أحزمة الموت

بالفيديو.. تحقيق استقصائي يكشف قصص مروعة وشهادات عن جرائم الإمارات في اليمن

خلال السنوات الأربع الماضية، أصبح اسم العاصمة اليمنية المؤقتة عدن مقرونا بالموت اغتيالا وبسجون سرية يمارس فيها الكثير من أشكال التعذيب.

وشهد جنوب اليمن بين عامي 2015 و2019 ما يزيد عن 100 عملية اغتيال، حسبما وثقته تقارير أممية. كما تعرض آلاف اليمنيين للاعتقال والاختفاء القسري في سجون سرية تديرها مليشيات تابعة لدولة الإمارات ومرتزقة أجانب.

تحقيق الجزيرة "أحزمة الموت" كشف تفاصيل ملفي الاغتيالات والسجون السرية في عدن اليمنية عبر محاضر تحقيق وشهادات حصرية.

الباحثة المختصة في الشأن اليمني بجامعة أكسفورد البريطانية إليزابيث كندال قالت إن معظم عمليات أو محاولات الاغتيال في عدن نفذها أناس كانوا يقودون دراجات نارية، بينما تم تنفيذ بعضها الآخر بقنابل مزروعة على الطرق، وفي كلتا الحالتين فإن من نفذوا تلك العمليات كانوا على درجة عالية من الاحتراف.

ووفقا لكندال، لم يجر التحقيق بشأن هذه العمليات بصورة صحيحة من قبل القوات الأمنية، ولم يتم تقديم أي من المسلحين إلى العدالة، واكتفت التقارير بالإشارة إليهم دوما بمسلحين مجهولين.


ورغم محاولات دفن الحقيقة والعمل الممنهج على إزالة الآثار خلف مرتكبيها، فإن التحقيق تمكن من الحصول حصريا على محاضر تحقيقات أمنية -تنشر لأول مرة- أجراها البحث الجنائي في عدن مع مجموعة من المتهمين بتنفيذ عمليات اغتيال.

وتقع المحاضر المسربة في 87 صفحة وتشمل إفادات 4 متهمين بالمشاركة في الاغتيالات، وتذكر الأسماء الكاملة للمتهمين الأربعة وكل من يتعامل معهم، كما تضم اعترافات مفصلة باغتيالهم عددا من أئمة عدن.

أقبية الموت الإماراتية

وأكدت محاضر التحقيق أن المسؤول الأول عن عصابة الاغتيالات في عدن كان يعمل مع الإماراتيين وتحديدا مع ضابط إماراتي لقبه "أبو خليفة".

كما توثق المحاضر إفادات المتهمين بأسماء الشخصيات المتورطة وأدوار المنفذين، بالإضافة إلى الجهات التي تمولها وتوجهها، وعلى رأسها قوات الحزام الأمني والاستخبارات الإماراتية.

لكن أخطر ما ورد في محاضر التحقيق التي حصلت عليها الجزيرة، أن عناصر من تنظيم القاعدة نفذت عمليات اغتيال بتوجيه من ضباط إماراتيين.

وتتوافق الاعترافات مع ما ورد في تقرير لفريق من الخبراء البارزين التابع لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أكد أنه رغم اختلاف الخلفيات السياسية والفكرية لضحايا عمليات الاغتيال فإن ما يجمعهم هو تأثيرهم في المجتمع وانتقادهم العلني للإمارات والمليشيات التابعة لها.


وإضافة إلى ملف الاغتيالات، تطرق تحقيق "أحزمة الموت" إلى ما يحدث داخل سجون الإمارات السرية في اليمن، التي يتعرض المعتقلون فيها لشتى أنواع التعذيب النفسي والبدني.

وقال القائد في المقاومة الجنوبية والمعتقل السابق عادل الحسني للجزيرة إنه تعرض شخصيا لتعذيب وحشي في عدد من السجون التي تشرف عليها الإمارات في اليمن.

وأضاف أن الإمارات تشرف على كل السجون السرية، وبعضها يديره جنود يمنيون، بينما بعضها الآخر يديره مرتزقة أميركيون وكولومبيون. ولا تخضع تلك السجون لإشراف من قبل النيابة أو وزارة الداخلية.
 


أما مروان لطيف -وهو معتقل سويدي سابق في سجون الإمارات بعدن- فقال "اعتقلني ضباط إماراتيون، ثم أخذوني إلى قاعدة عسكرية، وهناك تعرضت لأبشع أنواع التعذيب، وكسر أنفي، وعلقوني في السقف وأحرقوني وفقعوا عيني. وبعد تجربة السجن لم يعد للحياة طعم، فقد فقدت الإحساس بالسعادة".

وروى لطيف كيف قتل 3 ضباط إماراتيون قال إن أسماءهم هي هتلر "واسمه الحقيقي علي مطر"، وسلطان فيروز الملقب بفيروز، وعلي حارث الملقب بأبو علي، رجلا رفض الاعتراف ثم وضعوا جثته في كيس قمامة.

كما كشف أن بعض المعتقلين نقلوا إلى سجن عسكري في مدينة عصب الإريترية، ومنهم رجل الأعمال عوض حبيب وابنه قسام.

وعملت الإمارات منذ 2015 على إنشاء قوات عسكرية مناطقية موالية لها غير خاضعة لوزارتي الدفاع والداخلية، تحت مسمى أحزمة ونخب، وتعمل أبو ظبي من خلال هذه القوات على تنفيذ أجنداتها الإحتلالية في اليمن.

ونص اتفاق الرياض الموقع مؤخرا بين الحكومة الشرعية والانتقالي المدعوم إماراتيا، على إعادة هيكلة هذه القوات وضمها في قوام وزارتي الدفاع والداخلية.

تحقيق سابق كشف عن "مرتزقة"

وكان موقع Buzzfeed News الأمريكي كشف في تحقيق خاص نشره نهاية 2018، أن طائرات عسكرية من دون طيار، صوَّرت مقطع فيديو يفضح مشاركة جنود مرتزقة أمريكيين مسلحين في عملية اغتيال رجل دين بارز في اليمن.
 
و ضمَّت فرقة المقاتلين عضوين سابقين من قوة  للعمليات الخاصة في البحرية الأمريكية، وكانت تعمل لحساب شركة Spear Operations Group الأمريكية الخاصة، التي استعانت بها الإمارات العربية المتحدة لتنفيذ عملية اغتيال في اليمن، الذي دمرته الحرب، في 29 ديسمبر/كانون الأول 2015.


وفي تلك الليلة، كان الهدف هو أنصاف علي مايو، الزعيم المحلي لحزب الإصلاح، وكانت الخطة هي وضع قنبلة على باب مقر الحزب في مدينة عدن اليمنية، ولكنَّ بعض اللقطات التي أُخِذَت من طائرة من دون طيار، وتمكن موقع Buzzfeed من الحصول عليها، أظهرت أن الأمور لم تسِر على ما يرام.
 
فقبل أن يتمكن الجندي من زراعة القنبلة، أطلق أحد أفراد فريقه النارَ بطريقةٍ عشوائية، واضطر الفريق إلى الانسحاب دون إثبات وقوع عملية القتل.
 
وقال أبراهام غولان، المتعهد الأمني المجري الإسرائيلي، ومؤسس شركة Spear Operations Group لموقع Buzzfeed: «كان هناك برنامج اغتيال مستهدف في اليمن. كنت أعمل على إدارته، ولقد نفذناه، لقد أقرَّته الإمارات العربية المتحدة داخل التحالف».
 
وأوضح غولان أن فريقه كان مسؤولاً عن اغتيال عدد من الأسماء البارزة أثناء الحرب، لكنَّه امتنع عن ذكر مزيد من التفاصيل. وأكد أن شروط الاتفاق نصَّت على أن يحصل الفريق على 1.5 مليون دولار أمريكي شهرياً، بالإضافة إلى مكافآت مدفوعة نظير نجاح عملية القتل.
 
وتمَّ الاتفاق في الأسابيع التي تلت مأدبة غداء أقيمت في مطعم إيطالي بقاعدة عسكرية إماراتية في أبو ظبي، وجمعت بين إسحاق غيلمور الذي عمل سابقاً في القوات الخاصة في البحرية الأمريكية، ومحمد دحلان، رئيس الأمن السابق للسلطة الوطنية الفلسطينية، الذي تفيد التقارير بأنه مستشار مقربٌ من ولي العهد محمد بن زايد آل نهيان.
 
 
وذكر موقع Buzzfeed أنَّ فريق المرتزقة ضم مقاتلاً آخر كان ما زال ملتحقاً بوحدة الجنود الاحتياطيين في البحرية الأمريكية، يحمل تصريحاً للاطلاع على أدق الأسرار، فضلاً عن أنه كان مقاتلاً مخضرماً في فرقة SEAL Team 6(أفضل فريق قوات خاصة في العالم)، وهي وحدة النخبة المعروفة بقتل أسامة بن لادن.


وضمَّ الفريق مقاتلاً آخر عمل في قسم «الفرع الأرضي» التابع لوكالة الاستخبارات المركزية، الذي يكافئ القوات الخاصة في الجيش، حسبما أخبرت ثلاثة مصادر Buzzfeed.
 
ومن بين المرتزقة أيضاً كان هناك مقاتلٌ عمل رقيباً في القوات الخاصة في جيش الحرس الوطني بميريلاند. ووصف مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية المرتزقة بأنهم «شبه فرقة قتل».
 
وبحسب Buzzfeed، كان من الصادم أنَّ الأمريكيين المشاركين في المهمات قد عملوا في «منطقةٍ رمادية على الصعيدين السياسي والقانوني». فمع أنَّ قانون الولايات المتحدة يحظر «التآمر للقتل والخطف» في بلد أجنبي، فإن الولايات المتحدة لم تحظر خدمة المرتزقة، ويمكن للأمريكيين العمل في الجيوش الأجنبية.
 
لكنَّ شركة Spear Operations Group أجبرت الإمارات على منح المرتزقة الأمريكيين رتباً عسكرية، مع ضمِّهم إلى صفوف القوات المسلحة الإماراتية. وقال غولان إنَّه بهذه الطريقة ستحدد قلادات الهوية العسكرية والزي الرسمي «الفرق بين المرتزقة والرجل العسكري».

 
المصدر: الجزيرة نت + يمن شباب نت

 

 

- فيديو :