صلاح الدين نضال- المشاهد
تتملك الخمسينية معجبة، برغبة محو أميتها التعليمية، ومواصلة الدراسة، في قناعة لديها أن العلم ليس له عمر.
وخلال 3 سنوات، تجاوزت المرحلة الابتدائية بنجاح، وتجاوزت مرحلة أمية الكتابة والقراءة، ولديها رغبة مدعومة بإرادة قوية لمواصلة دراستها الأساسية والثانوية، وبلوغ الجامعة.
تحمل معجبة طموحاً كبيراً لاستكمال الدراسة التي حُرمت منها منذ طفولتها، بسبب أوضاع البلاد حينها، وثقافة عدم تدريس البنات في بعض المناطق.
تقول معجبة لـ” المشاهد” : “كانت البنت لبيتها وأسرتها، والقيام بالأعمال المنزلية وأعمال الفلاحة، ما حرم اليمنيات من حق التعليم، بسبب ذلك الواقع والثقافة التي كانت تحكمه قبل عقود من الزمن”.
عندما فتحت مراكز محو الأمية، التحقت هذه المرأة في أحد المراكز بالعاصمة صنعاء، وأنهت دراستها الابتدائية، لتفاجأ بمعوقات جديدة تمنعها من مواصلة دراستها في الصف السابع.
أنهت دراستها في مدرسة شهداء الوحدة بصنعاء، وعند رغبتها دراسة الصف السابع، رفضت إدارة المدرسة تسجيلها وعشرات النساء، بحجج أن أعمارهن كبيرة، والمدرسة أساسية، ولا تتناسب أعمارهن مع الطالبات صغار السن.
حرمان من مواصلة التعليم
هذا الإجراء مخالف لقانون محو الأمية وتعليم الكبار، الذي يلزم المدارس باستيعاب من تجاوزوا شهادة محو الأمية والمتابعة.
أحيلت معجبة وزميلاتها إلى مدرسة بدر القريبة في منطقة السنينة، إلا أن مديرة المدرسة رفضت قبولهن، بحجة أن على مدرسة شهداء الوحدة التي درسن فيها استيعابهن.
حالة معجبة تمثل العشرات من النساء اللاتي صدمن، واضطر بعضهن إلى الالتحاق بمراكز تعليم القرآن، أو تجميد حلمهن بمواصلة دراستهن.
الكثير من النساء ذهبن إلى إدارة التعليم بمنطقة معين، للاستنجاد بها، ورغم توجيه المدير للمدارس باستيعابهن، إلا أن المدارس ترفض حتى الآن.
توجهت بعض النساء إلى المدارس الخاصة، ووافقت المدارس على قبولهن، إلا أن ارتفاع الرسوم الدراسية لم يمكنهن من الالتحاق بالدراسة في المدارس الأهلية.
علي الديلمي، مدير محو الأمية في منطقة معين بصنعاء، وجه بقبول عدد من الطالبات في الصف السابع، لكن المدارس لم تقبلهن إلا بنظام “المنزلي”، أي الدراسة في المنزل والحضور للاختبار، إلا أن بعض الطالبات يرغبن في الدراسة حضوراً، حتى يستطعن فهم بعض المواد كالإنجليزي والرياضيات.
تبرير مثير للاستغراب
ذهبت عدد من الطالبات إلى الديلمي، مرة أخرى، يشكون إليه من رفض المدارس قبولهن لنظام الحضور، إلا أنه تعامل معهن بسخرية وازدراء، حسب تأكيد عدد منهن.
وبحسب مصادر مؤكدة، فإن الديلمي المعين من الحوثيين في هذا الموقع، قال لهن: “ما بش معكن عمل. كان ادرسين وانتين صغار صبرتين لما كبرتين وجيتنا تشتين ادرسكن”.
وتحدى أية مدرسة حتى أهلية تقبلهن، في موقف غريب من مسؤول يفترض أنه تربوي، ويشجع العلم والتعليم.
تقول إحدى النساء، التي طلبت عدم ذكر اسمها، إنه كان بمقدوره أن يرفض بأسلوب راقٍ، لا أن يشتمهن، ويظهر لهن شعور الازدراء، كأن طلبهن فيه أمر معيب.
يحدث هذا العبث في مناطق سيطرة الحوثيين الذين لا يأبهون للتعليم بمهنية بقدر اهتمامهم بالتعبئة الطائفية، حسب مهتمين من داخل الوسط التعليمي.
تقول إحدى المدرسات في برنامج محو الأمية، لـ” المشاهد”طلبت عدم ذكر اسمها، إن الملفت خلال سنوات الحرب الأربع الماضية، زيادة التحاق النساء بمراكز محو الأمية، وهي بادرة جيدة يجب دعمها، خصوصاً إذا ما عرفنا أن نسبة اليمنيات اللاتي حُرمن من حقهن في التعليم، لأسباب اجتماعية وسياسية وثقافية، كبيرة جداً.
وتضيف أن ما يحدث يعد جريمة تحرم شريحة واسعة من حق التعليم، ويجب على الجميع الوقوف بجانب الدارسات، وإيصال قضيتهن للرأي العام، والضغط للسماح لهن بمواصلة تعليمهن.
وقالت إن الدارسات تحدين كل معوقات مواصلة التعليم، لتعويض حق حُرمن منه، فلا يجب تركهن يخضن معركتهن بمفردهن.
وتطالب الدارسات بوضع حل لمشكلتهن، إما بدمجهن بالتعليم في المدارس مع المراحل السنية، أو تخصيص فصول خاصة بهن حتى انتهاء المرحلة الأساسية.