الساحل الغربي

انشقاقات وخلافات وتصعيد.. ماذا يحدث في جبهة الساحل الغربي لليمن؟!

أشرف الفلاحي- عربي21

تشهد جبهة الساحل الغربي من اليمن، واقعا شديد التعقيد، في ظل موجة الانشقاقات والخلافات التي تعصف بالفصائل المسلحة المدعومة من دولة الإمارات، التي تتخذ من مدينة المخا الاستراتيجية مركزا لعملياتها ضد جماعة الحوثي.

يترافق ذلك، مع تصعيد الحوثيين، وتيرة هجماتهم ضد أهداف عسكرية، في عمق الجبهة التي تنتشر فيها تشكيلات متعددة من جنوب وشمال وغرب اليمن.

انشقاقات وهجمات

وتعصف بجبهات الساحل الغربي، انشقاقات متواصلة، بلغت ذروتها في الشهرين الماضيين، آخرها في 23 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، حيث أعلن الحوثيون، عن وصول 5 ضباط من القوات التي يقودها نجل شقيق صالح، طارق، بينهم ضابطا استخبارات.

وفي منتصف الشهر ذاته، أعلن القيادي في جماعة الحوثيين، محمد البخيتي انشقاق عدد من الضباط المنضوين في قوات طارق صالح، بينهم قائد معسكر الخوخة، العقيد سمير رضوان.

واستفاد الحوثيون من انشقاق هؤلاء الضباط الذين انضموا للجماعة، في الحصول على إحداثيات وبنك أهداف عسكرية في جبهة الساحل، وهو ما مكنهم من تنفيذ هجمات صاروخية وأخرى عبر طائرات من طيار، وفقا لمصدر عسكري حوثي تحدث لـ"عربي21"، طالبا عدم ذكر اسمه.

وفي 6 من الشهر الجاري، شن الحوثيون، هجوما بصواريخ وطائرات مسيرة على معسكر تابع للقوات المشتركة ـ خليط من ألوية العمالقة وقوات طارق صالح وقوات المقاومة التهامية مدعومة من التحالف بقيادة السعوديةـ  في مدينة المخا الاستراتيجية.

وأدى الهجوم الحوثي إلى وقوع انفجارات عنيفة، في الوقت الذي أفاد فيه مصدر عسكري في الساحل حينها لـ"عربي21" بأن الانفجارات ناتجة عن استهداف مقر الإمداد والتموين العسكري للقوات المشتركة.

وفي الأيام القليلة الماضية، كشف المتحدث العسكري باسم الحوثيين، العميد يحيى سريع عن تفاصيل العمليات التي نفذوها بـ9 صواريخ وأكثر من 20 طائرة مسيرة على معسكرات في المخا المطلة على البحر الأحمر.

وقال سريع في بيان مصور إن العملية التي سماها "وإن عدتم عدنا" أدت إلى تدمير 5 مخازن أسلحة وعدد من الآليات والمدرعات، بالإضافة إلى سقوط  320 عنصرا بين قتيل وجريح من جنسيات سعودية وإماراتية وسودانية.

خلافات وتهميش

وفي سياق مواز، طفت الخلافات بين قيادة التشكيلات التهامية وقيادة القوات الإماراتية، ووصلت حد إيقاف رواتب القوة التهامية.

وأكد مصدر عسكري في جبهات الساحل أن الخلافات جاءت على خلفية التهميش للفصائل والعسكريين التهاميين المنتمين لمحافظة الحديدة التي تعرف بـ"تهامة" وتمكين طارق صالح والموالين له من مواقع ومناطق حيوية.

وقال في تصريح خاص لـ"عربي21" مشترطا عدم كشف اسمه، إن نقاط الخلاف بين الشيخ عبدالرحمن حجري، وقائد النخبة التهامية من جهة وقادة إماراتيين عدة، منها "نشر وحدة مقاتلة من التشكيل الذي يقوده نحل شقيق صالح  في جزيرة زقر، الواقعة في البحر الأحمر بين اليمن وأريتريا، نهاية تموز/ يوليو الماضي".  

من نقاط الخلاف بين قادة التشكيلات التهامية، وفقا للمصدر العسكري أنه تم تهميشها وهيمنة أتباع طارق صالح من التحكم وإدارة المناطق المحررة في الساحل، فضلا عن أنه لا يوجد أي قائد عسكري أو أمني، بل مجرد أفراد.

وبحسب المصدر ذاته فإن مطالب قيادة القوات التهامية أن يتم تمكينها كما جرى الحال في المدن الجنوبية بتمكين قوات ما تسمى "الحزام" من إدارتها، وهو ما تعهدت به أبوظبي سابقا، لكنها تنصلت بعد ذلك.



ويشكل أبناء محافظة الحديدة الساحلية، قوام ما تسمى "المقاومة والنخبة التهامية" التي يزيد عددها على 3 ألاف مقاتل، والتي تشكلت في العام 2016، ولعبت دورا محوريا في دحر الحوثيين وطارق صالح ذاته قبل انشقاقه عن الجماعة بعد مقتل عمه في كانون أول/ ديسمبر 2017، برصاص مسلحي الجماعة.

وطالب المصدر العسكري، القيادة السياسية اليمنية وقيادة قوات التحالف بالعمل على تمكين أبناء تهامة في مناطقهم وقيادة معركة التحرير ضد الحوثيين ومنع تهميشهم وإفراغ وحداتهم وألويتهم.

وأشار إلى أن أبناء تهامة قدموا "ما يزيد على 1000 شهيد في المعارك مع الحوثيين، بالإضافة إلى سيطرتهم على 70 في المئة من خطوط المواجهة".

وعلى الرغم من أن التشكيلات التهامية كان لها السبق في طرد المسلحين الحوثيين من مناطق استراتيجية في الساحل، إلا أنها وجدت نفسها على الهامش، بناء على توجيهات من قيادة التحالف التي يشرف عليها الإماراتيون، القاضية بـ"تسليم معسكرات حررتها من الحوثيين  لقوات طارق صالح"، ولعل أهمها معسكر أبي موسى الأشعري، في مدينة الخوخة الساحلية، حسبما ذكره المصدر.

وأردف: "أوامر التحالف ألزمت القوات التهامية بتسليم المعسكر، ولا أحد يستطيع الاعتراض عليها".

تدخل سعودي

وعلمت "عربي21" من مصدر ثان مطلع أن مؤشرات اتساع رقعة الخلافات بين التشكيلات التهامية والقوات الإماراتية الداعمة لقوات طارق، ربما تطفو أكثر في المرحلة المقبلة، وسط مخاوف من أن تلقي بتأثيراتها على الجبهة الساحلية.

وأضاف المصدر لـ"عربي21" طالبا عدم ذكر اسمه ،أن الخلافات تلك، ربما دفعت السعودية للتدخل ربما للتهدئة، حيث أرسلت قبل أسبوع، عددا من عسكرييها إلى جزيرة زقر، كبرى جزر أرخبيل حنيش.

بينما قال مصدر ثالث لـ "عربي21" اشترط إخفاء هويته، إن هناك تعاونا وثيقا بين قوات خفر السواحل السعودية واليمنية على امتداد السواحل اليمنية.

وتابع: "المملكة عززت قوات خفر السواحل اليمنية بقيادة، عبدالجبار زحزوح، بزوارق، في إطار التعاون والتنسيق بينهما".

ويسود جبهات الساحل الغربي على البحر الأحمر، تصعيد عسكري بين القوات المشتركة المدعومة من التحالف العربي بقيادة الرياض، ومسلحي جماعة الحوثي، وسط اتهامات متبادلة بينهما بالتسبب في عودة المعارك، خصوصا في المناطق المتاخمة لمدينة الحديدة الاستراتيجية.