توفيت حنان (16 عاما) نتيجة لتداعيات إجبارها على إجهاض جنينها الأول الذي حملت به اثر حادثة إغتصاب.
لا تنحصر ضحايا الحروب بالقتلى والجرحى ممن يسقطون بنيران المدافع، ثمة ضحايا آخرين تنال منهم ظروف الحرب دون أن يشعر بهم أحد مخلفين قصصاً مأساوية تنهك المجتمعات.
حنان الفتاة التي تعاني من حالة نفسية تعرضت للاغتصاب في مديرية بني الحارث شمالي العاصمة اليمنية صنعاء من قبل مجهول وتوفيت بعد أشهر من الحمل والإجهاض.
تقول إحدى قريبات حنان وهو اسم مستعار لـ "الموقع بوست" إن رجل لا تعرف هويته نفذ حادثة الاغتصاب بعد استدراجه للفتاة إلى أحد المنازل مخلفا جروح متعددة على جسد الضحية.
وتوضح الشهادة التي أدلتها قريبة "حنان"، حجم الآثار الوحشية، حد قولها.
وأضافت "لقد عاشت الضحية تجربة موجعة ، فبعد أن اغتصبها الرجل، رماها على قارعة الطريق في أحد الأحياء السكنية في مديرية بني الحارث".
لم تكن حادثة الاغتصاب هي الجريمة الأولى التي تعرضت لها حنان، فبحسب شهادات بعض أقاربها، كانت عائلة الفتاة تفرض عليها إقامة جبرية وتمنع عليها مغادرة المنزل تحت مبرر الحفاظ على سلامة الفتاة التي تعاني من "اضطرابات عقلية".
لكن ذلك لم يمنع الرجل من اقتناص حالة غفلة من والدتها التي ترعاها منذ كانت طفلة ليعثروا عليها بعد يوم من الجريمة.
وتضيف "كانت والدة حنان ترعاها وتحاول بشتى الوسائل الحفاظ عليها وكل يوم تكبر فيه يزيد خوفها عليها".
وتابعت "بعد أسابيع من جريمة الاغتصاب ظهرت علامات الحمل على حنان وأقدمت أسرتها على إجهاضها في المنزل خشية العار".
وذكرت أن الضحية عانت الأمرين بعد حالة الإجهاض الذي نتج عنه تدهور سريع في حالتها الصحية، وبعد سبعة أشهر من الإجهاض توفيت بعد محاولة أسرتها إسعافها إلى المستشفى.
وفي ختام حديثها أشارت إلى أن الحادثة كُشفت بعد وفاة "أم حنان" التي ساءت صحتها بعدما توفيت ابنتها بتلك الطريقة المفجعة.
وفي سياق متصل أرجع صادق الذيفاني الباحث في علم الاجتماع انتشار هذه الظاهرة مؤخرا بشكل كبير الى الانعكاسات غير العسكرية للحرب على المجتمع بالإضافة لتردي الوضع المعيشي.
وبحسب الذيفاني في حديثه لـ "الموقع بوست" فالحرب عندما تطول تولد تشوهات في العلاقات الاجتماعية تنعكس نتائجها على نوعية التعامل بحيث ترتفع النزعة العدوانية عند الفرد بشكل مبالغ فيه.
وأضاف أن انتشار حوادث الاغتصاب في المجتمع اليمني مؤخرا بشكل ملفت يأتي في إطار ارتفاع نسبة الجريمة بشكل عام، مشيرا إلى ان الحرب تجعل الفرد يفقد جزء كبير من النزعة الانسانية في تكوينه الوجداني لصالح نزعة الانانية والتوحش وهذا يجعله اكثر استعدادا لارتكاب اي جريمة يعتقد انها ستوفر له نوع من اشباع غرائزه بعيدا عن التفكير فيما قد يلحقه من أذى في الطرف الاخر.
ومن منظور قانوني يؤكد توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق والحريات إن جريمة الاغتصاب تحدث هزة اجتماعية وإنسانية في ظل مجتمع محافظ تجبره العادات والتقاليد على إخفاء جرائم الاغتصاب ، ولا تطفو إلى السطح الا في حالات نادرة.
وقال الحميدي لـ "الموقع بوست" إن حجم الجرم في الحق الإنساني والقانوني لحادثة الاغتصاب يتضاعف عندما تكون الضحية من ذوي الاحتياجات الخاصة او ممن يعانون من أمراض نفسية.
وطالب الحميدي الناشطين والمنظمات العمل ضد هذه الظاهرة التي وفرت الحرب بيئة خصبة لمن وصفهم بأنهم "ضعفاء نفوس ومتوحشين".
وأشار إلى عدم توفر إحصائيات حقيقية لدى رجال الأمن بسبب عدم الإفصاح عنها، وهذا ما يجعل الظاهرة معقدة أمام الباحثين ومنفذي الدراسات المجتمعية لمعرفة معطياتها واماكن تزايدها وطرق معالجتها.
ولفت إلى أن هذا يساعد الجاني من الإفلات من العقاب، ويساهم في تعمق مشاكلها النفسية والجسدية على الضحية.
ويرى الحميدي ضرورة إحداث تعديلات في القانون ما يضمن خلق قوة ردع شديدة، إضافة إلى تنفيذ حملات توعية مجتمعية كبيرة ليصبح المجتمع طرف في محاربة هذه الظاهرة وكسر حاجز العار فالقناة هنا ضحية ويجب أن لا نترك الجاني يفلت من العقاب بسكوتنا وصمتنا- حد قوله.
ويعتبر القانون الدولي مثل هذه الجريمة خاصة في الحرب جريمة ضد البشرية وهناك قوانيين عقابية تصل حد الإعدام.
المصدر: الموقع بوست