قوات سعودية

بعد تدخلها العسكري… كيف أعادت السعودية رسم المشهد اليمني مجدداً!

عبدالكريم تصر- المشاهد

بدأ أمر المفاوضات بين جماعة الحوثي والسعودية، يتكشف أكثر من أي وقت مضى، رغم محاولة الطرفين، نفي ما يحدث في سلطنة عمان منذ أسابيع عدة.
الضغط الميداني بين السعودية وجماعة الحوثي، لم يمنع “رغبة الطرفين بالتوصل إلى اتفاق، لإنهاء الحرب في اليمن”، وفق تصريحات وزير الخارجية العماني، الذي تستضيف بلاده، مفاوضات مباشرة، هذه المرة، قبل أن تبدأ بسرية تامة منذ أسابيع على الأرجح.
الدولة المضيفة لهذا التقارب الذي عجزت عنه الأمم المتحدة، من خلال مبعوثها الثالث، تعمل جاهدة، بإيعاز من واشنطن ولندن، بعد ممارسة ضغط كبير على السعودية للقبول بالانخراط في مفاوضات مباشرة، بعيداً عن الحكومة المعترف بها دولياً. وهو الأمر الذي ظلت جماعة الحوثي تردده مراراً بأنها ستتفاوض مع السعودية، وليس مع أدواتها، في إشارة إلى الحكومة التي لجأت إلى السعودية بعد سيطرة الجماعة على صنعاء ومدن يمنية أخرى، بينها عدن، في مطلع العام 2015.

من بين النقاط التي طُرحت في تلك المشاورات، إيقاف الحرب، والاستغناء عن الدعم الإيراني، والتزام الحوثيين بتأمين الحدود، ووقف استهداف المنشآت السعودية، مقابل قيام المملكة بتعويض ذلك الدعم، وبشكل أكثر سخاء. ويبدو أن اشتراطات الحوثي، هي التوافق على رئيس، بدلاً عن عبد ربه منصور هادي 

 

الدخول في مشاورات مباشرة

سبق هذه المفاوضات، تمهيدات من قبل وفد حوثي، زار السعودية، لإجراء مشاورات مع مسؤولين سعوديين في الرياض، منذ منتصف أكتوبر الماضي، وفق ما كشفته قناة “بلقيس” اليمنية، التي حصلت على قائمة تضم أسماء الوفد الحوثي المتواجد في الرياض، برئاسة إسماعيل الوزير، وزير العدل الأسبق، وعضو المجلس السياسي للحوثيين حسين العزي، وكل من القيادي المؤتمري السابق أحمد الكحلاني، وفضل أبو طالب، وزيد الذاري، وأمة العليم السوسوة، وعلي الكحلاني، بالإضافة إلى رضية راوية.
والتقى الوفد المقيم في فندق الريتس كارلتون، برئيس جهاز الاستخبارات، في 15 أكتوبر، كما التقى برئيس اللجنة الخاصة، في 17 أكتوبر، وفي الثالث من نوفمبر الجاري، التقى بنائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان.
ومن بين النقاط التي طُرحت في تلك المشاورات، إيقاف الحرب، والاستغناء عن الدعم الإيراني، والتزام الحوثيين بتأمين الحدود، ووقف استهداف المنشآت السعودية، مقابل قيام المملكة بتعويض ذلك الدعم، وبشكل أكثر سخاء.
ويبدو أن اشتراطات الحوثي، هي التوافق على رئيس، بدلاً عن عبد ربه منصور هادي، الذي فوض السعودية بالتدخل عسكرياً في اليمن، بعد هروبه من قبضة الحوثيين في محل إقامته بصنعاء، إلى مدينة عدن الجنوبية، قبل أن يصل إلى السعودية، في الـ26 من مارس 2015.

ما يجرى من مشاورات، أن السعودية والإمارات تسعيان إلى إيجاد تقارب جدي بين “الانتقالي” وأحمد علي، نجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي نأى بنفسه جانباً عن الصراع بين الحكومة والحوثيين، وبين الأخيرين ووالده الذي قتل على أيديهم، في ديسمبر 2017. 

إعادة رسم المشهد

وتتزامن هذه المشاورات، مع تصعيد عسكري محدود على الحدود اليمنية السعودية، وقصف حوثي على مدينة المخا، يقابله الطيران السعودي بغارات متفرقة على مناطق الساحل الغربي، لكنها -بنظر مراقبين- مجرد مناوشات غير قابلة لإيقاف اللقاءات المتبادلة بين الطرفين في سلطنة عمان، بقدر ما هي محاولة من كل طرف لانتزاع مكسب ما.
وبات واضحاً، في خضم ما يجرى من مشاورات، أن السعودية والإمارات تسعيان إلى إيجاد تقارب جدي بين “الانتقالي” وأحمد علي، نجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي نأى بنفسه جانباً عن الصراع بين الحكومة والحوثيين، وبين الأخيرين ووالده الذي قتل على أيديهم، في ديسمبر 2017.


هذا التقارب الذي تقوده الإمارات تحديداً، وهي الدولة المضيفة للرجل منذ تعيينه سفيراً لليمن في أبوظبي، قبل إعادة هيكلة الجيش اليمني، وإزاحته من قيادة الحرس الجمهوري الذي وقف ضد الثورة الشعبية، في مطلع العام 2011، بين نجل صالح و”الانتقالي”، اللذين يعملان حثيثاً على تحييد الحكومة من المشهد السياسي رويداً رويداً، بدأ من تشكيل كيانات عسكرية خارج إطارها، بدعم إماراتي، مثل القوات المشتركة المتمركزة في الساحل الغربي، بقيادة طارق صالح، ابن عم أحمد علي، والحزام الأمني الذي خاض معارك مع القوات الحكومية في أغسطس الماضي، في عدن، انتهت بسيطرته على المدينة، قبل أن يفضي إلى اتفاق بين الطرفين في الرياض، مطلع نوفمبر الجاري.
ويبدو ذلك جلياً من خلال اللقاء الذي جمع أحمد علي ومحمد بن زايد، مؤخراً، والذي جاء تحت مبرر تقديم العزاء للأمير المستضيف.

المؤكد أن الحوثيين، ليس لديهم مشكلة مع نجل صالح الذي ظل صامتاً بعد مقتل والده حتى الآن، خصوصاً وأن الرجل سيعود من خلالهم، وتحت إشرافهم أولاً، وثانياً إعادة الحكم للمذهب الزيدي بعد ذهابه مؤقتاً إلى خارج المنظومة الزيدية. 


ولعل هذا ما يؤكد تخمينات بعض المراقبين، بأن ما يحدث في اليمن، هو تهيئة المشهد للسفير أحمد علي لاحقاً.
لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، هو مدى قبول الحوثيين بالرجل، رغم هيمنتهم على المشهد برمته؟

هل يقبل الحوثيون بنجل صالح رئيساً؟

المؤكد هنا أن الحوثيين، ليس لديهم مشكلة مع نجل صالح الذي ظل صامتاً بعد مقتل والده حتى الآن، خصوصاً وأن الرجل سيعود من خلالهم، وتحت إشرافهم أولاً، وثانياً إعادة الحكم للمذهب الزيدي بعد ذهابه مؤقتاً إلى خارج المنظومة الزيدية.
بهذا ستضمن السعودية والإمارات إزاحة هادي وحزب الإصلاح من المشهد السياسي، بعد إعادة رسمهما لخارطة سياسية جديدة في البلاد، يتصدرها رموز النظام السابق و”الانتقالي” والحوثيون.
وستكون السعودة ضمنت، بذلك، حماية حدودها من هجمات الحوثيين، وأعادت النظام الذي ظلت تحافظ عليه منذ صعود صالح إلى الرئاسة اليمنية، بعد مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي، ومن بعده أحمد الغشمي، المتهم الرئيس بقتل سلفه، وبالغت في حمايته مع اشتعال ثورة شبابية شعبية كادت أن تطيح به نهائياً من المشهد، لولا تدخلها من خلال وضع المبادرة الخليجية التي على أساسها تم انتخاب هادي رئيساً للبلاد.