لم يكتف الحوثيون بسرقة حريته وتعذيبه في السجون، بل تركوه جسداً مصفراً ليواجه مصيره المحتوم والموت المقرر سلفاً.
خالد محمد الحيث 43 عاماً، موظف حكومي في وزارة الثقافة ورب أسرة ميسورة، ومعلم فاضل للكثير من شباب الحارة.
كان يعرف هكذا حتى تعرض للاختطاف والإخفاء القسري من قبل مليشيات الحوثيين المدعومة من إيران يوم 26 فبراير/ شباط 2016، ومنذ ذلك الحين بات يعرف بالأستاذ المختطف، لكنه اليوم وفق عائلته ومحامي الدفاع غدا الشهيد المختطف، وضحية أخرى تضاف إلى قوائم الضحايا الطويلة والتي تضم المئات من المختطفين منهم من قضى نحبه في السجن ومنهم من مات بعد ساعات من خروجه في صفقات تبادل، وأخرون في حالة موت سريري كما هو حال المختطف عبدالله الشنفي.
أعلنت أسرة المختطف وهيئة الدفاع عن المعتقلين، اليوم الأربعاء وفاة خالد محمد الحيث في مستشفى أزال بصنعاء جراء تفاقم وضعه الصحي ومنع الحوثيين علاجه في الوقت المناسب.
وكان تقرير طبي صادر عن مستوصف السجن المركزي بصنعاء، بتاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حصل "المصدر أونلاين" على نسخة منه، أكد إصابة المختطف خالد الحيث بالتهاب الكبد المناعي، واصفرار شديد في العينين والجسم وألم في منطقة الكبد .
أوصى التقرير ذاته، مشرفي الجماعة في السجن، بسرعة نقل المعتقل إلى مستشفى متخصص وإجراء ءأشعة تلفزيونية للكبد ومتابعة علاجه لدى أخصائي أمراض كبد ولمدة تتراوح بين سنتين إلى ثلاث سنوات متواصلة.
لكن قيادة السجن رفضت نقله للعلاج في مستشفى وأصرت على استمرار احتجازه وحرمانه من العلاج، ومنعت عنه الزيارة.
في يوم الثلاثاء 29 أكتوبر/تشرين الثاني، قدم محامو الدفاع مذكرة إلى رئيس نيابة شمال أمانة العاصمة (خاضعة للحوثيين) وجه رئيس النيابة وكيلها في السجن المركزي "بالتصرف وفقا للقانون".
وفي السجن المركزي سلم محامي الدفاع محمد أبكر توجيه رئيس النيابة إلى وكيل النيابة، كان الوكيل "مطلع على موضوع خالد الحيث وأنه زاره يوم امس" وفق حديث المحامي.
وأصدر وكيل النيابة مذكرتين عاجلتين إلى مدير عام السجن المركزي (حوثي) والأخرى إلى مسؤول اللجنة الوطنية للشؤون الأسرى التابعة للحوثيين.
نصت المذكرتان، اطلع المصدر أونلاين على مضمونهما، بالرفع بحالة السجين خالد الحيث والتوجيه بنقله إلى مستشفى متخصص للعلاج، وعدم ترك حالته تتدهور.
كان التوجيه بعلاج الحيث مرفقاً بتوجيه آخر للمختطف محمد عبدالله الرده، الذي يعاني من ذبحة صدرية وتخثر في الدم وتستدعي حالته النقل الفوري للعلاج في مستشفى متخصص.
ووفق مصادر حقوقية فإن مليشيات الحوثيين رفضت تنفيذ توجيهات النيابة الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، واستمرت في حبس وتعذيب المختطف الحيث لعدة أيام رغم المتابعة والمناشدة المستمرة للإفراج عنه.
وقالت رئيس رابطة أمهات المختطفين أمة السلام الحاج، إن الرابطة أوصلت موضوع الحيث و180 مختطفاً أخرين يعانون من الأمراض في سجون الحوثيين، إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمبعوث الأممي وللحكومة الشرعية.
وأفاد أحد العاملين بالصليب الأحمر، أن اللجنة الدولية تدخلت مؤخراً ومارست ضغوطاً على المليشيات، والتي اضطرت إلى نقله إلى مستشفى المتوكل بصنعاء.
ووفق مصدر طبي تحدث لـ"المصدر أونلاين" شريطة عدم كشف هويته، كانت حالة الحيث قد تفاقمت وأصبح كبده عاجزاً عن القيام بمهامه، والأسبوع الماضي نقلت الجماعة المختطف من مستشفى المتوكل إلى مستشفى أزال، لكنه كان في حالة موت سريرية.
قتل الحوثيون خالد الحيث عدة مرات، الأولى بالاختطاف والتعذيب، والثانية بالإهمال ومنع العلاج عنه، والثالثة برفض إطلاق سراحه رغم توصيات الأطباء وتوجيهات النيابة بذلك، وبالتالي فقد اعتبرت رابطة أمهات المختطفين موته بهذه الطريقة جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.
وأكدت رئيسة رابطة أمهات المختطفين لـ"المصدر أونلاين" أن وفاته نتيجة حتمية للإهمال، مضيفة "اليوم نجد نتيجة الإهمال لمطالباتنا بموت المختطف خالد الحيث وفي اليوم العالمي للطفولة تهدي جماعة الحوثيين لأطفال الحيث خبر وفاة والدهم".
أهدى الحوثيون لأسرة "الحيث" وأطفاله جثته في يوم العيد العالمي، فيما تنتظر عائلات 180 مختطفاً أخرين متى تبعث لهم المليشيات بهداياهم إذ تواصل احتجاز كثيرين في ظروف صحية بالغة السوء وتمنع عنهم العلاج.
وكانت هيئة الدفاع عن المعتقلين طالبت في وقت سابق اليوم، بتشكيل لجنة تحقيق وتكليف الطبيب الشرعي بالنزول إلى المستشفى ومعاينة جثة الحيث، وكشف ملابسات واسباب وفاته وإطلاع الرأي العام على الجرائم المستمرة بحق المعتقلين والمختطفين المدنيين في سجون الحوثيين.