انطلقت أعمال مؤتمر المناخ الـ25 في العاصمة الإسبانية مدريد، بمشاركة 40 من رؤساء الدول ونوابهم ورؤساء الحكومات، في مسعى لمدّ سكّة تنطلق عليها قاطرة الحد من الاحتباس الحراري، وفقاً لاتفاقية باريس الموقّعة في العام 2015، والتي تدعو إلى خفض ارتفاع حرارة الأرض بأقل من درجتين مئويتين.
وفي افتتاح المؤتمر، الذي حضره نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن صالح، أمس، أكد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش على ضرورة العمل على خفض الانبعاثات بنسبة 7.6٪ كل عام، داعياً الحكومات إلى احترام التزاماتهم البيئية.
وقال غوتيريش إن "البشرية التي تعاني من عواقب تغير المناخ، يجب أن تختار بين الأمل في العيش في عالم أفضل من خلال التحرك أو الاستسلام".
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة بلهجة تحذيرية "هل نريد حقًا أن يصفنا التاريخ بأننا الجيل الذي حذا حذو النعامة، الذي كان يتنزه فيما العالم يحترق؟"، مخاطباً ممثلي نحو 200 دولة موقعة على اتفاقية باريس..
وأكدت كلمة وفد اليمن، أن "التغيرات المناخية أحد أهم القضايا البيئية التي تواجه اليمن حالياً بعد الانقلاب الذي تم في سبتمبر 2014م على يد مليشيات الحوثي الانقلابية المسلحة المدعومة من قبل إيران، وما ترتب على ذلك من دمارٍ طال كل مفاصل الحياة".
وأشارت الكلمة، إلى ما تعرضت له اليمن من آثار تغير المناخ من فيضانات وأعاصير شهدتها عدد من محافظات الجمهورية، في حين كان الجفاف وانخفاض معدلات الأمطار يعصف بأجزاء أخرى من البلد، منوهه بما خلفته بما خلفتها الأعاصير المدارية على السواحل الجنوبية في المهرة وحضرموت، وكذلك في محافظة أرخبيل سقطرى التي تعد من أغنى جزر العالم بتنوعها الحيوي النادر، إذ انه بالإضافة إلى الإصابات البشرية الهائلة والأضرار المادية المفجعة ودمار البنى التحتية فقد أحدثت هذه الأعاصير أضرارا كبيرة ببيئة بتلك المدن عموماً وسقطرى بشكل خاص.
ولفتت كلمة اليمن، إلى انتهاك المليشيات الحوثية كافة القوانين والأعراف والمواثيق والاتفاقات المحلية والدولية، فيما يتعلق بتجريف الأراضي وزراعة الألغام بمختلف أنواعها البرية والبحرية وتدمير البيئة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ونهب الأدوية والمساعدات الطبية والإنسانية.
وحذرت اليمن من كارثة بيئية كبيرة بسبب ما تقوم به ميليشيا الحوثي من منع الفرق الفنية التابعة للأمم المتحدة من صيانة ناقلة النفط "صافر" المتهالكة، الراسية بالقرب من ميناء راس عيسى في الحديدة (غرب اليمن)، والتي تحتوي على اكثر من مليون برميل من النفط الخام، مما قد يتسبب في واحدة من اكبر الكوارث البيئية والاقتصادية.
وأكدت رئيسة مجلس النوّاب الأمريكي نانسي بيلوسي، التي تتهم بلادها أنها من أكبر الدول تسببا في الأزمة المناخية العالمية، على وجوب معالجة أزمة المناخ انطلاقاً من مراعاة "العدالة الاقتصادية والبيئية للجميع"، وقالت "نعتقد جميعاً أننا نتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه الأجيال القادمة لجعل هذا الكوكب أفضل ما يمكن له أن يكون".
ويستمر المؤتمر، الذي يحضره القادة السياسيون وسفراء المناخ في العالم، لمدة أسبوعين في العاصمة الإسبانية مدريد، لمناقشة القضايا التي أصبحت تنذر بأزمة تهدد كوكب الأرض، وإيجاد نظم تبادل انبعاثات دولي فعّال وتعويض الدول الفقيرة عن الأضرار والخسائر التي تلحق بها بسبب التغيرات المناخية.
وتشهد عدة دول أوربية، تحركات مدنية ومسيرات يشارك فيها ملايين الشباب منذ عام، وتضغط تلك التظاهرات والتقارير العلمية التي تتحدث عن مستويات مقلقة ومستقبل كارثي للأرض، على البلدان الموقعة على اتفاق باريس وجاء ذلك واضحاً في الشعار الذي خصص للاجتماع الذي يستمر على مدى أسبوعين "حان الوقت للتحرك".
ويهدف المؤتمر إلى وضع التحضيرات النهائية اللازمة لدعم اتفاق باريس لعام 2015 الذي يسعى إلى التصدي لتغير المناخ، ويدخل مرحلة حاسمة من التنفيذ العام القادم.
ويقول باحثون إن التعهدات الحالية بموجب الاتفاق أقل بقليل من التحركات اللازمة لتفادي أشد العواقب الكارثية للاحتباس الحراري، ومنها ارتفاع مستوى البحار وموجات الجفاف والعواصف.
وقد وقعت أغلب دول العالم على اتفاقية باريس للمناخ وصدقت عليها. وعلى هذه الدول، وفق بنود الاتفاقية، أن تقدم التزامات جديدة قبل نهاية 2020.
ويعد مؤتمر مدريد نقطة البداية لسلسلة من المفاوضات الحادة التي تتواصل لمدة 12 شهرا وتنتهي بقمة غلاسغو للمناخ 26، المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المقبل.
وتقول منظمة "انقذوا الأطفال"، في تقرير عن تأثير التغير المناخي في العالم، إن ما تسميه "الصدمات المناخية" يهدد عشرات الملايين من الأشخاص في شرق آسيا وجنوبها.
وتضيف المنظمة أن الفيضانات، وانجراف التربة، والأعاصير جعلت 33 مليون شخص، أكثر من نصفهم أطفال، يعيشون دون حاجتهم الدنيا من الغذاء .
وتفاقمت ظروف هؤلاء بعدما تعرضت القارة الأفريقية إلى اثنين من أقوى الأعاصير في التاريخ خلال أسابيع فقط؛ إذ عصف إعصار إيداي بكل من موزمبيق وزيمبابوي ومالاوي في مارس/ آذار. وبعد ستة أسابيع تعرضت موزمبيق أيضا إلى إعصار كينيث، الذي أصابت فيضاناته الملايين.
وكانت عدد من الأعاصير المدارية، ضربت خلال الأعوام القليلة الماضية السواحل اليمنية والعمانية، وأدت إلى سقوط ضحايا وتدمير المئات من المنازل ونفوق الآلاف من الحيوانات البرية والبحرية، إضافة إلى انجراف التربة وتدمير الأراضي الزراعية، ومئات من الأشجار النادرة، خاصة في محافظة أرخبيل سقطرى التي كانت اليونيسكو قد أدرجتها في قائمة المناطق المهددة بالخطر والإزالة من قائمة التراث العالمي، إثر الأضرار التي لحقت بها بسبب الأعاصير والاستحداثات والتدمير الذي لحق بالمحميات الطبيعية، وتتهم الإمارات بارتكابه، تحت يافطة إعادة إعمار ما دمرته الكوارث الطبيعية.
المصدر أونلاين