كشفت مصادر يمنية خاصة عن "ترتيبات ومساع إماراتية تجري بشكل مكثف في المناطق الغربية الساحلية من محافظة تعز"، جنوب غرب اليمن.
وقال مصدر عسكري في قيادة الجيش في تعز، إن "الإمارات تبذل جهودا كبيرة ضمن خطة جديدة لرسم منطقة نفوذ تخضع لهيمنتها وحلفائها المحليين، تمتد من باب المندب وصولا إلى مدينة المخا الاستراتيجية على البحر الأحمر، غربي مدينة تعز"، وفق قوله.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21"، مشترطا عدم كشف هويته، أن الخطة الإماراتية تهدف إلى "وضع المناطق الواقعة على امتداد الساحل من المخا وحتى ذوباب وباب المندب، مرورا بمديريات موزع والوازعية ومديريات الحجرية في المحور الجنوبي الغربي لتعز" في نطاق إداري جديد تحت اسم "إقليم المخا".
وتابع: "أبوظبي تنشط في هذه المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية والحيوية، في مسعى منها إلى تنفيذ خطتها في فصلها عن محافظة تعز بغطاء قانوني من الرئاسة اليمنية لإعلان الإقليم، كما تخطط له، ومركزه مدينة المخا، غربي تعز".
وعبر المصدر العسكري المسؤول في محور تعز (أعلى سلطة عسكرية) عن أسفه بانخراط الأشقاء في السعودية في الخطة الإماراتية، مشددا على أنه "تبين أن الرياض وأبوظبي، يسعيان لإخضاع السواحل الغربية وموانئها وممراتها البحرية لهيمنتها الكاملة".
وأشار المصدر إلى أن "إبقاء الإمارات ومن ورائها المملكة قائدة التحالف العسكري، مدينة تعز، كحالة خاصة جدا، لتمرير ما يخططان له، حاليا، من خطة التقسيم لهذه المدينة".
وبحسب المصدر العسكري فإن التحالف السعودي الإماراتي سعى للاستفادة من وضع تعز كـ"حالة إنسانية" من أجل "تبرير جرائمها مقابل جرائم الحوثي وتسويقها كورقة إنسانية دوليا"، وفق تعبيره.
طارق صالح
وترتكز الخطة الإماراتية على آليات عدة أهمها: "تمكين نجل شقيق صالح من إحكام سيطرته على الساحل الغربي والمناطق المحررة في تعز، بالإضافة إلى تحريره النطاق الشرقي للمحافظة عبر كرش في لحج (جنوبا) إلى الحوبان"، وفق المصدر ذاته.
وقال إن الآلية هذه تحتل أولوية لدى الإماراتيين، في محاولة منهم لتقديم طارق صالح "محررا" و"خلق نوع زائف من الحاضنة، وتبرير وجوده، بما يمهد لقمع خصومهم ماديا ومعنويا، بإسناد قوى وهمية ترفع شعارات ليبرالية ويسارية".
ولفت إلى أن "ملامح هذه الآلية تم الدفع ببعضها إلى الواجهة عبر أصوات تنادي بمظلومية الحجرية وتهميشها من القيادة الحالية في تعز" وهي منطقة تقع غرب تعز، رافقها حملة إعلامية منذ أشهر مضت، "لتهيئة الشارع في تلك المنطقة للانفصال عن محافظتهم الأم".
ثلاثة أهداف استراتيجية
وبحسب المصدر، فإنه يشير الشق الثاني من هذه الآلية، إلى ثلاثة أهداف استراتيجية أولها: "اجتثاث القوى الثورية المحسوبة على الربيع العربي والتغيير، ذلك أن شبابها انضموا إلى المقاومة الشعبية وصاروا قوة وازنة على الأرض".
وهذا التوجه "محاولة لتكرار سيناريو "تحرير محافظات الجنوب" في هذه المحافظة، بعد تصفية القوى الحقيقية التي قاتلت الحوثي"، وفق قول المصدر.
أما الهدف الثاني، بحسب المصدر العسكري، وهو الأهم برأيه، "فيكمن في خلق حالة تأمين للقوى المصطنعة ( حلفاء الإمارات) في الساحل"..
وأضاف كذلك "تأمين المياه الإقليمية اليمنية وخصوصا باب المندب، من خلال المرتفعات الغربية للحجرية كونها تمثل تهديدا استراتيجيا لتواجد الإماراتيين في المضيق مرورا بساحل ذوباب وصولا إلى المخا".
وأكد المصدر أن المدى الذي يفصل مرتفعات الحجرية الغربية عن الساحل الخاضع لسيطرة القوات الإماراتية وحلفائها لا يتعدى الـ40 كلم، وهو ما يمكّن من استهدافها بصواريخ قصيرة يمكن توفرها مثل "أورغان" و"غراد".
ولذلك، تريد الإمارات، بحسب المصدر، "السيطرة على السلسلة الجبلية الغربية للحجرية من "المقاطرة والشمايتين وجبل حبشي و مقبنة"، وكلها واقعة في الريف الغربي الجنوبي من تعز.
بينما الهدف الثالث، وفقا للمصدر، يتلخص في "تأمين الانفصال جنوبا"، نظرا لما تشكله مدينة تعز تاريخيا، خصوصا أن الحجرية التي تعد امتدادا تاريخيا وعمقا استراتيجيا لمدينة عدن، وكل منهما رئة للأخرى تتنفس بها.
"ترتيبات إضافية"
وأفاد مصدر يمني مطلع ثان، بأن هناك ترتيبات مساندة سياسية وعسكرية وإعلامية تديرها أبوظبي في الضفة الغربية من محافظة تعز المطلة على الساحل ومحيطها، لتعضيد خطة "فصلها عن هذه المحافظة الأكثر كثافة سكانية في البلاد".
وأكد المصدر لـ"عربي21" طالبا عدم ذكر اسمه، أن "الإمارات أرسلت دعما عسكريا عبر البحر إلى مدينة المخا، خصصته للقوى والفصائل العسكرية الموالية لها المتمثلة بقوات طارق صالح وتشكيلات عسكرية سلفية وفصائل ما يسمى الحزام الأمني، لتنفيذ هذه المعادلة، في وقت حشدت فيه لذلك آلة إعلامية ضخمة"، وفق قوله.
معركة إعلامية
وتابع بأن "الإماراتيين انتدبوا طابورا كبيرا من الصحفيين الموالين للرئيس الراحل علي صالح، ونجله أحمد ونجل شقيقه، طارق، لخوض المعركة الإعلامية الموجهة ضد السلطة الشرعية في تعز"، مؤكدا أنه "تم تجهيز أماكن إقامة لهؤلاء الصحفيين، وقامت أبو ظبي بتمويل عودة صحف محلية كانت قد توقفت قبل سنوات، ودعمتها بمطبعة خاصة بها، في مدينة المخا".
في حين ذكر مصدر ثان من مدينة عدن، جنوبا لـ"عربي21"، مفضلا كذلك عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن "صحفيين وإعلاميين موالين للدولة الخليجية وحلفائها في عائلة صالح، أقاموا قبل أيام في فنادق بحي خور مكسر، شرق المدينة الجنوبية".
حوار برعاية إماراتية
أما سياسيا، فيوضح المصدر السابق المطلع أن "هناك حوارا رعته أبوظبي وقاده مستشار ولي عهدها في ملف اليمن، حمود الصوفي، رئيس جهاز المخابرات الداخلية السابق (الأمن السياسي)، وهو قيادي بارز بحزب صالح، لافتا إلى أن الغاية من ذلك، خلق صيغة تقارب مع قوى يسارية في تعز، وسد أي فجوات تعيق توحيد الصف ضد السلطات الأمنية والعسكرية التي يهيمن عليها حزب الإصلاح، وفقا لرؤيتهم".
وتشهد تعز التي تعاني حصارا خانقا يفرضه الحوثيون منذ ما يزيد على أربعة أعوام، وسط حالة من الاحتقان بين السلطة المحلية وقوى موالية لدولة الإمارات في الريف الغربي من المحافظة.