قبل عام تماما، وقّعت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين اتفاقاً في العاصمة السويدية "ستوكهولم" ونص أحد بنوده الأربعة على تبادل الأسرى والمختطفين بإشراف الأمم المتحدة.
اليوم، وبعد عام كامل، لم يفلح مارتن غريفيث وفريقه في الإفراج عن مختطف واحد! وكل ما نتج عن اتفاق السويد بشأن الاسرى، هو أنه أوقف صفقات التبادل بين طرفي النزاع عبر وسطاء محليين من زعماء القبائل لعدة أشهر.
الشيخ ناجي مريط، وسيط قبلي محلي ينتمي الى مديرية الحيمة غرب العاصمة صنعاء، يتحدث لـ"المصدر أونلاين"، عن جهوده في تيسير تبادل الأسرى منذ أواخر العام 2015 وكيف أعاقه اتفاق ستوكهولم وجمّد مساعيه لمدة 7 أشهر.
يقول الشيخ مريط إنه تمكن بالتعاون مع وسطاء آخرين منذ العام 2015 في الافراج عن نحو 2500 أسير ومختطف من طرفي النزاع بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي المسلحة، وفي ديسمبر 2018 كان على وشك انجاز صفقة كبيرة لكن توقيع اتفاق السويد أعاق جهوده، وامتنعت الأطراف عن التجاوب معه بحجة التزامها بالاتفاق وتنفيذ الإفراج عبر آليات الأمم المتحدة، "توقفنا لمدة سبعة أشهر حتى تمكنا من استئناف تنفيذ عمليات تبادل".
ونص اتفاق "ستوكهولم" الموقع في 13 ديسمبر 2018 على "اطلاق الأسرى والمختطفين من جميع الأطراف" وعقدت اجتماعات لاحقة لبحث الآليات التنفيذية في عمّان وتم خلالها تبادل قوائم الأسرى والمختطفين لعدد يقارب 15 ألف أسير ومختطف، لكنها تعثرت.
ليسوا جادين.. ليتعلموا من القبائل
يتحدث مريط للمصدر أونلاين، عبر الهاتف، ويقول: كنا تفاءلنا باتفاق ستوكهولم، وعرضنا مبادرتنا كوسطاء محليين للمساعدة في التنفيذ ونقل الاسرى والمختطفين بين الطرفين وتسهيل التبادل لوجستيا، لكن للأسف لم تبذل الأمم المتحدة الجهد والضغط الكافي لإنجاح هذا البند المهم من اتفاق السويد.
ويعتقد مريط أن السبب في تعثر الملف، هو أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لا يهتم بهذا الملف رغم قدرة الأمم المتحدة وامتلاكها وسائل ضغط كافية لإجبار الطرفين على تنفيذ الاتفاق، ويرى مريط أن تركيز غريفيث منصب على ما يخص الحديدة فقط في الاتفاق، ورغم ان ملف الحديدة معقد، الا أن الأمم المتحدة حققت تقدما فيه وأوقفت الحرب في المدينة، بينما ملف المختطفين أسهل بكثير لكن ليسوا مهتمين.
في الإحاطة التي قدمها غريفيث أمام مجلس الأمن في سبتمبر الماضي قال الوسيط الدولي ان ملف الأسرى معقد، أما في آخر إحاطاته في 22 نوفمبر المنصرم كان غريفيث قد تجاهل الأسرى والمختطفين، ولم يتذكرهم بكلمة واحدة.
ورغم نجاح مريط بمفرده في الإفراج عن 2500 أسير الا أنه قال إن فريق مبعوث الأمم المتحدة لم يتواصل معه مطلقا، ولم يتلق أي طلب للمساعدة من قبل أي منظمة أممية.
وقال الشيخ مريط: هم (الأمم المتحدة) يملكون وسائل قوية وفاعلة، وليسوا مثلنا قبائل ليس لدينا شيء سوى السعي الجاد للتخفيف من معاناة الالاف من الأسر التي تعاني كل يوم.
وتشير قدرة مريط وغيره من الوسطاء المحليين في ملف الأسرى والمختطفين الى عمق نفوذ الوساطة المحلية في المجتمع اليمني حتى في أحلك الظروف، وهذا يستند الى رصيد حافل للوساطة في اليمن وفاعليتها في حلحلة أعقد القضايا في البلد الذي يعاني بشكل مستمر من الحروب والصراعات.
وقال الشيخ مريط ساخرا "ان على الأمم المتحدة أن تدرس أساليب القبائل والوسطاء المحليين وتتعلم منهم"، مضيفا: عندنا نحن القبائل إذا احتكم الينا طرفا نزاع ووقعا اتفاقا فإننا نبقى ملزمين بتنفيذه، ونقوم بحشد كافة الضغوط على أي طرف يتلكأ في التنفيذ حتى يمتثل، وكذلك يجب أن تفعل الأمم المتحدة، وأن تحترم الاتفاقات التي توقع برعايتها.
مقايضة أسرى بمختطفين
وعن الانتقادات التي توجه للوسطاء المحليين بأنهم ينفذون صفقات تبادل تقضي بالإفراج عن أسير حرب من الحوثيين مقابل أن تفرج الجماعة المسلحة عن مختطفين اعتقلتهم الجماعة من منازلهم وأماكن أعمالهم بحجة أنهم موالون للحكومة قال مريط: ان نسبةْ من تم الإفراج عنهم بهذه الطريقة يصل الى 80% وهذا هو الواقع والمتاح للتخفيف عن الناس".
وتحتجز جماعة الحوثي الآلاف من المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتقايض بهم مقابل أسرى حرب لدى قوات الحكومة، وفي المقابل تبرر قوات الحكومة قبولها بهذه المقايضة لأن لديها الكثير من أسرى الحرب من عناصر الحوثيين، بينما يحتجز الحوثي آلافا من المواطنين وتشعر بالحاجة للإفراج عن من يعذّبون بتهمة انهم موالون لها او محسوبون عليها، بحسب ما قاله مصدر في لجنة تنسيق الاسرى التابعة للحكومة للمصدر أونلاين.
وتوفي العشرات في سجون الحوثيين بسبب المعاملة السيئة والتعذيب، كان آخرهم الموظف في وزارة الثقافة اليمنية خالد الحيث، الذي توفي في 20 نوفمبر الجاري وكان يعاني من مرض خطير في الكبد، لكنه تعرض للتعذيب ومنع من الدواء خلال 4 أعوام في سجون الحوثيين، وعندما سمحوا له بعملية جراحية كان الوقت قد أزف وفارق الحياة.
أسرى سعوديون
يكشف الشيخ ناجي مريط عن جانب من الدور الذي يقوم به ويتمثل في الوساطة بين السعودية والحوثيين لتبادل الأسرى الذين يتعرضون للأسر في المعارك على الحدود بين محافظة صعدة اليمنية (معقل الحوثيين) والسعودية.
وقال مريط إنه ساعد في الإفراج عن أسير سعودي لدى الحوثيين واستجاب الحوثيون لمساعيه مطلع العام الحالي، وفي المقابل ردت السعودية بإطلاق 7 من أسرى الحرب الحوثيين.
ولم يكشف الشيخ مريط عن تفاصيل إضافية عن وساطته بين السعودية والحوثيين فيما يخص أسرى الطرفين، لكنه أكد انه تلقى طلبا لتسهيل عمليات مماثلة وأنها قد تنجح قريبا.
بطل شعبي
ينظر الكثير من اليمنيين بإعجاب واحتفاء لما يقوم به الشيخ ناجي مريط وأمثاله ممن يقومون بترميم جراحات الحرب وآثارها ويعتبرونهم ابطالا شعبيين، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال كمية الثناء والدعاء الذي يغدقه عليه متابعو حسابه على فيسبوك من خلال التعليقات والتفاعل مع أي صورة ينشرها مريط لأسرى او مختطفين أثناء عملية التبادل التي ينسقها.
يقول مريط: لا أقوم بنشر كل ما أقوم به على حسابي بفيسبوك، لكنني أنشر بعضها، واقوم بدوري في مختلف الجبهات واشعر بالارتياح لما أقوم به، واني أقدم خدمة لبلدي وللناس، وأحصل على الكثير من الدعاء والثناء من قبل ذوي المختطفين وزوجاتهم وابنائهم.
المصدر أونلاين