خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين ومطلع ديسمبر الجاري نفذ مسلحون ملثمون 7 عمليات اغتيال استهدفت قادة في الجيش والأمن ثلاثة منهم ضباط في البحث الجنائي بمراكز شرطة البريقة والمنصورة وحي العريش في مديرية خورمكسر.
وتثير طبيعة العمليات الأخيرة السؤال حول أسباب الاستهداف لضباط معينين في الجهاز الأمني.
ويقول مصدر أمني مطلع، شدد على عدم ذكر اسمه خوفاً على حياته، إن المسلحين الملثمين الآن انتقلوا من مرحلة استهداف أئمة وخطباء المساجد إلى مرحلة جديدة تستهدف بدرجة رئيسية ضباط البحث الجنائي في مراكز الشرطة داخل مدينة عدن.
واتهم المصدر مباشرة ضباطاً في القوات الإماراتية بالوقوف وراء هذه العمليات لمسح آثار الجرائم السابقة، وقال إنهم أوكلوا لقيادات في ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي ملف التعامل مع ضباط البحث الجنائي وضباط الأمن الآخرين الذين اطلعوا على عمليات الاغتيال في المدينة والتعذيب في السجون السرية.
وأضاف للمصدر أونلاين قائلاً إن بعضاً ممن باتوا ضمن قائمة المستهدفين ضباط موالون للإنتقالي، فضلاً عن آخرين تخشى القيادات الإماراتية والمتورطة في ملفات الاغتيالات والتعذيب في السجون السرية من كشفهم نتائج أي تحقيقات سابقة في بعض حوادث الاغتيال التي تم إخفاء نتائجها بفعل الضغوطات التي يمارسها قيادات الانتقالي وتحديداً هاني بن بريك، إلى جانب تغوّل وتعاظم نفوذ الفصائل الموالية لأبو ظبي في الأجهزة الأمنية في المدينة الساحلية.
وحسب المصدر الأمني، يبرز الدافع خلف هذه الخطوة في أن هؤلاء الضباط يمكن أن يتلقوا دفعة قوية خلال الفترة القادمة التي من المحتمل أن تشهد دمج الأجهزة الأمنية أو أن تستقطبهم قوى أخرى لاستخراج المعلومات التي بحوزتهم.
واستطرد: يسعى الإماراتيون بالفعل للتخلص من أي آثار أو عوامل أو أسباب يمكن أن تدفع بهم صوب الملاحقة القانونية في حالة تجدد الصراع مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، كما أن أبو ظبي ترغب في التخلص من الكلفة الإنسانية وسمعتها بسبب جرائم ارتكبها ضباط إماراتيون وآخرون من حلفائهم المحليين بحق المدنيين والمعارضين في جنوب اليمن، وبالتالي فهي تسابق الوقت لإنجاز ملف ضباط البحث الجنائي.
وأشار المصدر إلى أن بعض عمليات الاغتيال التي استهدفت مدنيين في إطار دوافع للسرقة في حين نتج بعضها عن خلافات شخصية.
حصاد الاغتيالات
منذ أواخر شهر أكتوبر وشهر نوفمبر وحتى مطلع ديسمبر قُتل 8 مدنيين و5 ضباط ثلاثة منهم في جهاز البحث الجنائي ورابع يحمل رتبة عقيد في الحزام الأمني.
في ال29 من سبتمبر الفائت عثر سكان محليون في حي سكني يقع قبالة خط كورنيش الرئيس الأسبق قحطان الشعبي شرق عدن على جثة شاب عشريني ملفوفة داخل كيس بلاستيكي في سيارة نوع" باص" وكانت مصادر محلية قالت لـ"المصدر أونلاين" إن الشاب يحمل بطاقة جامعية صادرة من كلية المجتمع في دار سعد.
وحتى الآن لم تصل أجهزة الأمن في المدينة لأي نتائج فيما يخص الحادثة.
في الـ8 من أكتوبر من نوفمبر الماضي اعترض مسلح سيارة "خالد دعدع" بالقرب من محطة الذيباني في حي السلام بخور مكسر، هذا الأخير هو مدير مطاعم الحمراء الواقعة على الطريق الرابط بين مديريتي "خور مكسر" و"المعلا" شرقي ووسط عدن.
تحت تهديد السلاح أمر المسلح الذين كان يملك سلاح كلاشنكوف "دعدع" بالترجل من على متن السيارة التي كان يقودها ثم بدأ يطلق النار عليه بشكل مباشر بينما كان القتيل يصرخ طالباً النجدة.
بدت الجريمة أكثر جرأة في ملف عمليات القتل والعنف في عدن هذه المرة، لأن المسلّح الذي نفذ العملية كان كاشفاً وجهه كما أن الموقع الذي وقعت فيه الحادثة كان مكتظاً بالسكان إضافة إلى أن الوقت لم يكن متأخراً إذ كان الكثير من السكان مايزالون خارج منازلهم.
بعد أيام من الواقعة قالت مصادر إن عملية قتل مدير مطعم الحمراء في عدن كانت ناتجة عن خلافات شخصية بين "دعدع" والقاتل الذي كان على معرفة بالقتيل.
وبعد 24 ساعة من حادثة اغتيال مدير مطعم الحمراء، في الـتاسع من أكتوبر أقدم مسلحون مجهولون ملثمون على قتل سائق شاحنة نقل ونهب بعض مقتنياته وبضاعة كانت على متن الشاحنة.
وبحسب مصادر خاصة لـ"المصدر أونلاين" اعترض مسلحون المواطن محمد ثامر وهو ينتمي إلى محافظة في شمال البلاد ثم أنزلوه تحت تهديد السلاح بالقوة من على الشاحنة وقتلوه بعد ذلك.
وتقف دوافع السرقة خلف هذه الجريمة إذ أن القتيل من خارج المحافظة وليس له أي خلافات شخصية في المدينة لكن المسلحين لاحظوا البضاعة التي تحملها الشاحنة ورتبوا للعملية.
في ال13 من أكتوبر عثرت قوات الأمن على جثة عقيد في الحزام الأمني مقتولًا في حي الصولبان في مديرية خور مكسر شرق عدن، والقتيل هو العقيد فضل محسن الشبحي رئيس دائرة التوجيه الفني في اللواء الثالث دعم وإسناد التابع للحزام الأمني المدعوم إماراتياً.
العقيد الشبحي عُثر على جثته في أحد الأحواض وهو مضرج بالدماء بينما نهبت سيارة نوع" طقم " تابعة له كان يقودها وسلاح شخصي وأموال، في حين ذكرت مصادر محلية لـ" المصدر أونلاين" أن الشبحي كان مختفيًا منذ يومين قبل مقتله.
وفي الـ17 من أكتوبر اغتال مسلحون مجهولون شاباً في العقد الثالث من عمره داخل سيارته ثم أضرموا النار بداخلها في جريمة مزدوجة هي الأولى من نوعها في المدينة.
في الـ30 من أكتوبر اغتال مسلح مجهول شاباً في العقد الثاني من عمره أمام منزله في حي العريش الواقع في مديرية خورمكسر شرق عدن، وبحسب مصادر محلية في حي العريش، فقد صوب أحد المسلحين رصاصتين ناحية قلب الشاب محمد الكشميمي وثالثة صوب رأسه ما أدى إلى مقتله في الحال.
والحادثة تمثل جرأة بالغة في تنفيذ عمليات الاغتيال إذ نفذت أمام أطفال كانوا يلعبون بالقرب من منزل الضحية وعلى بعد أمتار قليلة من منزل القتيل وهي إحدى العمليات القلائل التي تُنفذ أمام منازل الضحايا أنفسهم، وحتى الآن لم تتضح دوافع الحادثة لكن سكان محليين في العريش على اطلاع ومعرفة بأسرة الشاب الكشميمي قالوا لـ"المصدر أونلاين" إن والد الشاب ليس لديه أي مشاكل ثأر أو خلاف تستدعي القتل.
وتلقت قضية الشاب الكشميمي ضربة رديفة بعد مقتل المقدم "سالم لهطل" مدير البحث الجنائي في مركز شرطة العريش وهو الذي استلم ملف التحقيق في قضية الشاب الكشميمي في الـ4 من ديسمبر الجاري.
وفي الـ3 من نوفمبر الماضي اغتال مسلحون ملثمون العقيد "جمال الصبيحي" وهو ضابط تحري يحمل رتبة عقيد في شرطة مديرية البريقة غربي مدينة عدن.
وفي الأول من ديسمبر اطلق مسلحون ملثمون النار على المقدم "صلاح حجيلي" وهو مدير البحث الجنائي في شرطة مديرية المنصورة في قلب المدينة.
وفي الـ2 من ديسمبر الجاري اغتال مسلحون ملثمون شاباً في مديرية الشيخ عثمان شمال عدن وهو مجند في إحدى الفصائل المسلحة في جبهات الساحل الغربي للبلاد.
وفي الخامس من ديسمبر نجا مدير دائرة الرقابة والتفتيش في وزارة الدفاع من محاولة اغتيال شمال شرق عدن.
وبعيد 48 ساعة من محاولة اغتيال فاشلة استهدفت عقيداً بارزاً في الجيش، اغتال مسلحون ملثمون يقودون دراجة نارية في الـ7 من ديسمبر العقيد "محمد صالح" مدير القوى البشرية في قوات الدعم والإسناد التابعة للحزام الأمني قرب مسكنه في مديرية المنصورة شمال عدن.
ولم تمض ساعات فقط حتى اغتال مسلحون مجهولون الجندي في قوات خفر السواحل مصطفى منصور، قبالة مجمع الحجاز مول التجاري في مديرية المنصورة، والقتيل ينتمي لردفان وهي المنطقة ذاتها التي ينتمي لها العقيد محمد صالح الذي كان اغتيل قبله.
وفي الـ8 من ديسمبر عثر سكان محليون في حي إنماء غرب عدن، على جثة زوجين داخل شقتهما وعليهما آثار طلقات رصاص في الصدر والرأس دون تحديد ما إذا كان الزوجين قُتلا على يد مجهول أم أنهما انتحرا، إذ قالت رواية في الحي إنه يعتقد أن الزوج قتل زوجته ثم قتل نفسه بعدها دون تأكيد هذه الرواية.