قحطان الشعبي

غيبه التاريخ ومات في المعتقل.. تعرف على الثائر المفاوض، ومهندس 30 نوفمبر!

مع حلول عيد إستقلال جنوب اليمن في 30 نوفمبر من كل عام، يحضر اسم قحطان الشعبي، كأحد أهم الأسماء التي لعبت دوراً نضالياً ضد الاستعمار البريطاني جنوبي البلاد، ثم أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بعد الاستقلال.

 

ينحدر "قحطان محمد الشعبي" من منطقة الصبيحة الشهيرة، بمحافظة لحج، حيث ولد فيها من أسرة فقيرة، في العام 1923 بقرية شعب.

 

تزوج شقيقة رفيقه في النضال فيصل عبد اللطيف الشعبي، وأنجبت له من الأولاد ثلاثة ذكور (نجيب، ناصر، ونبيل) وبنت تدعى آمال.

 

ترعرع "قحطان" يتيماً لدى أحد أقاربه ويُدعى الشيخ عبد اللطيف الشعبي، وعمل في الريف راعياً للأغنام.

 

ودرس القراءة والكتابة وحفظ أجزاء من القرآن الكريم، قبل أن ينتقل إلى عدن ويلتحق بمدرسة "جبل حديد" التي كانت تُعرف بمدرسة "أبناء الأمراء"، التي تعد محطة رئيسية لانتقاله ضمن بعثة للدراسة الجامعية، إلى السودان.

 

أكمل "قحطان" تعليمه بتخرجه مهندساً زراعياً في كلية الزراعة بجامعة جوردون بالخرطوم ليكون أول مهندس زراعي بين أبناء الجزيرة العربية وهو أيضاً الوحيد بين رؤساء اليمن جنوباً وشمالاً يحمل مؤهلا جامعيا.

 

بعد عودته إلى عدن، عمل في مجاله مديراً للزراعة في أبين وحضرموت، وتقول الروايات، إنه وبسبب تفوقه في عمله منحه البريطانيون الذين كانوا يسيطرون على عدن درجة وظيفية رفيعة، لم تمنح سوى لثلاثة أشخاص.

 

السياسة والنضال ضد الاستعمار

انخرط "قحطان" في العمل السياسي وهو في سن الشباب عندما كان طالباً جامعياً بالسودان، فقاد المظاهرات ووزع المنشورات المعادية للاحتلال البريطاني للسودان وتعرض جراء ذلك للاعتقال والضرب مراراً.

 

في مطلع الخمسينات من القرن العشرين عام 1951، بدأ "قحطان" مسيرته السياسية والثورية في الداخل اليمني ضد الاستعمار البريطاني، حيث كان أحد مؤسسي "رابطة أبناء الجنوب"، وكان له تأثير قوي وأصبح من المطلوبين للسلطات البريطانية في عدن وتمكن عام 1958م من الهرب إلى تعز ثم إلى القاهرة وطلب هناك اللجوء السياسي.

 

في القاهرة انضم الى حركة القوميين العرب فرع اليمن، على يد فيصل عبد اللطيف الشعبي، رفيق نضاله وتقول العديد من المصادر التاريخية إن قحطان انضم إليه بشكل سري.

 

وفي العام 1959 أصدرا كلاً من قحطان وفيصل كتابا في القاهرة اسمياه "إتحاد الإمارات المزيف مؤامرة عل الوحدة العربية" ردا على إعلان بريطانيا اتحاد الجنوب العربي.

 

كما أصدر قحطان كتابا آخر في مايو 1962م قبل قيام ثورة سبتمبر بأربعة أشهر تحت عنوان "الاستعمار البريطاني ومعركتنا العربية في جنوب اليمن" ويعتبره البعض أنه من أهم المراجع عن تلك الفترة التي شهدت تحولا مهماً تمثل بالثورة التي تفجرت ضد النظام الإمامي في صنعاء في 26 سبتمبر 1962، حيث انتقل قحطان عقب الثورة إلى صنعاء، وعُين مستشاراً لأول رئيس في الجمهورية العربية اليمنية (الشمال قبل الوحدة)، عبد الله السلال، كما شغل قحطان في صنعاء أيضاً رئاسة مصلحة الجنوب.

 

من الشمال، وكنتيجة للتغيرات التي فرضتها الثورة ضد النظام الإمامي، والتي كانت مدعومة من مصر آنذاك، أطلق قحطان مرحلة جديدة من النضال ضد الاستعمار في الجنوب، حيث عمد إلى تأسيس "جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل"، والتي عرف اسمها بعد بـ"الجبهة القومية"، وعقدت مؤتمرها الأول في صنعاء مايو 1963، وتبنت الكفاح المسلح لتحرير الجنوب، وتكونت قيادة الجبهة من 12 شخصاً برئاسة قحطان الشعبي الذي بقي أميناً عاماً لها في السنوات التي تلت ثورة 14 أكتوبر 1963، وصولاً إلى تاريخ رحيل آخر جندي بريطاني من عدن، 30 نوفمبر1967.

 

عمل قحطان الشعبي بكل امكانياته على دعم الكفاح المسلح للثوار في الجنوب منطلقا من الشمال، شارك في العديد من المعارك، ومثَّل القضية في الكثير من المحافل الدولية.

 

في العام 1966 شهدت خلافات بين أجنحة العمل الثوري ضد الاستعمار، وكانت المخابرات المصرية على خط الخلافات  كما تقول الروايات، دعمت تأسيس تنظيم "جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل" التي انضمت إليها شخصيات كانت تنادي بالاستقلال ولا تتبنى الكفاح المسلح، وعارض الشعبي تأسيس الأخيرة، ما أدى إلى احتجازه في مصر بمنعه من السفر لمدة تسعة أشهر.

 

رئاسة قصيرة انتهت بالتصفية

وبعد عودته إلى اليمن، قاد عملية فصل بين "الجبهة القومية" و"جبهة التحرير"، وبعد معارك خاضتها الجبهة القومية للسيطرة على المناطق الجنوبية، اعترفت بريطانيا بها كممثل للجنوب، وترأس قحطان الشعبي وفد مفاوضات الاستقلال في جنيف مع الجانب البريطاني، وفي الـ 30 من نوفمبر 67م، انتخبت قيادة الجبهة القومية قحطان الشعبي رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وكلفته بإعلان الاستقلال.

 

استمر قحطان الشعبي في الحكم حتى 22 يونيو 1969م، وهو اليوم الذي أجبره فيه جناح اليسار المتشدد داخل الجبهة القومية، على تقديم الاستقالة ومعه كذلك رفيقه بتأسيس الجبهة القومية فيصل عبد اللطيف الشعبي، اللذين جرى وضعهما تحت الإقامة الجبرية في منزليهما حتى العام 1970 ليجري نقلهما إلى معتقل الفتح في منطقة التواهي.

 

وقد جرت عملية تصفية لفيصل الشعبي، في أبريل العام نفسه، فيما بقي قحطان الشعبي معتقلاً في زنزانة انفرادية إلى أن جرى الإعلان عن وفاته في السابع من يوليو 1981.

 

----------

المصادر : موسوعة ويكيبيديا ووسائل إعلام يمنية..