رئيس الحكومة اليمنية- معين عبدالملك

حواجز أمنية جديدة وتهديدات إرهابية في أول أيام عودة الحكومة إلى عدن

ما إن وضع رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك قدمه على أرض المطار، نازلا من سلم الطائرة السعودية التي أقلته مع فريق حكومي مصغّر إلى مدينة عدن، إلا وهرع لمصافحة ضابط سعودي كان يرتدي الزي العسكري الرسمي.

 

كانت تلك الصورة تضع الخطوط العريضة لشكل عودة الحكومة إلى عاصمتها المؤقتة، بعد ثلاثة أشهر من انسحابها إلى العاصمة السعودية الرياض، على وقع معارك ضد القوات المدعومة من الإمارات، انتهت بسيطرة الأخيرة على المدينة.

تأجلت عودة الحكومة لأكثر من أسبوع، إذ وقفت الأوضاع الأمنية حائلا دون عودتها وفق اتفاق الرياض الذي نص على عودة رئيس الحكومة إلى عدن بعد سبعة أيام من يوم التوقيع الذي جرى في الخامس من الشهر الجاري.

وشهدت مدينة عدن خلال الأيام الماضية مواجهات بين فصائل عسكرية ومسلحين، كان آخرها الأحداث التي جرت عشية عودة الحكومة، إذ اندلعت مواجهات عنيفة بين قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيا ومسلحين مجهولين.

 

عجز سعودي
وحملت المواجهات الأخيرة التي تمددت في مديريات دار سعد والشيخ عثمان والمنصورة، تفسيرات تنبئ عن عجز القوات السعودية -التي تولت الملف الأمني في عدن وفق اتفاق الرياض- عن فرض سيطرتها.

وقبل ذلك، اندلعت مواجهات في ميناء عدن بين قوات خفر السواحل وأخرى عرّفت نفسها بقوات حماية المنشآت. ووفق ما أورده وزير الثروة السمكية فهد كفاين، فإن المواجهات تسببت بتضرر مبنى المصائد السمكية.

 

لم يتطرق الوزير إلى سبب المواجهات، لكنه أكد في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك أن المواجهات لم تكن ضمن سياق اتفاق الرياض، الذي نص على تسلّم قوات حماية المنشآت المؤسسات الحكومية.

ووفق مصدر حكومي تحدث للجزيرة نت، فإن إعادة انتشار القوات العسكرية والأمنية وفق اتفاق الرياض ستكون عملية معقدة -إن لم تكن غير ممكنة- بسبب صعوبة السيطرة على القوات المدعومة من الإمارات التي ترى الحكومة عدوا لها.

وأضاف للجزيرة نت أنه "سيتم إعادة ترتيب القوات في بعض المواقع بصورة شكلية، فالإمارات أوكلت الوضع في عدن لقوات تدين بالولاء المطلق لها، وحتى اليوم فإن تلك القوات لا تزال تتلقى الرواتب من أبو ظبي".

مخطط إرهابي
في المقابل، هدد قائد قوات مكافحة الإرهاب الموالي للإمارات العميد يسران المقطري -بعد ساعات من وصول رئيس الحكومة- بأن "مخططا إرهابيا" يحيط بمدينة عدن، معللاً ذلك بأن قواته تفتقر إلى الدعم.

وينص اتفاق الرياض على عودة جميع القوات إلى مواقعها وأن تحل محلها قوات الأمن المحلية، بالإضافة إلى تجميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة من جميع المعسكرات إلى معسكرات تابعة للتحالف خلال 15 يوما من تاريخ التوقيع.

غير أن المدة انتهت دون أي تغيير على الأرض، إذ لا تزال القوات المدعومة إماراتيا تتحكم بمفاصل الدولة، وتفرض سيطرتها على المدينة بشكل مطلق.

وقال مصدر أمني في إدارة أمن عدن، إن قوات الحزام الأمني لم تنسحب من أي موقع لها بل استحدثت نقاطا عسكرية وحواجز أمنية جديدة.

وأضاف أنه بالنسبة للقوات الحكومية لم تعد إلى معسكراتها التي لا تزال بيد قوات الحزام، وأن قائد اللواء الأول "حماية رئاسية" سند الرهوة، هو من عاد دون قواته إلى مقره في قصر المعاشيق حيث مقر الحكومة.

وقال شهود عيان للجزيرة نت، إن قوات الحزام الأمني لا تزال تنتشر بأسلحتها الثقيلة في كل أنحاء المدينة.

 


مواجهات
والخميس الماضي -حين اندلعت مواجهات بين القوات المدعومة إماراتيا ومسلحين قبليين في نقطة الرباط، المنفذ الشمالي لمدينة عدن- دفعت قوات الحزام بالدبابات والمدرعات إلى المنطقة قبل أن تهدأ وتيرة المواجهات.

ويرى مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية أن ضخامة الإصلاحات العسكرية والسياسية الشاملة التي يدعو إليها اتفاق الرياض، والغموض حول التفاصيل المتعلقة بكيفية إجراء هذه الإصلاحات والإطار الزمني مفرط التفاؤل، يدعو للتساؤل عما إذا كان أي شيء ممكنا غير الفوضى.

وأوضح المركز في تقريره الشهري أنه في حال كانت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي قد دخلا في الاتفاق بروح التعاون وحسن النية -وهذا ما لا يتمتعان به حاليا بكل تأكيد- فإن تنفيذ الاتفاق سيكون محفوفا بالتحديات، خاصة مع العملية التي تقودها بيروقراطية سعودية معروف عنها الغرور والبطء.

وأعاد المركز التذكير بأنه لا يجب نسيان أن السعودية بدأت مغامرتها العسكرية في اليمن، زاعمة أن الحرب ستنتهي في غضون أسابيع. والآن، وبعد خمس سنوات تقريبا، اتضح أن هذه الكلمات تنم بشكل واضح ومؤلم عن غياب البصيرة، مما يستوجب التعامل مع اتفاق الرياض بتفاؤل حذر.

المصدر : الجزيرة