أشرف الفلاحي- عربي21
يواجه اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية المعترف بها مع "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا، تعثرا كبيرا في تنفيذ بنوده منذ التوقيع عليه قبل ما يزيد على شهر، الأمر الذي يثير أسئلة عدة عن الموقف السعودي الراعي للاتفاق والضامن لتنفيذه.
ونص اتفاق الرياض، الذي جرى التوقيع عليه في 5 تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي، على عدد من البنود والمدة الزمنية لتنفيذه على الأرض، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن.
ومن البنود التي وردت في الاتفاق وتجاوزت المدى الزمني المحدد "تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من التوقيع"، التي كان من المقرر أن تتم في 5 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
كما نص الاتفاق على تعيين حاكم ومدير لشرطة عدن، خلال 15 يوما من تاريخ التوقيع، بالإضافة إلى تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في المدينة الساحلية، وهو ما يشير إلى فشل تطبيقه في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كما هو محدد في الاتفاق.
ومن بنود الاتفاق التي تعثر تطبيقها "نقل جميع القوات التابعة للحكومة والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي من محافظة عدن إلى معسكرات خارج عدن، تحددها قيادة التحالف"، وقد حدد الاتفاق موعد تنفيذه بـ30 يوما من تاريخ توقيع الاتفاق، وتحديدا في 5 ديسمبر الجاري
كما جاء في الاتفاق "تعيين محافظين ومدراء أمن لمحافظتي الضالع وأبين، جنوبا، خلال 30 يوما من تاريخ الاتفاق الموقع في 5 نوفمبر الماضي، أي في الخامس من الشهر الجاري.
"موت سريري"
وتعليقا على هذا الموضوع، قال نائب رئيس تحرير صحيفة "المصدر أونلاين"، علي الفقيه، إن اتفاق أستوكهولم -وقعته الحكومة مع الحوثي- توقف عند تمكين الحوثيين من السيطرة على مدينة الحديدة، غربا، وأوقف أي عمليات عسكرية. مضيفا أن الأمم المتحدة تنظر إليه على أنه اتفاق ناجح، رغم أنه لم يحدث أي تقدم في بنوده الأخرى.
وأكد الفقيه في حديث لـ"عربي21" أن ما يحدث اليوم في التعاطي مع اتفاق الرياض هو تكرار للنموذج ذاته، وبرعاية إقليمية ورضا دولي وأممي، حيث يتوقف تنفيذ اتفاق الرياض عند منح الانتقالي الشرعية بجلوسه بشكل مباشر على طاولة واحدة في مقابل الحكومة الشرعية.
"فيما يكتفي الانتقالي من الاتفاق بعودة رئيس الحكومة لتحمل مسؤولية المرتبات والخدمات التي كانت تشكل أرقا للمجلس، مشيرا إلى أن ذلك يمنحهم الأمان بأنها لن تتحرك أي قوات عسكرية لإنهاء سيطرتهم المسلحة على مدينة عدن"، بحسب الفقيه.
وأوضح نائب رئيس تحرير صحيفة المصدر أونلاين، أنه إذا لم نقل إن اتفاق الرياض مات فعليا، فهو في "غرفة الإنعاش في حالة موت سريري، وكلما مرت الأيام تتضاءل نسبة نجاحه أو تنفيذ بنوده".
وبحسب المتحدث ذاته، فإن الأطراف الراعية للاتفاق تجربتها غير مشجعة في رعاية اتفاقات سابقة، ولو راجعنا ملف الاتفاقات السابق التي أشرفت عليها دول الإقليم، وتعهدت بمتابعتها والضغط من أجل تنفيذها، سنجدها في الغالب فاشلة أو متعثرة، وهو ما تسبب في تدهور الأوضاع ووصولها إلى هذه المرحلة.
"كبّل الشرعية"
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة، أن الاتفاق ولد ميتا في الأصل، ولم يأت بحل، بل شرعن للمليشيا، وعمل على التخفيف من اندفاعة الشرعية، وأقام حواجز صد أمام الدور الإماراتي الداعم للإرهاب والمليشيا.
وقال في حديث لـ"عربي21": استطاعت الرياض بهذا الاتفاق تكبيل الشرعية بشكل كلي، وأخرجتها من المعادلة السياسية كفاعل أساسي.
أما بالنسبة للموقف السعودي باعتبارها راعية الاتفاق، فأشار الزرقة إلى أنه لا يختلف عن الدور الإماراتي نهائيا، بل هو مكمل له ومنسجم بشكل تام معه، لافتا إلى أن الرياض وأبوظبي تسيران بالمشروع التدميري ذاته لليمن، وتمكين المليشيات في الشمال والجنوب والشرق والغرب، على حسب قوله.
وأمام تعثر اتفاق الرياض في عدن، تشهد المدينة الجنوبية تصاعدا متسارعا في وتيرة الاغتيالات بحق ضباط ومسؤولين أمنيين وعسكريين، حيث بلغت حوادث الاغتيال في الأيام القليلة الماضية نحو 11 عملية اغتيال، بعضها فشل.