هذا بحث استقصائي، والمصادر منشورة في الصحافة العالمية أو مما نعرفه كلنا عما يدور في اليمن.
سنتنقل بين مآسي الصومال واليمن، والصراع القطري الإماراتي في البلدين حتى نصل إلى مدينتي تعز.
وقد احتجنا إلى الاقتراب من مواضيع وتركيا وإيران عندما يقتضي الأمر.
1- تسريب مكالمة المُهنَّدي وسفير قطر
سنبدأ بالمكالمة المثيرة التي نشرتها النيويورك تايمز- قبل ستة أشهر في 22 يوليو 2019- بين خليفة قائد المهندي وسفير قطر في موقاديشو عاصمة الصومال، حسن بن حمزة بن هاشم، عن حادثة تفجير ميناء بوساسو الذي تديره الإمارات والذي تم قبلها بأسبوع.
المكالمة بين المهندي وسفير قطر، تمت في 18 مايو وحادث تفجير ميناء بوساسو تم قبل المكالمة بأسبوع.
الذي سرب المكالمة للنيويورك تايمز هم جهاز استخباري معادي لقطر لم يكشفوا عن إسمه.
قال المهندي:
"نحن نعرف من الذي قام بحادثة التفجير في الميناء"
"أود أن أطمئنك بأن أصدقاءنا هم من فجروا في ميناء بوساسو"
"الغرض من التفجير هو طرد أبو ظبي وكل مشاريعها من الصومال"
"وأنا معي تواصل مع شخص مهم من أقرباء الرئيس وسينقل عقد امتياز إدارة الميناء من شركة موانئ أبو ظبي لصالح الدوحة".
حكومة قطر، أصدرت بيانا، تقول فيه:
"المهندي، مسؤول عما قاله في التليفون، وهو كان يعبر عن رأيه هو، وأن هذا لا يمثل مبادئ حكومة قطر".
-
عندما سألوا المهندي عن هذه المكالمة، لم ينكرها وقال بأنه مجرد رجل أعمال متقاعد وكل الصوماليين هم أصدقاء له.
وقال المهندي بأن علاقته بالسفير بن هاشم هي علاقة صداقة عادية فقط ومن أيام المدرسة.
ولم ينكر المهندي بأن المكالمة قد جرت بينه وبين السفير ولا شكك في محتواها.
وعندما سألوا سفير قطر- حسن بن حمزة بن هاشم- في موقديشو عما دار في المكالمة، فإنه لم يحتج ولم يشكك في حدوث المكالمة ولا محتواها بل وزاد قال بأن "الهدف من من حادثة التفجير هو إخراج الإمارات من الصومال"
2- من هو المهندي؟
المعلومات عن المهندي، قليلة جدا في وسائل الإعلام العالمية وفي مواقع الإنترنت ولا يتم نشر أي شيئ عنه في مواقع الأخبار القطرية مما يضفي عليه الغموض ويثير التساؤلات عن الدور الهام الذي يقوم به لإدارة الملفات والمخططات السرية لقطر
موقع العربية، يقول بأنه ضابط مخابرات قطري يعمل متنكرا كرجل أعمال.
النيويورك تايمز، تصف المهندي بأنه مساعد مقرب للأمير تميم بن حمد آل ثاني حاكم البلاد.
المهندي، كان ضمن مرافقي الأمير تميم أثناء زيارته لأندنوسيا في يونيو الماضي، طبقا لما أذاعته محطة صوت إندنوسيا.
في 2017، صحيفة التلغراف التونسية عرَّفت المهندي بأنه "رجل المخابرات في قطر".
واتهمت المهندي في تقريرها بأنه يستعمل تونس كمركز لعملياته لدعم الميليشيات الإرهابية في ليبيا، تحت غطاء أنه رجل أعمال ومستثمر في المشاريع السياحية جنوب غرب تونس في توزير
Tozeur
وأنه يحول الأموال إلى ليبيا من حسابه في العاصمة تونس إلى مقاطعة تيتاوين الجنوبية Tataouine
3- صراع قطر والإمارات في الصومال
أ- ابتدأ- في 2012- بدخول الإمارات بمكافحة القراصنة الصوماليين ثم طوروا نشاطهم بأعمال ضد تنظيم الشباب المرتبط بالقاعدة وداعش أو الدولة الإسلامية.
ب- وبمرور الوقت، أنشأ الإماراتيون حلقة كبيرة مكونة من العشرات من الموانئ التجارية والقواعد العسكرية في المنطقة المحيطة بخليج عدن والقرن الأفريقي ومن بينها قاعدة عسكرية عظمي في ميناء عصب الإريتري الذي يستعمل بكثرة في شن عملياتها الحربية داخل اليمن
ج- كانت الإمارات متواجدة بقوة داخل العاصمة موقديشو، وكانت مسؤولة عن إنشاء وتدريب وتمويل العديد من فرق الأمن والجيش التابع للحكومة الصومالية.
(انظر الصورة لمعسكر إماراتي تدرب فيه جنود صوماليين في موقاديشو، تحت صورة ولي عهد الإمارات ورئيس الصومال في 2017).
ولكن حدثت دراما كبيرة في أبريل 2018، عندما استولت السلطات الصومالية على مبلغ 9,6 مليون دولار نقدا على متن طائرة إماراتية حطت في مطار موقديشو.
الإماراتيون قالوا بأن المبلغ الكاش إنما هو لدفع مرتبات الجنود الصوماليين.
لكن الحكومة الصومالية، قالت بأن هذه الأموال وصلت لشراء مراكز قوى وإنشاء بؤر نفوذ ولزعزعة استقرار البلاد.
(قارن هذا الطرح الصومالي وأعمال الإمارات بما يحدث في اليمن من مكونات المجلس الانتقالي وميليشيا النخب والأحزمة الأمنية).
وتم طرد الإمارات من موقاديشو.
وكانت هذه ضربة كبرى للشيخ طحنون بن زايد وهو رجل المخابرات القوي جدا المسؤول عن التمدد الإماراتي في اليمن القرن الأفريقي و"غرب السويس" وصولا إلى ليبيا وتونس.
د- قطر تقفز إلى موقديشو
انطردت الإمارات من موقاديشو وحلت محلها قطر بعد القبض على الحقيبة المليئة بالدولارات.
قدمت قطر 385 مليون دولار مساعدات لحكومة موقاديشو
وفي يناير الماضي أرسلت قطر 68 عربة مدرعة من مصنع صهير الأمير تميم في الدوحة.
(نعم الصهير معه مصنع تجميع عربات مدرعة في عاصمة قطر، وتستخدمها قطر كمعونات لبسط نفوذها في أماكن عديدة من العالم وصولا إلى تشاد ومالي).
4- الإمارات تلعق جرحها وتقفز إلى البونتو وأرض الصومال
5- وبعد قطر قفزت تركيا إلى موقديشو
في عام 2017، افتتحت تركيا قاعدة عسكرية عظمى في موقديشو.
وتغدق على الصومال بالمساعدات السخية والمنح الدراسية وتبسط نفوذا عظيما عليها بالقوة الناعمة.
نفس الشيئ تقريبا في ليبيا، تتصارع قطر والإمارات هناك.
ونفس الشيئ تقريبا تدخل تركيا، قبل وبعد قطر في أي مكان ولكنهما دائما معا.
ونفس الشيئ تقريبا، يكون هناك دور ما- صغير أو كبير- للسعودية أو مصر بنسب متفاوتة في صف الإمارات.
6- المجتمع الدولي
وروسيا تدخل هنا وهناك بحسب مصلحتها المباشرة وبغرض طرد النفوذ الأوروبي والأمريكي وبغرض الانتقام من كل الغرب على مقاطعتهم الاقتصادية لها بسبب احتلالها لجزيرة القرم وتدخلها في شؤون أوكرانيا.
أما دول أوروبا ومعهم أمريكا، فهم في حالة ضياع ويقولون الشيئ وضده في كل مكان.
6- قطر وتركيا
تركيا، هي حامية قطر العسكري المؤكد رقم 1
وقطر، تضخ عشرات المليارات داخل تركيا اعترافا بالجميل
7- الإمارات وتركيا
تركيا، تتهم الإمارات بتمويلها للانقلاب ضد أردوغان وبأنها هللت من أول لحظة للانقلاب وزودته بغطاء إعلامي دعائي كبير.
والإمارات، تعادي تركيا ضمن عداءها العام للإخوان المسلمين
8- قطر وإيران
أ- إيران، زودت قطر بجسر جوي يومي من الغذاء الإسعافي عندما قاطعتها السعودية والإمارات.
ب- إيران، فتحت مجالها الجوي لقطر عندما حجبت السعودية والإمارات أجواءهما
ج- إيران وقطر، تتشاركان بأعظم حقل غاز في العالم.
د- قطر، تقول- على لسان وزير خارجيتها- بأن إيران دولة عظمى في المنطقة ولها الحق في ممارسة النفوذ والاستيلاء على المصالح.
(ترجم هذا وفسره كما شئت)
هـ- قطر، تقول- على لسان وزير خارجيتها- بأن الحوثيين لهم الحق بالمشاركة في حكم اليمن.
(ترجم هذا وفسره كما شئت، فهم لم يشرحوا لنا إن كان هذا بقوة السلاح ودعم إيران أو بصورة مساوية لغيرهم من اليمنيين)
و- قطر، لا يمكن أن تتخذ موقفا في اليمن معارضا بصورة جذرية لموقف إيران.
9- الإمارات وإيران
أ- الإيرانيون، يدخلون الإمارات بدون فيزا أو أي تأشيرة
ب- هناك استثمارات ضخمة إيرانية في الإمارات
ج- الإمارات، تعتبر الرئة التي تتنفس منها إيران تحت "الضغط الأقصى" الأمريكي
د- الإمارات، هي المنفذ التي تهرب منه إيران النفط إلى الحوثيين في اليمن بقيمة 30 مليون دولار شهريا.
هـ- الإمارات، هي المنفذ الرئيسي لغسيل أموال فساد الحوثيين، ويأتي بعدها دولة عُمان.
و- الإمارات، تخاف من إيران أكثر من أي مكان في العالم
ز- الإمارات، لا يمكن أن تتخذ موقفا معارضا بصورة جذرية لموقف إيران في اليمن
10- تعز وقطر والإمارات
الدافع لهذا البحث الاستقصائي، هو توضيح وضع ما يحدث في تعز هذه الأيام.
قطر، تمول إنشاء معسكر في يُفرس تحت شعار تجميع العائدين من حدود السعودية.
وتحت إسم المقاومة المجيدة التي اندلعت في تعز أول يوم من عاصفة الحزم السعودية ضد انقلاب الحوثي/صالح.
وأكيد بأن هذا المعسكر في يفرس، هو ضد مخططات المخابرات الإماراتية ورجلها القوي طحنون بن زايد.
وأكيد أيضا، بأن هذا المعسكر في يفرس، هو من أعمال وأفكار رجل المخابرات القطري المهندي (أو أي شخص مثله في نفس الإدارة).
وأكيد، بأن اليمن في محنة كبرى مثلها مثل الصومال وليبيا وأن هذا المأساة والمحنة تزداد حدة وسوء بسبب مخابرات قطر والإمارات.
قطر والإمارات، تخسران حفنة من الدراهم والريالات والدولارات، وهذه البلاد المسكينة تخسر الأرواح والجراح والدماء والخراب والدمار.
وأنا من الذين لا يستطيعون أن يفهموا أبدا حاجة هذه البلاد الشابعة الغنية باللعب والتلاعب بتلك البلاد الفقيرة الجائعة.
لم أتقبل أبدا بأنهم يريدون المزيد من المصالح والدولارات على حساب هؤلاء البؤساء.
الطريقة الوحيدة لفهمهم- وأعترف بأنها مجنونة- هي أن قطر والإمارات قد أصبحتا حالة مرضية مستعصية من الحقد والحسد والغيرة والمكايدة العبثية الغير مفهومة التي تتسبب في خراب ودمار البلدان المجاورة والبعيدة، ومنها اليمن.
ولا هم لكل من قطر والإمارات، إلا طرد إحداهما للأخرى من أي مكان.
وبالله عليكم دعونا من مسائل الشعارات والرطانات والعروبة والقومية والهوية والإسلام.
11- رسالة إلى أهل تعز.
هذا هو الوضع كما هو عاريا، كما خلقه أرحم الراحمين.
هل تريدون أن تكونوا أذنابا لهذه أو تلك المخابرات؟
هل تريدون أن تبيعوا رصيدكم وسمعتكم من أجل حفنة من الدراهم والريالات؟
هل تريدون أن تصبحون مسرحا لصراع أجهزة المخابرات؟
هل تظنون، بأنكم ستضحكون على قطر والإمارات تحت باب "دفع الناس لبعضهم البعض".
أنا أقول بأننا في محنة عظيمة ولسنا بحاجة للمزيد من المغامرات.
عبدالقادر الجنيد
14 ديسمبر 2019