مذاق فاخر

"مذاق فاخر".. شاهد كيف تمكنت فتيات في صنعاء من إنجاز مشروعا ناجحا (تفاصيل)

نهلة القدسي- المشاهد

تنهمك نجلاء فاخر (30 عاماً)، منذ الصباح الباكر، في إعداد السندويتشات الخاصة لطلاب جامعة صنعاء، لتغطية احتياجاتهم في ظل تزاحم الكثيرين منهم على باب الكافتيريا التي تمتلكها.
نجلاء وشقيقاتها الثلاث (سيناء وهدى وحنان) كن نموذجاً عنوانه التحدي والإصرار، حيث استطعن بجهودهن الذاتية أن يفتحن مشروعهن الخاص “مذاق فاخر”، وهو كافتيريا لبيع المأكولات والعصائر والآيسكريم، في ساحة كليه التربية بجامعه صنعاء.

نجلاء فاخر : عندما سمعنا بخبر بيع كافتيريا في جامعة صنعاء، لم نتردد أنا وأخواتي الثلاث لحظة بشرائها وتحويلها لمشروعنا الخاص. إنه المشروع الذي طالما حلمنا به، وسميناه كافتيريا مذاق فاخر، نقدم فيه أصنافاً مختلفة من الوجبات والعصائر 


وتقول مالكة المشروع نجلاء فاخر، لـ”المشاهد”: عندما سمعنا بخبر بيع كافتيريا في جامعة صنعاء، لم نتردد أنا وأخواتي الثلاث لحظة بشرائها وتحويلها لمشروعنا الخاص. إنه المشروع الذي طالما حلمنا به، وسميناه كافتيريا مذاق فاخر، نقدم فيه أصنافاً مختلفة من الوجبات والعصائر، إضافة إلي الآيسكريم الذي يجعلنا متفردين عن غيرنا”.
نجح المشروع في بدايته الأولى، كونه الكافتيريا الوحيدة التي تديرها فتيات، وهذا من وجهه نظر نجلاء “يجذب الطلاب على التزاحم علينا لشراء المأكولات والعصائر، لثقتهم في جودة ونظافة ما نقدمه، الشيء الذي يجعلنا نسعى لأن نتوسع في مشروعنا خطوة خطوة، حتى يصبح سلسلة مطاعم تحمل الاسم نفسه”.

الحرب ضاعفت معاناة المرأة

وأثرت الحرب في اليمن على الكثير من الأسر اليمنية التي فقدت معيلها الأساسي، نتيجة موت أو إصابة أو إعاقة، كما أن البعض فقد وظيفته، وأصبح عاطلاً، إضافة إلى غياب الرواتب، هذا كله زاد من الأعباء الاقتصادية التي تواجهها الأسرة اليمنية، وفرض مسؤولية كبيرة على عاتق الكثير من النساء.

فهمية الفتيح : غياب التمكين والدعم الكافي، بالإضافة إلى أمية التسويق، قد تكون أبرز الصعوبات التي تواجه النساء حين يفتحن مشاريعهن الخاصة، ونحن في صندوق الأمم المتحدة للسكان (unfpa)، لدينا كثير من المشاريع، أهمها مشروع التمكين الاقتصادي وتوفير سبل العيش 


وقالت لـ”المشاهد” مسؤولة الاتصال والتواصل في صندوق الأمم المتحدة للسكان، فهمية الفتيح، إن النساء والفتيات وجدن أنفسهن فجأة مسؤولات عن إعالة أسرهن، لكن عادة ما يكنّ غير متعلمات أو محرومات من التعليم أو التدريب المهني الذي يجهزهن لسوق العمل، ومن المؤسف أن 21% من هؤلاء الأسر ترأسها إناث تقل أعمارهن عن 18 عاماً، وهن فتيات اضطررن إلى ترك مقاعد المدرسة، وتوديع أحلامهن وطفولتهن.


وتابعت الفتيح: “غياب التمكين والدعم الكافي، بالإضافة إلى أمية التسويق، قد تكون أبرز الصعوبات التي تواجه النساء حين يفتحن مشاريعهن الخاصة، ونحن في صندوق الأمم المتحدة للسكان (unfpa)، لدينا كثير من المشاريع، أهمها مشروع التمكين الاقتصادي وتوفير سبل العيش، الذي هدف إلى تمكين النساء من الحصول على فرص عمل، وتشجيعهن على إقامة مشاريع صغيرة مدرة للدخل، وتعليمهن مهارات وحرفاً تمكنهن من الالتحاق بسوق العمل، وتحسين وضعهن المعيشي والاقتصادي، وبدء تنفيذ مشاريعهن الخاصة بما يضمن لهن حياة كريمة”.

مؤسسات لدعم المرأة

أجبرت الحرب الكثير من النساء على الخروج للبحث عن دخل يساعدهن ليعشن بكرامة، مع انقطاع رواتب الموظفين، والتداعيات الأخرى التي لعبت دوراً سلبياً في العثور على أعمال في القطاع الخاص الذي يعاني هو الآخر من مشاكل جمة بالعاصمة صنعاء، مع فرض إجراءات خارج إطار القانون على رجال الأعمال. لكن مؤسسات أخذت على عاتقها تدريب المرأة حتى لا تكون عاجزة عن القيام بأعمال ومشاريع صغيرة، كما فعلت إخوان فاخر.

مؤسسة كل البنات : عملنا من خلال مشاريعنا على تدريب وتمكين النساء في مجالات مختلفة، وقد استفادت حتى الآن 560 امرأة، كما دربنا رائدات أعمال على مهارات مختلفة، منها دراسة الجدوى التخصصية والتسويق والتخطيط الاستراتيجي والمحاسبة، ودربنا 184 امرأة في مجالات المهارات الحياتية والتَّعليم المالي والتَسويق الادِّخار، ومُساعدتِهن في التَّقدُّم للقروضِ 


ومن المؤسسات التي اهتمت بالتمكين الاقتصادي للنساء، مؤسسة كل البنات للتنمية، إذ نفذت العديد من المشاريع التي تدعم المرأة اقتصادياً، وفق ما قال لـ”المشاهد” مسؤول التواصل والاتصال بالمؤسسة عبدالله البيتي، مضيفاً: “عملنا من خلال مشاريعنا على تدريب وتمكين النساء في مجالات مختلفة، وقد استفادت حتى الآن 560 امرأة، كما دربنا رائدات أعمال على مهارات مختلفة، منها دراسة الجدوى التخصصية والتسويق والتخطيط الاستراتيجي والمحاسبة، ودربنا 184 امرأة في مجالات المهارات الحياتية والتَّعليم المالي والتَسويق الادِّخار، ومُساعدتِهن في التَّقدُّم للقروضِ حتَّى يبدأن في فتح مشارِيعهن الخاصة”.


“كما نفذنا برنامجاً لتقديم الاستشارات المجانية والتَّوجيه المنتظم الأُسبوعي من قِبلِ مُختصين لـ56 رائِدة أعمال، في مجالات القانون والتَّسويق والمال والإِدارة، لتنظيمِ أَعمالِهن، ووضع حلول ومُعالجات للمشاكل التَّي تواجههن، إضافة إلى تنظيم طاولة مُستديرة حول: تحديات وفرص تعزيز التَّمكين الاقتصادي لرائِداتِ الأعمالِ، بحضورِ 8 من رائِداتِ الأَعمالِ، وعددٍ من مُمثلي المنظمات المحليَّة والدُّوليَّة والقطاعين الحُكومي والخاص، وشبكات التَّمويل الصَّغير والأصغر، لتلعب دوراً نشِطاً في ربطِ رائِدات الأعمال مع التّجار ومصارِف التَّمويل والمكاتِب الحُكوميَّة ذات الصِّلة” يقول البيتي.

تمكين اقتصادي

وفر مشروع التمكين الاقتصادي المساحات الآمنة للنساء والفتيات، بحوالي 30 مساحة آمنة، في كثير من المحافظات اليمنية، حيث يتم فيها تقديم العون والتمكين الاقتصادي للنساء، من خلال تدريبهن على العديد من المهارات والأنشطة في مجالات مختلفة، منها الخياطة والتطريز والأشغال اليدوية والاكسسورات وصناعة البخور، إضافة إلى تربية الحيوانات والمواشي لنساء القرى، بحسب الفتيح.
وتمكن صندوق الأمم المتحدة للسكان، من تدريب ما يقارب 2000 امرأة، في 2019، مقارنة بالسنة الماضية التي درب فيها قرابة 1000 امرأة، كما تقول الفتيح.
لكن نجلاء وشقيقاتها لم يخضعن لأي تدريب، ولم يحصلن على أي عون من تلك المؤسسات والمنظمات التي تدعم المرأة. بل إنهن نجحن من خلال وقوف أسرتهن إلى جانبهن، باستثناء معوقات بسيطة تمثلت بالإجراءات الروتينية واستخراج التصاريح اللازمة للمشروع، وتم تجاوز هذا الأمر، وانطلق المشروع الذي يحمل اسم الأسرة.
وتنصح نجلاء كل امرأة أن تعتمد على نفسها، وتتعلم حرفة أو مهنة، ثم تطور من نفسها، وتقيم لها أي مشروع بسيط في البداية؛ “فحتماً سيكبر مشروعها إن وثقت بنفسها، وآمنت بقدراتها”، تقول نجلاء