أحمد عبدالله- المشاهد
تزايدت في الآونة الأخيرة عمليات استهداف الجيش اليمني في محافظة مأرب، بطرق مختلفة، ما يثير التساؤل حول من يقف وراءها، ودلالة توقيت ذلك، خصوصاً أن طرفاً ما لم يعلن عن تبني مثل تلك الهجمات، فضلاً عن غموض في التحقيقات التي لم تكشف، ولو القليل، عن حقيقة ما يحدث برغم حساسية هذا الملف.
آخر تلك الهجمات نجا منها مدير الإمداد في الجيش اليمني، العميد عبدالله السقلدي، الذي تمت محاولة اغتياله قرب مدخل معسكر صحن الجن في مأرب، بعبوة ناسفة تدمرت على إثرها السيارة التي كان يستقلها.
وخلال أكتوبر ونوفمبر، تم استهداف مقر وزارة الدفاع بمأرب، مرتين، بهجوم صاروخي، سقط فيه عدد من القتلى والجرحى، بينهم قيادات عسكرية وجنود.
يربط مراقبون بين الهجمات على مأرب وانسحاب الإمارات سابقاً من اليمن، بعد تزايد حدة التوتر مع الحكومة، تحديداً عقب اتهام الأخيرة لأبوظبي رسمياً باستهداف الجنود، بعد تنفيذ قوات ما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، المدعوم إماراتياً، انقلاباً عليها في عدن.
ورغم حديث بعض القيادات العسكرية عن مسؤولية الحوثيين عن تلك الهجمات، إلا أن الجماعة لم تعلن قيامها بتلك العمليات كالعادة، كما لم يصدر بيان واضح من الجهات الحكومية يؤكد ذلك.
ويربط مراقبون بين تلك الهجمات وانسحاب الإمارات سابقاً من اليمن، بعد تزايد حدة التوتر مع الحكومة، تحديداً عقب اتهام الأخيرة لأبوظبي رسمياً باستهداف الجنود، بعد تنفيذ قوات ما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، المدعوم إماراتياً، انقلاباً عليها في عدن.
استهداف ممنهج
تعلن جماعة الحوثي، بين الحين والآخر، عن استهداف أماكن مهمة بالصواريخ، بينها عرض عسكري في معسكر ماس، ومنزل محافظ مأرب سلطان العرادة، فضلاً عن سقوط قتلى من العسكريين في نقاط أمنية على يد قبائل هناك.
ونفذت جماعة الحوثي عمليات عسكرية ضد الجيش، من مواقع تمركزها في جبال هيلان التابعة لمديرية صرواح غربي مأرب.
ويرى المحلل العسكري علي الذهب في حديثه لـ” المشاهد” ، أن هناك عدة أطراف مستفيدة من استهداف الجيش، أولها الحوثيون الذين يهدفون للتنكيل بالجيش؛ لكونه القوة الأبرز والأكثر عدداً وتماسكاً.
لكن الاستهدافات التي لم يتبنها الحوثيون، تعزز حالة الارتياب من حلفاء السلطة اليمنية تجاهها (في إشارة إلى التحالف العربي)، لاسيما بعد تعرض الجيش لهجمات تبين أن أطرافاً منهم تقف وراءها، وفق حديث الذهب لـ”المشاهد”، معتقداً أن الفرضية الأخرى، هي وقوف طرف في السلطة والتحالف معاً، وراء هذه العمليات؛ بقصد إحداث توازن أو تفوق لمصلحتها.
والهدف من هذه الهجمات، بحسب الذهب، هو التمهيد لعمل مسلح مستقبلي، على غرار ما جرى في أحداث أغسطس في عدن، بما يفضي إلى إعادة تقاسم النفوذ في الأرض والسلطة بين أطراف حزبية وشمالية، كما حدث في اتفاق الرياض.
ولا يستبعد الصحفي وضاح الجليل، أن يكون الهجوم على الجيش، ضمن التمرد الحاصل ضد السلطة، ودعماً له، مبرراً ذلك بالقول إن الصاروخ استهدف وزارة الدفاع، وتحديداً الوزير وقيادات مختلفة، محاولة لتشتيت جهود القوات الحكومية التي تخوض معركة ضد الانقلابيين، مؤكداً أن ذلك مخطط له من قِبل جهات عليا، وليست عمليات إرهابية عادية.
وأشار الجليل في حديثه لـ” المشاهد” إلى ما حدث خلال الفترة الماضية من أحداث وأعمال كانت أغلبها تؤدي إلى التمرد على الدولة، تحديداً في عدن، وتورط جهات إقليمية مع تلك الجماعات التي تمردت، وكان ذلك مصحوباً بتحريض ضد الحكومة والجيش، واتهامات لهما من تلك الأطراف (في إشارة إلى الإمارات).
تداعيات الهجمات
ولفت الذهب، إلى احتمال أن يكون لذلك عواقب سيئة، إذا ما حدثت على نمط أحداث عدن، معللاً ذلك بالقول: “لأن قرب مأرب من صنعاء، وبقاء جماعة الحوثي في منطقة صرواح، مع وجود خلايا كثيرة منهم في مأرب، وعدم حسم الصراع في البيضاء والجوف، كل ذلك سيعزز فرص الحوثيين للهجوم والسيطرة على تلك المحافظة، وقد يصاحب ذلك انقسامات كبيرة داخل صفوف السلطة اليمنية، لتستفيد منها القوى الانفصالية في الجنوب، فضلاً عن الحوثيين”.
بدوره، يعتقد الجليل، أن تلك الأعمال التصعيدية تهدف إلى عدم الاستقرار، ومنع تمكين الجيش من فرض سيطرته على كافة المناطق، والحيلولة دون تمكين الدولة واستعادتها للمؤسسات.
وتوقع أن تتزايد حالات استهداف الجيش بأشكال مختلفة، وحدوث تمرد آخر على الجيش، فضلاً عن فشل تنفيذ اتفاق الرياض، ما ينبئ بأن اليمن مقبلة على أيام عصيبة.
ويشير ذلك إلى عدم إمكانية تنفيذ اتفاق الرياض، لاستمرار الأسباب التي أدت إلى حدوث التمرد، إضافة إلى عدم تنفيذ بنوده بعد، فضلاً عن وجود أطراف وجهات مختلفة متضررة من الاتفاق، وهو ما يجعلها تسعى لعدم نجاحه، وفق الجليل.
وشهدت مأرب استقراراً واضحاً، طوال سنوات الحرب الماضية، عقب استعادة الحكومة مديرياتها، ماعدا صرواح التي ماتزال خاضعة لسيطرة الحوثيين، وأصبحت رمزاً للدولة، ومقراً للجيش اليمني والتحالف العربي.