سابقا كـ"حمى الضنك"، ليدق ناقوس الخطر أكثر من ذي قبل، خصوصا في ظل تدهور الوضع الصحي والمعيشي وأنتشار القمامة في المدينة، مما يثير مخاوف وبائية.
ويرى طبيب الجراحة آدم الجعيدي، أن غياب الحلول الجذرية والفورية لمواجهة الوباء الفيروسي، سيؤدي إلى تزايد حالات الإصابة والوفيات، ودخول الكثير من المصابين في مضاعفات، كالنزيف والتهاب غشاء القلب والتشنجات الناجمة عن زيادة الحمى؛ فضلاً عن إنهاك المواطن وعدم قدرته على مواجهتها".
وتحدث الجعيدي لـ"يمن شباب نت" عن التكلفة الباهضة على المواطن في توفير الأدوية لمواجهة الحمى الفيروسية، مؤكدا أنها "مكلفة للغاية"، موضحا أن المريض "يحتاج في اليوم الواحد مالا يقل عن 5000 ريال (ما يعادل 10 $) مقابل أمبولة واحدة لتهدئة الحمى فقط، ناهيك عن بقية المغذيات والعلاجات الأخرى".
وأوضح أنهم يضطرون إلى استخدام الأمبولات للحمى "رغم أنها مُكلفة"، كونهم لا يستطيعون اعطاء الحقن العضلية للمصابين "خوفاً من النزيف".
[للمزيد..شاهد الفيديو: معاناة مستمرة لأهالي تعز مع حمى الضنك .. وصلت الى ترقيد مريضين بسرير واحد]
بحوث واجراءات
وبرغم الأنتشار الواسع لما بات يسمى إصطلاحا "الحمى الفيروسية"، إلا أن مدير إدارة الترصد الوبائي بمكتب الصحة بالمحافظة، الدكتور ياسين عبدالملك، يقلل من المخاوف التي تنتشر وتتوسع مع إنتشار الوباء يوميا.
وقال عبد الملك لـ"يمن شباب نت" إنه "لم يتم التأكد حتى اللحظة من وجود فيروس جديد"، مضيفا أن مكتب الصحة بالمحافظة "لايزال في مرحلة رصد وتجميع للعينات المرضية، تمهيداً لعمل الفحوصات اللازمة لتتأكد من نوعية الوباء".
وأشار إلى أن مكتب الصحة يعكف حاليا، بمعية فريق من الاطباء والدكاترة بكلية الطب بجامعه تعز، على إجراء بحوث لمعرفه التشخيص السليم للحالات المصابة".
وحول الإجراءات التي تم اتخذها خلال الأيام القليلة الماضية، قال مدير إدارة الترصد الوبائي بمكتب الصحة: "نحن مستمرين بعمليات الرش الضبابي للتخلص من البعوض، إن وجد ولو بكميات بسيطة جدا، وإزاله للبؤر التي قد تتواجد فيها يرقات البعوض، إلى جانب التثقيف الصحي بطرق الوقاية من الإصابة بالحميات".
وإلى جانب ذلك، يضيف: كما فتحنا العديد من المرافق الحكومية لاستقبال الحالات، وعمل فحوصات مجانية، وصرف أدوية، ولو بالقليل المتوفر لمعالجه المصابين.
جدل أكاديمي
ولاحقا، يوم الجمعة الماضية نشر الدكتور المسني على صفحته معلومات جديدة في محاولة منه لتشخيص المرض علميا، في منشور عنونه بـ"تشخيص أولى، والأمر يحتاج إلى أختبارات تاكيديه"، حيث أعتبر المرض عبارة عن "أنفلونزا موسمية"، مقدما في منشوره معلومات علمية حول هذه الأنفلونزا، لينفي بذلك ما يقال أنها "حمى الضنك". (أنظر صورة المنشور أدناه).
وفي تعليقه على منشور الدكتور المسني، كتب الدكتور ياسين الدبعي معلومات علمية أخرى، في محاولة منه لتوصيف نوعية الفيروس المنتشر حاليا في تعز.
وقال الدكتور الدبعي في منشوره: "صحيح في أمراض فيروسية موسمية منشرة حاليا لكنها أكثر عنفا، وتتحول من التهاب فيروسي (انفلونزا) إلى إلتهاب ثانوي بكتيري يصيب الشعب الهوائية .."
وأضاف: وأثناء التحاليل تظهر نقص بالصفائح الدموية وكرات الدم البيضاء، لكن ليس بالشكل الذي يسببه فيروس حمى الضنك"، مستدركا: "لكن في الحقيقة هناك فيروس أخر يشبه حمى الضنك تماما، وهوى موجود من قبل ظهور الإصابة الفيروسية الموسمية (سواء كالإنفلونزا وغيرها) وهذا قد خف كثيرا مع ظهور الوباء الفيروسي الجديد".
وأعتبر الدكتور الدبعي أن التركيز على عمليات "الرش" في هذا الوقت، بعد إختفاء البعوض يعتبر نوع من استغفال الناس واللعب على عوطف الناس!! حيث هذا الإجراء في هذا الوقت لايفيد شياء لامن قريب ولا من بعيد.."
- فيديو :