جدل واسع بعد تكريم مسؤول أمني متورط بانتهاكات جسيمة باليمن

أثار تكريم قائد شرطة مدينة عدن، جنوب اليمن، شلال شائع، من قبل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية المعترف بها، جدلا وانتقادات واسعة، كون الرجل متهما بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وامتلاكه سجنا سريا في منزله بالمدينة الساحلية، وفقا لحقوقيين.


وأمس الأول الثلاثاء، نظمت فعالية  في عدن، باليوم العالمي لحقوق الإنسان، برعاية وزير حقوق الإنسان، محمد عسكر، جرى فيها تكريم اللواء شائع بدرع مقدم من الوزارة، ما طرح أسئلة عدة حول معنى التكريم من ناحية حقوق الإنسان، وأثره من الناحية القانونية.


"استهتار وإخلال"

 

من جهتها، قالت الناشطة والمحامية اليمنية، هدى الصراري، الحائزة على جائزة "أورورا" الإنسانية: "لم يحدث أن قامت وزارة حقوق الإنسان بتكريم جهة أمنية ضدها ادعاءات انتهاكات في حقوق الإنسان، بل صدرت بحقها العديد من التقارير الدولية من خبراء مجلس الأمن بالضلوع بانتهاكات تمس الحقوق والحريات ومصادرة الحق في الحياة".

 

وتابعت في تصريح خاص لـ"عربي21": "نحن لا نتكلم عن شخص بحد ذاته، بل شخص يمثل مؤسسة مخولة بحماية حقوق الإنسان، ويشوبها العديد من الادعاءات التي ينبغي أولا التحقيق فيها، ومحاسبة المنتهكين فيها".


ودعت الصراري وزارة حقوق الإنسان للقيام بمهامها ومسؤوليتها تجاه الضحايا، بالقدر ذاته الذي تسعى فيه للتكريم، بأن تكشف الانتهاكات، وتتحدث عنها بشكل صريح، وتحاسب المتورطين فيها، والذين تشير اليهم أصابع الاتهام على الأقل من ناحية إنسانيه كأي منظمة مجتمع مدني تقوم بمهامها الإنسانية.

 

وبحسب الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة "أورورا" لعام 2019، فإنه ينبغي على مؤسسات الدولة اليوم التشديد باتجاه "إعادة وجه الدولة، عبر القيام بمهامها الملقاة على عاتقها، والنأي عن المماحكات السياسية، والعمل بحياد وموضوعية، خاصة المؤسسات التي مهمتها حماية حقوق الإنسان".

 

كما حثت على السعي بـ"جعل الضحايا والمواطنين من أولويات اهتمامها في تطبيق القانون، وفرض النظام، وتطبيق المعايير الدولية في حقوق الإنسان.

 

ورأت المحامية الصراري أن هناك قانونا يسمى "قانون الأوسمة والنياشين".. وهو الذي ينظم المسائل المتعلقة بالتكريم من قبل الدولة والآثار القانونية المترتبة على ذلك.

 

وأضافت أن القانون حدد الجهة المعنية بمنح الأوسمة، وهي "رئاسة  الجمهورية"، معتبرة أن أي تكريم أو شهادة تمنح من أي جهة لا تعدو عن كونها أعمالا فردية ليس لها أي قيمة أو أثر قانوني.

 

لكنها هاجمت قيام وزير حقوق الإنسان، باعتباره الشخص الأول في الجهة المعنية بحقوق الإنسان بتكريم شخص له سمعه سيئة ومتهم بالعديد من الانتهاكات.

 

ووصفت الناشطة الصراري التكريم بأنه استهتار وإخلال بواجباتها القانونية، وبالرأي العام المحلي والدولي، وبحقوق الضحايا وذويهم الذين لا يزالون يعانوا حتى اليوم.

 

"شوه سمعة البلد"

 

من جانبه، انتقد السفير اليمني لدى منظمة الأمم المتحدة للتراث والثقافة "يونسكو"، محمد جميح، تكريم قائد شرطة عدن المقال، من قبل وزارة حقوق الإنسان.

 

وقال جميح في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر": كيف يجرؤ وزير حقوق الإنسان على تكريم شلال شائع، الذي ورد اسمه بتقرير لجنة الخبراء الأممية مرتبطا بجرائم اغتيال وقتل بعدن؟

 

كما تساءل أيضا: "كيف يشوه الوزير سمعة بلاده دوليا؟ وكيف سيكون ذا مصداقية لدى المحافل الدولية بعد ذلك؟".


وواصل السفير اليمني لدى يونسكو تساؤلاته قائلا: "هل الشرعية التي أقالت شلال هي الشرعية التي كرمته؟".

 

ولم يصدر أي تعليق رسمي من قبل وزير حقوق الإنسان، حول التكريم، إلا أنه هاجم السفير جميح ردا على تغريدته بهذا السياق.


"عسكر يهاجم"

وقال الوزير محمد عسكر في تغريدة بموقع "تويتر" متسائلا: كيف يمكن إقناع سعادة سفير محترم نعزه ونقدره أن من أبجديات عمله الدبلوماسي أن هناك قنوات رسمية يمكن من خلالها الإجابة عن أي تساؤلات مشروعة أو غير مشروعة؟


وتابع الوزير: "كيف يمكن الحفاظ على قيم الدولة في أذهان الناس إذا مزقت أوردتها على يد بعض رجالها، لهثا وراء جموح زائف".

"كارثة"


بموازاة ذلك، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبدالرقيب الهدياني، أن التكريم يعد " كارثة بكل المقاييس".

 

وقال في تصريح خاص لـ"عربي21" إن وزير حقوق الإنسان، الذي ينتمي لمحافظة الضالع، جنوبا، وهي المنطقة التي يتحدر منها قائد شرطة عدن، شائع، قام بـ".. خدمة أخيرة للأخير" كونهما ينتظران الإطاحة بهما من منصبيهما، وفقا لاتفاق الرياض الموقع بين الحكومة وما يسمى "المجلس الانتقالي" المدعوم إماراتيا.

 

وتساءل قائلا: "كيف تمنح وزارة حقوق الإنسان شهادة لمدير أمن أسوأ محافظة شهدت من الكوارث والاغتيالات والاعتقالات والسجون السرية والعبث ما لم تشهده محافظة يمنية أخرى تاريخيا".


وأضاف أنه خلال أسبوع، شهدت عدن وحدها 12 عملية اغتيال ضد مسؤولين أمنيين وعسكريين ومواطنين.

 

وعدّ الهدياني التكريم بأنه يأتي في إطار مجاملات بين شخصين ينتميان لمنطقة واحدة.

 

ويعد اللواء، شلال شائع، الذي يعمل قائدا لشرطة عدن منذ كانون الثاني/ ديسمبر 2015، من القيادات التابعة لما يسمى "المجلس الانتقالي" والموالية للإمارات، الذي لعب دورا بارزا في التمرد الأخير الذي قاده المجلس مطلع آب/ أغسطس الماضي.

 

كما يرتبط اسم شلال بأكثر الانتهاكات الجسيمة من الاعتقالات والسجون السرية، حيث يمتلك سجنا خاصا في منزله، أوردته تقارير منظمات حقوقية، فضلا عن فريق الخبراء الأمميين التابع لمجلس الأمن، في الأشهر الماضية.